مقدمة.
أولاً: لمحة موجزة عن تطور قانون الشركات.
لقد وجدت الشركة التجارية في كل الأزمان و عند كل الشعوب و لكن مفاهيمها اختلفت من عصر إلى آخر تبعاً لتطور المجتمع، فإذا استعرضنا تاريخ الشركات التجارية نجد أن نظام الشركة قد عرفه البابليون و نظمه قانون "حامورابي"،و نكتفي بالرجوع إلى القانون الروماني للبحث عن أصول الشركة الحديثة ،إذ أشار هذا القانون إلى بعض القواعد المتعلقة بحصص الشركاء ،و توزيع الأرباح و موضوع الشركة،لكن عقد الشركة في القانون الروماني كان عقداً رضائياً مثله مثل عقد البيع و الإيجار و ينظم العلاقة بين أطراف عقد الشركة أنفسهم دون أن ينشأ عنه شخص معنوي مستقل عن شخص الشركاء، و في العصور الوسطى بدأت فكرة الشخصية المعنوية في الظهور نتيجة ازدهار التجارة في الجمهوريات الايطالية.
و كانت فكرة شركات الأشخاص أسبق في الظهور من شركات الأموال حيث تكونت شركات التضامن و استقرت خصائصها ،كما ظهرت شركة التوصية البسيطة و مفهومها أن يقدم المالك الذي يريد أن يوظف أمواله في التجارة إلى تاجر مؤهل و يبرم معه عقداً يقوم التاجر بمقتضاه باستثمار و استغلال هذه الأموال في التجارة ثم توزع الأرباح بينهما، غير أن الشخص الذي قدّم المال لا يُسأل عن الخسائر إلا في حدود هذا المال.أما عن شركات المساهمة فإن نشأتها بدأت في القرنين الخامس عشر و السادس عشر و ذلك بسبب الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة لاستثمار المستعمرات، لأن شركة المساهمة تعتبر أوضح صورة للنظام الرأسمالي الحر و أهم شكل تتبناه المشروعات الكبيرة، و بصدور قانون التجارة الفرنسي لسنة 1807 الذي اقتصر على تنظيم الأحكام العامة للشركات و تحديد أنواعها، فنص على كل من شركات التضامن و التوصية ثم أضاف شركة المحاصة ،أما الشركات الهامة فقد تم تنظيمها بموجب قوانين خاصة كتنظيم قانون 24 جويلية 1867 لشركات المساهمة، و تنظيم قانون 25 مارس 1925 للشركات ذات المسؤولية المحدودة، و في بداية القرن العشرين و خاصة عند نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ يظهر أن الأحكام المتعلقة بالشركات قد تجاوزها الزمن بسبب التقدم في الميدان التجاري، هذا ما دفع بالمشرع الفرنسي إلى إجراء تعديلات كثيرة على الأحكام السابقة،فصدر في فرنسا القانون رقم 66-537 الصادر في 24 جويلية 1966 المعدل و المتمم بموجب المرسوم رقم 67- 236 الصادر في 23 مارس 1967 ،و هذا القانون قد اشتمل على مجمل الأحكام التي تنظم الشركات التجارية ملغياً بذلك كل الأحكام السابقة.
ثانياً : الشركات التجارية في القانون الجزائري.
تأثر المشرع الجزائري عند تنظيمه للشركات التجارية بقانون الشركات الفرنسي الصادر في 1966 السالف الذكر في كل الأحكام، و قد خصص المشرع لموضوع الشركات التجارية الكتاب الخامس من الأمر 75-59 و ذلك في المواد من 544 إلى 842 من القانون التجاري، و كان هذا الأمر يقتصر على ثلاثة أنواع من الشركات: شركات التضامن، المسؤولية المحدودة و المساهمة، و بتطور قانون الشركات خلال التسعينات لجأ المشرع إلى تعديل القانون التجاري بقوانين لاحقة أهمها المرسوم التشريعي رقم 93-08 المؤرخ في 25 أفريل 1993 ،حيث أدخل المشرع أنواع أخرى من الشركات و هي : شركة التوصية بنوعيها : البسيطة و بالأسهم و كذا شركة المحاصة، بالإضافة إلى ذلك فإن المشرع الجزائري قد أجرى تعديلات و تثمينات هامة على كل من شركتي المساهمة و المسؤولية المحدودة ،و بالنسبة لهذه الأخيرة فقد تممها بموجب الأمر 96-27 حيث اعترف بما يسمى بالشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد،و بهذا أصبح القانون التجاري يعرف أنواع مختلفة للشركات تتمثل في خمسة أنواع بحسب الشكل ،و واحدة بحسب الموضوع (المادة 544 من القانون التجاري الجزائري).
و تبعاً للتقسيم التقليدي للفقه يمكن رد هذه الأنواع الستة من الشركات إلى قسمين رئيسيين و هما :
شركات الأشخاص و شركات الأموال،بالنسبة لشركات الأشخاص تركز في تكوينها أساساً على الاعتبار الشخصي و النموذج الأمثل لهذه الشركات هو شركات التضامن، أما شركات الأموال فتتميز ببروز أهمية رأس المال و عدم ارتباط هذه الشركة بالثقة بأشخاص الشركاء، كما تخضع لمبدأ حرية تداول الأسهم، و هناك بعض الشركات التي تتوسط بين النوعين و من ثمَّ فتكون لها طبيعة مختلطة تأخذ بالاعتبار المالي و الشخصي،و من هذه الشركات:شركة المسؤولية المحدودة و شركة التوصية بالأسهم.
ثالثاً: مصادر أحكام الشركات التجارية.
تجد جميع الشركات التجارية مصادر أحكامها في القوانين التالية:
1-القواعد العامة التي تنظم عقد الشركة في المواد من 416 إلى 449 من القانون المدني، مع ملاحظة أن هذه المواد لم يمسها التعديل باستثناء المادة 416 التي تعرف عقد الشركة؛
2-الأمر رقم 75-59 الذي يتضمن القانون التجاري المعدل و المتمم بالقوانين التالية:
أ-المرسوم التشريعي 93-08 المؤرخ في 25 أفريل 1993 المعدل و المتمم للأمر 75-59 المتضمن القانون التجاري؛
ب-المرسوم التنفيذي 95-438 المؤرخ في 23 ديسمبر 1995 يتضمن تطبيق أحكام القانون التجاري المتعلقة بشركات المساهمة و التجمعات؛
ج-الأمر رقم 96-27 المؤرخ في 9 ديسمبر 1996 المعدل و المتمم للأمر 75-59 المتضمن القانون التجاري؛
و على أساس هذا التقديم فإن موضوع الشركات التجارية يتطلب لدراسته قبل كل شيء دراسة الأحكام العامة للشركات مدنية أو تجارية،خاصة و أننا نعلم بأنه يجب الرجوع إلى هذه الأحكام عند عدم وجود نص خاص في القانون التجاري،ثم نتناول شركات الأشخاص و شركات الأموال، و أخيراً الشركات التي تتوسط الاثنين: كالتوصية بالأسهم،و ذات المسؤولية المحدودة.
الباب الأول: الأحكام العامة للشركات التجارية.
وردت الأحكام العامة للشركات في القانون المدني،و تسري هذه القواعد على الشركات بصفة عامة و الشركات المدنية بصفة خاصة،و لا تطبق على الشركات التجارية إلا فيما لا يخالف القوانين التجارية و العرف التجاري،هذا ما نصت عليه صراحة المادة 449 من القانون المدني و نصها" لا تطبق مقتضيات هذا الفصل على الشركات التجارية إلا فيما لا يخالف القوانين التجارية و العرف التجاري".
و تعرف المادة 416 من القانون المدني(المعدلة و المتممة بموجب القانون رقم 88-14 الصادر في 16 ماي1988)،تعرف الشركة كما يلي:" الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج،أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة،كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك"؛
و بهذا المفهوم لعقد الشركة نجد المشرع قد وسّع من مفهومها،فالشركة بالمفهوم الجديد ليس فقط تأسيسها لتحقيق الربح و لكن بهدف تحقيق هدف اقتصادي لمنفعة مشتركة،و هذا ينطبق أكثر على ما أدخله المشرع من موضوع التجمعات التي تتأسس بهدف تسهيل النشاط الاقتصادي لأعضائها أو تطويره،و قد نقله المشرع الجزائري عن القانون الفرنسي الذي أدخله بموجب الأمر 67-821.
و يقتضي كون الشركة عقداً أن تكون له الأركان المعروفة و هي: التراضي،المحل،السبب و الأهلية،بالإضافة إلى وجود أركان موضوعية خاصة و أخرى شكلية،غير أن عقد الشركة يختلف عن باقي العقود فيما يلي:
1-ينبثق عنه شخص معنوي: و ذلك أن الحصص المقدمة من الشركاء تكون في مجموعها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء؛
2-عقد محدد: حيث أوجب المشرع أن يحدد عقد الشركة،شكلها،مدتها،عنوانها،اسمها،موضوعها،رأس مالها و مركزها ( المادة 546 من القانون التجاري)؛
3-أنه من عقود المعاوضة الملزمة لجميع أطرافه: فكونها عقد معاوضة فإن كل شريك يقدم حصة مقابل الحصول على أرباح، أما كونها ملزمة لجميع أطرافها يتجلَّى في أن كل شريك يلتزم نحو شريكه ،كما أن هذه الأخيرة تلتزم نحو كل شريك بالتزامات معينة؛
4-أنه عقد شكلي: تنصهر فيه المصالح من أجل تحقيق غاية معينة،و هذه الشكلية هي التي تجسد إرادة الشركاء.
و نظراً لهذه الخصائص التي يتميز بها عقد الشركة عن غيره من العقود فإن دراسته سوف تكون منصبة على: تكوين هذا العقد من حيث الأركان الموضوعية العامة و الخاصة ، الشكلية و الآثار التي تترتب على نشوء هذا العقد صحيحاً(الشخصية المعنوية)،و الأسباب العامة لانقضاء هذا العقد و كذلك الآثار التي تترتب على عدم صحة هذا العقد (أي البطلان).
الفصل الأول: أركان الشركة.
إن عقد الشركة كسائر العقود يتطلب توافر أركان العقود بصفة عامة، غير أن عقد الشركة بالإضافة إلى ذلك يتطلب وجود أركان خاصة مستخلصة من المادة 416 من القانون المدني السالفة الذكر،كما يتطلب وجود شكلية نصت عليها المادة 417 من القانون المدني"تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً معنوياً غير أن هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر التي ينص عليها القانون".
*و إذا كانت الشركة عقداً في علاقة الشركاء فإنها بالنسبة للغير تعتبر شخصاً معنوياً.
المبحث الأول: الأركان الموضوعية العامة.
أولاً : التراضي: يشترط لانعقاد عقد الشركة وجود رضا الشركاء ،و يشترط في هذا الرضا أن يكون صحيحاً خالياً من العيوب المعروفة و هي: الغلط،الإكراه و التدليس و إلا كان العقد باطلاً لمصلحة من شاب العيب رضاه،و للغلط صور مختلفة في عقد الشركة كأن يقع في شخص الشريك متى كانت هذه الشخصية محل اعتبار كما هو الحال في شركات الأشخاص،كما قد يقع الغلط في طبيعة الشركة كأن يتعاقد أحد الشركاء على اعتبار أنه شريك في شركة ذات مسؤولية محدودة مع أن العقد هو شركة تضامن حيث المسؤولية صارمة؛
ثانياً: المحل و السبب: بالنسبة لركن محل عقد الشركة فيجب التفرقة هنا بين محل التزام الشريك و محل الشركة،فمحل التزام الشريك هو تقديم الحصة،أما محل الشركة أو موضوعها فهو الغرض الذي أنشئت من أجله و هو المشروع المالي الذي يسعى الشركاء إلى تحقيقه،و يجب أن يكون هذا الموضوع محدداً و موجوداً فلا يجوز إبرام عقد شركة للاشتغال بالتجارة من غير تحديد نوعها، كما يجب أن يكون هذا المحل مشروعاً، أي غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة، أما بالنسبة للسبب في الشركة و هو الباعث و غالباً ما يكون تحقيق الربح هو السبب ،كما أن سبب التزام كل شريك هو الأمل في الحصول على نصيب من الأرباح التي تحققها الشركة،و تطبيقاً للقواعد العامة لابد أن يكون هذا السبب مشروعاً ،و غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة؛
ثالثاً: الأهلية: يجب أن تتوافر أهلية التصرف و الالتزام لدى الشركاء، و تظهر هذه الأهلية في التزام الشريك بأن ينقل ملكيته إلى الشركة،أما أهلية الالتزام فالشريك يلتزم في حدود حصته بديون الشركة،كما قد تكون مسؤوليته شخصية في كل أمواله ،و على هذا تختلف الأهلية في الشركات المدنية عنها في الشركات التجارية،ففي المدنية يجب توافر أهلية التصرف أما بالنسبة للشركات التجارية فإن الأمر يختلف بحسب نوع الشركة، ففي هذه الحالة تطبق قواعد أهلية الاتجار المنصوص عليها في المادتين 5 و 6 من القانون التجاري،و كذا في شركة التوصية بنوعيها البسيطة و بالأسهم و ذلك بالنسبة للشركاء المتضامنين لأنهم مسؤولون مسؤولية تضامنية مطلقة،بينما في شركات الأموال لا تشترط تلك الأهلية لأن المسألة تكون تتعلق بتوظيف رأس المال، و بالتالي يجوز للولي، أو الوصي، أو المقدم أن يشارك بمال الصبي المميز و عديم التمييز وفقاً للقواعد المقررة في الولاية على المال.
المبحث الثاني: الأركان الموضوعية الخاصة.
تنحصر هذه الأركان فيما ذكرته المادة 416 من القانون المدني و هي:تعدد الشركاء،تقديم الحصص و اقتسام الأرباح و الخسائر،و هناك ركن رابع يقدمه الفقه و هو نيّة المشاركة.
المطلب الأول: تعدد الشركاء.
إن هذا الركن تتطلبه فكرة العقد،و بناءاً على ذلك يجب لصحة الشركة في جميع صورها أن يكون لها شريكين-طبيعيين أو معنويين- على الأقل كقاعدة عامة،و يلاحظ أن المشرع الجزائري كغيره من التشريعات يحتفظ بفكرة العقد في الشركة و لا يسمح لقيام الشركة كشخص معنوي إذا لم يتعدد الشركاء،و مع ذلك نلاحظ أن القانون الجزائري قد أقرَّ تكوين شركة لشخص واحد بموجب الأمر 96-27 ،حيث أجاز تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد خلافاً للقاعدة العامة.
المطلب الثاني: تقديم الحصص.
أشارت المادة 416 من القانون المدني إلى أن الحصة الواجب تقديمها من الشركاء قد تتكون من: عمل،أو مال،أو نقد،و في الواقع فإن مصطلح مال يكفي للدلالة على ما يشمله ذلك من مال نقدي و عيني،و لهذا فإن الحصص تكون على ثلاثة أنواع:الحصص النقدية،الحصص العينية و حصص عمل:
1)الحصة النقدية.
إن تقديم الحصة النقدية في الشركة هي الصورة الشائعة العمل بها و تسري على التزام الشريك بآداء مبلغ من النقود ،و كقاعدة عامة إذا لم يقدم الشريك ما التزم به فإنه يلزم بالتعويض،و هذه القواعد العامة لا تنطبق على بعض الشركات التي خصّص لها المشرع أحكام خاصة، و هي: شركة المساهمة، شركة المسؤولية المحدودة و كذا شركة التوصية بنوعيها فيما يخص حصة الشريك الموصي؛
2)الحصص العينية.
أجاز القانون أن تكون الحصة المالية المقدمة من الشريك شيئاً آخر غير النقود تكون له قيمة مالية،سواء كان هذا الشيء عقاراً كقطعة أرض أو بناء،أو منقولاً مادياً كالآلات و البضائع،أو منقولاً معنوياً كمحل تجاري ، براءة اختراع ، علامة تجارية أو حقاً من حقوق الملكية الأدبية و الفنية؛
و تقدم الحصة العينية على ثلاثة أنواع:إما على سبيل التمليك أو على أساس الانتفاع أو على شكل ديون في ذمة الغير:
أ-الحصة المقدمة على سبيل التمليك: إذا قدمت الحصة على سبيل التمليك فإنها تخرج من ذمة الشريك و تنتقل إلى ذمة الشركة،و تعتبر في هذه الحالة بمثابة بيع صادر من الشريك إلى الشركة و بالتالي تسري القواعد العامة المتعلقة بالبيع من حيث إجراءات نقل الملكية،فإذا كانت الحصة المقدمة تتمثل في عقار فيجب إتباع إجراءات نقل ملكية العقار،و إذا كانت الحصة تتمثل في محل تجاري يجب تقييد ذلك في السجل التجاري،و تطبق جميع أحكام عقد البيع من حيث تبعة الهلاك و ضمان الاستحقاق و العيوب الخفية؛
ب-الحصة المقدمة على سبيل الانتفاع: يكون المبدأ العام في هذه الحالة هو تطبيق أحكام عقد الإيجار في علاقة الشريك بالشركة من حيث أن مقدم الحصة يحتفظ بملكيتها و يستطيع أن يستردها عند حل الشركة، و الشركة لا يكون لها حق التصرف في هذه الحصة بل لها فقط حق شخصي في الانتفاع بالحصة المقدمة؛
ج-الحصة المقدمة على شكل ديون في ذمة الغير: تنص المادة 424 من القانون المدني على أنه "إذا كانت الحصة التي قدمها الشريك هي ديون له في ذمة الغير فلا ينقضِ التزامه للشركة إلا إذا استوفيت هذه الديون،و مع ذلك يبقى الشريك مسؤولاً عن تعويض الضرر إذا لم توفَ الديون عند حلول أجلها"؛
مضمون هذا النص أن الشريك الذي يلتزم بتقديم حصة على شكل ديون في ذمة الغير يجب عليه ضمان وجود الحق و يسار المدين وقت الاستحقاق،و الحكمة من هذا الشرط هي تمكين الشركة من جمع أموالها حتى تتمكن من مباشرة نشاطها،و على هذا الأساس فإن تقديم الحصة على شكل ديون في ذمة الغير لا يمكن أن تكون في الشركات التجارية التي اشترط فيها المشرع تقديم الحصة كاملة و بسرعة ( المساهمة و شركة المسؤولية المحدودة،و كذا تقديم الحصة بالنسبة للشريك الموصى في شركة التوصية)،و يبقى ذلك جائزاً بالنسبة للشركاء في شركة التضامن و فئة الشركاء المتضامنين في شركة التوصية لعدم وجود نصوص خاصة بصدد تقديم الحصة في هاتين الشركتين.
3)حصص عمل.
قد تكون الحصة تتمثل في عمل يقدمه الشريك و تكون عادةً عملاً فنياً كعمل مهندس أو رسام أو عمل شخص له خبرة تجارية بنشاط الشركة كالتصدير،و يجب أن يكون للعمل أهمية خاصة في نجاح الشركة فلا يجوز أن تكون الحصة عملاً تافهاً و إلا كان مقدم الحصة أجيراً و ليس شريك،كما لا يجوز أن تكون الحصة مجرد نفوذ سياسي يتمتع به الشخص أو مجرد ثقة في مركزه المالي،و هذا ما نصت عليه صراحة المادة 420 من القانون المدني ؛
و مسألة تقدير جدية العمل مسألة موضوعية يقدرها قاضي الموضوع،و يجب على الشريك الذي يقدم حصة كعمل أن يكرس كل نشاطه لخدمة الشركة و ألا يزاول نفس العمل لحسابه الشخص أو لحساب الغير و إلا يعتبر منافسة غير مشروعة للشركة،كما ألزمه القانون بتقديم حساب عمّا يكون قد قام به من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي قدّمه كحصة لها.
و يلاحظ أن حصة العمل شخصية،بمعنى أن الشريك الذي يقدمها يتعهد بالعمل شخصياً بحيث إذا طرأ عليه ما يجعله عاجزاً عن العمل نهائياً فإنه يعتبر متخلفاً عن آداء حصته فتفسخ الشركة بالنسبة له ،فلا يشارك بعد ذلك في الأرباح و قد تنحل الشركة إذا كانت شخصية الشريك و مواهبه محل اعتبار.
رأس مال الشركة و أهميته.
يتكون رأس مال الشركة من مجموع الحصص النقدية و العينية التي تتحدد قيمتها عند تأسيس الشركة، و تبقى هذه القيمة رقماً ثابتاً دون تغيير سواء زادت أو نقصت قيمة الحصص،و ما إن تبدأ الشركة نشاطها حتى تكتسب الحقوق و تتحمل الالتزامات و تحقق الأرباح أو الخسائر و تدخل في معاملات مع الغير للشراء و البيع،و بهذا يصبح رأس المال عاجزاً عن تصوير حقيقي لمركز الشركة و يتحدد هذا الأخير بما يسمى بـ"موجودات الشركة"،و هي الذمة المالية للشركة التي تعتبر الضمان الحقيقي للدائنين.
و تظهر فائدة رأس مال الشركة و أهميته من الناحية الحسابية و من الناحية القانونية:
فمن الناحية الحسابية: تظهر فائدة رأس مال الشركة في أنه يمثل رقماً حسابياً يصلح أساساً للمقارنة و الحكم على سير الشركة من حيث الكسب و الخسارة بالنسبة للنقطة التي بدأت منها حياتها،و لهذا يختلف رأس مال الشركة عن موجوداتها،فهذه الأخيرة تمثل قيمة ما يعود للشركة حقيقةً في وقت من الأوقات،فعند تأسيس الشركة تكون الموجودات تعادل رأس المال،مع مراعاة ما يمكن أن يطرأ على الحصص و البضائع من انخفاض و ارتفاع في الأسعار،و بعد ذلك إذا حدث و أن حققت الشركة أرباحاً تزيد الموجودات و بمقارنة رأس المال مع الموجودات يظهر مركز الشركة من حيث الربح و الخسارة ،و على مستوى الميزانية فإن رأس مال الشركة يقيد في الخصوم،و ذلك لأنه يمثل الحصص إذا انحلت الشركة.
من الناحية القانونية:و من هنا تظهر أهمية رأس المال من الناحية القانونية بالنسبة لدائني الشركة،إذ يخضع إلى نظام خاص باعتباره ضمان لحقوق دائني الشركة،فمن الطبيعي أن يكون لهم الحق في أن يمنعوا الشركاء من استرداد و اقتسام رأس المال و أن يحتفظوا لهم دائماً بموجودات لا تقل قيمتها عن قيمة رأس المال التي بدأت به الشركة،و يُعرف هذا المبدأ بـ" ثبات رأس المال و عدم جواز المساس به"،و يترتب على هذا المبدأ ما يلي:
النتائج المترتبة على مبدأ ثبات رأس المال و عدم جواز المساس به.
1-أن الشركة لا تستطيع أن تقتطع جزء من رأس المال و توزعه على الشركاء ،و إلا تعتبر الأرباح الموزعة في هذه الحالة أرباحاً صورية يُلزم ردها (المادة 723 من القانون التجاري)؛
2-لا يُحتج بتخفيض رأس المال على دائني الشركة السابقين على تقريره،و كذلك يُمنع إدخال أي تعديل على رأس المال دون إتباع الإجراءات اللازمة لتعديل عقد الشركة؛
و نظراً لأهمية رأس المال في بعض الشركات التجارية نجد المشرع قد نص عليه صراحةً و ذلك في كل من شركة المساهمة و شركة المسؤولية المحدودة،كما استلزم ذكر مبلغ رأس المال على جميع المراسلات و التعاملات بالفواتير مع الغير.
المطلب الثالث: اقتسام الأرباح و الخسائر.
تهدف الشركة إلى تحقيق الربح المادي غير أن المشروع الاقتصادي الذي تستغله الشركة كما قد يحقق أرباحاً قد تلحقه الخسارة،و يجب أن تكون لدى الشركاء جميعاً النية في الاشتراك في توزيع الأرباح و أن يتحملوا جميعاً الخسارة،و قد تضمنت المادة 425 من القانون المدني كيفية توزيع الأرباح،و مقتضى هذا الركن اشتراك كل شريك في الحصول على نسبة من أرباح الشركة فلا يجوز استبعاد أي واحدٍ منهم أو حرمانه من ذلك،و كذلك المقصود بهذا الركن أنه لا يجوز أن يتضمن عقد الشركة شرطاً يقضي بعدم مشاركة أحد الشركاء في أرباحها أو خسائرها،و إذا وجد مثل هذا الشرط و هو ما يسمى بشرط "الأسد" فقد يترتب عليه بطلان عقد الشركة ككل تطبيقاً للقاعدة العامة التي تنص في المادة 426 من القانون المدني فقرة 1 على أنه "إذا وقع الاتفاق على أن أحد الشركاء لا يسهم في أرباح الشركة و لا في خسائرها كان عقد الشركة باطلاً".
و الملاحظ أن هذه القاعدة تنطبق على الشركات المدنية بصفة عامة و الشركات التجارية التي لم يرد بشأنها نص خاص كشركة التضامن و شركة التوصية بنوعيها،أما الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة المساهمة فإننا كما سوف نرى يحكمها نص خاص، و هو نص المادة 733 من القانون التجاري.
المطلب الرابع: نية المشاركة.
لم يشر القانون لهذا العنصر و يتجه الفقه الحديث إلى القول إلى أن نية المشاركة لا تعني سوى الرغبة في الإتحاد و قبول المخاطر،و في الواقع فإن عنصر الاشتراك له أهمية من ناحيتين:
الأهمية الأولى: أنها تصلح كمعيار للتفرقة بين عقد الشركة و باقي العقود كعقد العمل و عقد الإيجار و هي عقود تشتبه مع عقد الشركة؛
الأهمية الثانية: تتمثل في أن هذه النية هي التي ترسم الحدود التي لا يمكن أن تتجاوزها إرادة الشركاء في عقد الشركة و هي التي تترجم ما يسمى شروط الأسد،و من الملاحظ أن هذه النية تظهر في العنصر الخاص بعقد الشركة و المتمثل في اقتسام الأرباح و الخسائر ،و بالتالي لا يجوز أن يرد في عقد الشركة شرطاً يخالف نية المشاركة كإعفاء أحد الشركاء من الأرباح أو الخسائر.
المبحث الثالث: الأركان الشكلية للشركة.
تتمثل الشكلية في ركنين أساسين هما الكتابة و الشهر:
أولاً: الكتابة.
يفهم من عقد الشركة بصورة أساسية كل القوانين الأساسية التي ستحكم مجموع حياة الشركة، و لهذا اشترط المشرع في المادة 546 من القانون التجاري جملة من البيانات يجب ذكرها في القانون الأساسي لأي شركة:
1-شكل الشركة: إذ عن طريق هذا الشكل يمكن معرفة حقوق و التزامات الشركاء التي تختلف باختلاف أنواع الشركات؛
2-مدتها؛
3-عنوانها: و هذا العنوان يختلف باختلاف أشكال الشركات؛
4-مركزها: أي المكان الذي تدخل فيه مع الغير في علاقاتها؛
5-موضوعها: أي محل نشاطها التي سوف تمارسه، و يجب أن يكون هذا الموضوع محدداً؛
6-مبلغ رأس مالها: و الذي يظهر من خلاله قوة الشركة الاقتصادية.
و قد اشترط المشرع كتابة عقد الشركة و إلا كانت باطلة،و هذا ما نصت عليه صراحة المادة 418 ف1 من القانون المدني،و بهذا تعتبر الكتابة شرطاً لصحة عقد الشركة كما ألزم القانون الكتابة لصحة كل ما يدخله الشركاء على العقد من تعديلات:كتعديل مدة الشركة أو عنوانها أو موضوعها...إلخ؛
و في مجال القواعد الخاصة بالشركات التجارية نجد المادة 9 من القانون 90-22 المتعلق بالسجل التجاري تنص على ما يلي:" تنشأ بعقد رسمي يحرر لدى الموثق الشركات التجارية التي تتسم بالصبغة القانونية الخاصة،شركة المساهمة و الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة التضامن"،و كذلك المادة 6 من نفس القانون أنه "يحرر الموثق عقد الشركات التجارية حسب الأشكال القانونية المطلوبة بعد استيفاء الشكليات التأسيسية".
و تظهر الحكمة من اشتراط الكتابة الرسمية فيما يلي:
1-تسهيل الرقابة على هذه الشركات؛
2-تنبيه الشركاء إلى خطورة العقد الذي يقدمون عليه؛
3-تسهيل الإثبات حتى يستطيع من يتعامل مع الشركة الإطلاع على ذلك؛
4-الكتابة تسهل الشهر.
ثانياً: الشهر.
هو الإعلان عن مولد الشخص المعنوي و يتم هذا الإجراء بوسيلتين:
1)الإيداع: و يتم ذلك في المركز الوطني للسجل التجاري،و هذا ما نصت عليه المادة 584 من القانون التجاري "يجب أن تودع العقود التأسيسية و العقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري"؛
2)النشر و القيد في السجل التجاري: و هذا ما يستخلص من نص المادتين 548 و 549 من القانون التجاري،حيث تنص المادة 548 على أنه"...تنشر حسب الأوضاع الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات و إلا كانت باطلة"، كما اشترطت المادة 549 ذلك بنصها على أنه "لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري"،و يترتب على القيام بإجراءات النشر و القيد في السجل التجاري الإشهار القانوني الإجباري (المادة 19 من قانون السجل التجاري 90-22).
الفصل الثاني: الشخصية المعنوية للشركات.
كان عقد الشركة في القانون الروماني عقداً رضائياً مثله مثل عقد البيع و الإيجار ،ينظم العلاقة بين أطراف عقد الشركة أنفسهم دون أن ينشأ عنه شخص معنوي مستقل عن شخص الشركاء،و في العصور الوسطى بدأت فكرة الشخصية المعنوية تظهر نتيجة ازدهار التجارة في الجمهوريات الإيطالية ،و في الأخير توصل القضاء الفرنسي إلى الاعتراف بهذه الشخصية المعنوية للشركات منذ القرن الـ19 بعد ما كانت هذه الشخصية قاصرة على الدولة و المؤسسات العامة،ثم توصل القضاء الفرنسي إلى الإقرار بهذه الشخصية للشركات، ثم كُرست قانوناً في نصوص صريحة جعلت هذه الشخصية مماثلة لشخصية الشخص الطبيعي،و هذا المبدأ كرسته كل التشريعات بما فيها المشرع الجزائري.
تحديد مفهوم الشخصية المعنوية.
إن مدلول الشخصية بصفة عامة يعني صلاحية الشخص لتلقي الحقوق و التحمل بالالتزامات ، و للشخصية المعنوية فوائد هامة تتمثل أساساً في أهم النتائج التي تترتب على الشخصية القانونية، إضافة إلى أن هذه الشخصية تجمع المشاركين داخل نظام محدد يسمح غالباً باتخاذ كل القرارات أو بعضها بالأغلبية؛
المشرع الجزائري اعترف بالشخصية المعنوية للشركة بأحكام صريحة ،و هذا في المواد: 50 قانون مدني و 417 من نفس القانون و التي تقضي بأن الشركة تعتبر بمجرد تكوينها شخصاً معنوياً و هذا بالنسبة للشركات المدنية،أما بالنسبة للشركات التجارية فإن الشخصية المعنوية لا تترتب بقوة القانون بمجرد انعقاد عقد الشركة بل يجب أن تسجل في السجل التجاري،و هذا ما نصت عليه المادة 549 من القانون التجاري،و طالما أن الشركات التجارية لا تكتسب الشخصية القانونية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري فإنها لا تكون أهلاً لاكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات ،و بالتالي يثور التساؤل حول مصير التصرفات و التعهدات التي يجريها مؤسسوها أثناء فترة التأسيس لضرورة مباشرة أعمالها؟
إن المشرع الجزائري حماية للغير الذي تعامل مع الشركة قبل اكتسابها الشخصية المعنوية قد اعتبر مؤسسي الشركة الذين تعهدوا قبل إتمام إجراءات القيد مسؤولين مسؤولية تضامنية من غير تحديد أموالهم عن كل التعهدات التي تعهدوا بها باسم الشركة و لحسابها،إلا إذا قبلت الشركة أن تأخذ هذه التعهدات على عاتقها،و هذا الحكم مستخلص من آخر عبارة للمادة 549 من القانون التجاري "...و قبل إتمام هذا الإجراء يكون الأشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة و لحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم إلا إذا قبلت الشركة قبل تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة فتعتبر التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها".
آثار اكتساب الشركة للشخصية القانونية.
يترتب على اكتساب الشركة للشخصية المعنوية ما تضمنته المادة 50 من القانون المدني،و تتمثل هذه الآثار فيما يلي :
1-اسم و عنوان الشركة: من المزايا التي تمنحها الشخصية المعنوية للشركة تمتعها باسم و عنوان خاص يميزها عن غيرها من الشركات،و يختلف هذا الاسم و العنوان بحسب شكل الشركة،ففي شركات المساهمة يكون مشتقاً من الغرض الذي أنشئت لأجله،بينما في شركات الأشخاص قد يتَّحد الاسم مع العنوان بحيث يكون مستمداً من الاعتبار الشخصي، مع ملاحظة أن القانون يشترط ذكر اسم الشركة على جميع الأوراق مع ذكر شكلها ،و إذا تعلق الأمر بشركة المساهمة و المسؤولية المحدودة فيجب ذكر رأس مالها؛
2-موطن الشركة: لكل شركة موطن خاص بها حدده القانون بأنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارة الشركة، المادة 50 فقرة4 من القانون المدني و التي تقضي بأنه"الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج و لها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر".
كما تنص المادة 547 ف1 من القانون التجاري "يكون موطن الشركة في مركز الشركة،تخضع الشركات التي تمارس نشاطها بالجزائر إلى القانون الجزائري"؛
و لتحديد موطن الشركة أهمية كبيرة من الناحية العملية تتمثل في:
أ-أن المحكمة الكائن في دائرتها هذا الموطن هي التي تختص في النظر في الدعاوى المقدمة ضد الشركة، تطبيقاً للمادتين 39 ف4 و 40 ف3 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية؛
ب-كل الإعذارات أو الإنذارات تبلغ إلى الشركة في مركزها؛
ج-كما أن هذا الموطن هو الذي يحسم على أساسه القانون الواجب التطبيق كلما تعلق الأمر بتنازع القوانين، طبقاً للمادة 10 ف3 من القانون المدني.
3-ذمة الشركة: إن الشركة كشخص معنوي تتمتع بذمة مالية مستقلة خاصة بها و تتكون في البدء من الحصص المقدمة من الشركاء،تضاف لها أثناء نشاطها الحقوق و الأرباح كما تدخل فيها الديون المترتبة على هذا الاستغلال؛
و يترتب على مبدأ استقلال ذمة الشركة عن ذمم الشركاء أهم النتائج التالية:
أ-أن ملكية الحصص المقدمة من الشركاء تنتقل إلى الشركة،و يقتصر حق الشريك على أن يكون دائناً لها بنصيب من الأرباح في حالة تحققه،و يلاحظ أن حق الشريك قبل الشركة هو حق شخصي من طبيعة منقولة أياً كان نوع الحصة التي قدمها:نقود،عقارات أو منقولات؛
ب-تكون ذمة الشركة مخصصة للوفاء بديونها و يقتصر حق دائن الشركة في التنفيذ على ذمتها،دون ذمم الشركاء،و هذا ينطبق في الشركات التي يكون فيها الشركاء مسؤولين مسؤولية محدودة، بخلاف الشركات التي يكون فيها الشركاء مسؤولين مسؤولية تضامنية؛
4)الأهلية: للشركة كشخص معنوي أهلية في حدود الغرض الذي أنشئت من أجله،و يقوم عقد الشركة بتحديد حدود هذه الأهلية(المادة 50 ف3 من القانون المدني)،وفقاً لذلك فإن الشركة لا يمكن لها التصرف إلا في حدود الغرض المحدد لها في القانون الأساسي الذي أنشئت من أجله،و لا تستطيع أن تغيره إلا بتغيير العقد التأسيسي،و نظراً لأن الشركة كشخص معنوي تمارس أعمالها و تصرفاتها بواسطة أشخاص طبيعيين فإن أعمالهم ملزمة لها،و طالما أن الشركة كشخص معنوي تتمتع بحقوق أهلية الأداء و لكن لا تستطيع ممارسة هذه الحقوق بنفسها أي ليس لها أهلية التصرف،لهذا يسند تمثيلها لشخص أو أشخاص طبيعيين (المادة 50 ف6 قانون مدني "للشركة نائب يعبر عن إرادتها")، و هؤلاء الأشخاص هم الذين يوقعون القرارات التي تجعل الشركة في مواجهة مع الغير ؛
*هذا و تظهر أهمية الشخصية المعنوية أكثر عند انتهاء الشركة التي لا تنقضي الشخصية المعنوية بانتهائها،و تدخل الشركة في مرحلة التصفية و تظل شخصيتها المعنوية قائمة في حدود حاجات التصفية ،و تسوية جميع ديون الشركة،و قسمة الفائض من الأموال بين الشركاء.
الفصل الثالث: انقضاء الشركات و تصفيتها.
إن مصطلح انقضاء الشركة يعني أن الرابطة القانونية التي كانت تجمع بين الشركاء قد انحلَّت،كما أن الشخصية القانونية المعنوية للشركة بدأت تضعف لحد أن تختفي نهائياً،و هنا يترتب أن ذمة الشركة لم يبق لها أساس تستند إليه كأن تصبح ملكاً على الشيوع لكل الشركاء،و لهذا فسوف ندرس على التوالي الأسباب العامة لانقضاء الشركات ثم آثار هذا الانقضاء المتمثلة في التصفية و القسمة:
المبحث الأول: الأسباب العامة لانقضاء الشركات.
هناك أسباب عامة تنقضي بها كافة الشركات المدنية بصفة عامة و الشركات التجارية،و جاءت هذه الأسباب في المواد من 437 إلى 442 من القانون المدني،و يمكن تصنيف هذه الأسباب إلى: أسباب الانقضاء بقوة القانون، أو أسباب بناءاً على اتفاق الشركاء،أو تنفيذاً لحكم قضائي:
أولاً:انقضاء الشركات بقوة القانون.
1)انتهاء المدة المعينة أو العمل الذي قامت لأجله الشركة.
طبقاً لنص المادة 437 من القانون المدني إذا انتهت المدة المعينة في عقد الشركة فإن هذه الأخيرة تنقضي بقوة القانون،و مع ذلك يجوز أن يتفق الشركاء قبل انتهاء هذه المدة على مدِّ أجل الشركة و يستطيع الشركاء الاتفاق على امتداد مدة الشركة و هذا بعد انتهاء المدة المحددة لها،و يعتبر ذلك من قبيل إنشاء جديد للشركة،و كما يكون هذا الامتداد صريحاً قد يكون ضمنياً،و يستفاد هذا الأخير إذا استمر الشركاء بعد حلول الأجل المتفق عليه يقومون بنفس العمل الذي كان موضوعاً للشركة،و يمتد العقد سنة فسنة بنفس الشروط ذاتها (المادة 337ف2 قانون مدني)،و نفس الحكم بالنسبة لانتهاء العمل الذي قامت به الشركة؛
2)هلاك جميع أموال الشركة أو جزء كبير منها.
طبقاً للمادة 438 قانون مدني فإن"الشركة تنتهي بهلاك جميع مالها،أو جزء كبير منه بحيث لا تبق فائدة من استمرارها،و إذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناً بالذات و هلك هذا الشيء قبل تقديمه أصبحت الشركة منحلة في حق جميع الشركاء".
*و الجدير بالملاحظة أن هذا السبب ينطبق على الشركات المدنية بصفة عامة و على بعض الشركات التجارية كشركات التضامن و شركات التوصية البسيطة،و ذلك لعدم تحديد المشرع لمبلغ رأس المال في هذين الشركتين لذا تطبق عليهما القاعدة العامة لعدم وجود نص.
ثانياً: انقضاء الشركات لأسباب إرادية.
وفقاً للمادة 440 ف1 و 2 نجد أن الشركة يمكن أن تنحل بانسحاب أحد الشركاء أو الاتفاق على حلها:
1)انسحاب أحد الشركاء.
طبقاً للفقرة 1 من المادة 440 نلاحظ أن هذا السبب خاص بالشركات غير محددة المدة تقريراً للمبدأ العام "لا يجوز إجبار الشريك على البقاء في الشركة إلى الأبد"،لأن ذلك يتعارض مع مبدأ الحرية الشخصية،و يشترط لكي يكون الانسحاب صحيحاً و منتجاً لآثاره توافر شرطين:
الشرط الأول: يجب على الشريك الذي يريد الانسحاب الإعلان عن ذلك بوقت كافي لجميع الشركاء (تطبيق لمبدأ حسن النية) ؛
الشرط الثاني: يجب ألا يحدث الانسحاب في وقت غير لائق مثل انسحاب أحد الشركاء عند شعوره بأن الشركة تمر بأزمة مالية.
ملاحظة: يعتبر هذا السبب من الأسباب التي تنطبق بصورة أساسية على شركات الأشخاص لقيامها على الاعتبار الشخصي.
و بالعكس ليس له أي تأثير على شركة المساهمة و المسؤولية المحدودة،حيث أن الشريك يمكن له الانسحاب بشروط وفقاً للأحكام الخاصة بهاتين الشركتين.
2)اتفاق الشركاء على حل الشركة (المادة 440ف2 قانون مدني).
إن الشركاء الذين قاموا بإنشاء الشركة باتفاقهم يستطيعون أن يُجمعوا على حلِّها قبل انتهاء المدة المعينة لها،مع ملاحظة أن بعض الشركات كشركة المساهمة فإن الجمعية العمومية غير العادية هي التي تقرّر حلّ الشركة قبل انتهاء مدتها.
ثالثاً: الأسباب القضائية لانقضاء الشركة.
وفقاً لنص المادتين 441 و442 من القانون المدني تتمثل هذه الأسباب فيما يلي:
1)عدم وفاء أحد الشركاء بالتزاماته.
أجاز القانون للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناءاً على طلب أحد الشركاء متى وجد سبب يبرر ذلك،كعدم تنفيذ الشريك لما التزم به في عقد الشركة،أو وقوع خطأ جسيم أو غش منه،و وجود هذا السبب و مدى خطورته الذي تبرر حل الشركة من الأمور التي ترك المشرع للقضاء تقديرها،و قد يكون السبب غير راجع لإرادة الشريك كمرضه،و كانت حصته مثلاً تتمثل في عمل يستحيل عليه القيام به،كما يعتبر استحكام الخلاف بين الشركاء سبباً يجيز لأحدهم طلب حل الشركة قضاءاً،و حق الشريك في طلب حل الشركة قضاءاً إذا توافر سبب مشروع جدي متعلق بالنظام العام،و لذلك يقع باطلاً كل اتفاق يحرِّم الشريك من هذا الحق (المادة 441 ف2 من القانون المدني).
2)فصل الشريك أو طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة.
رأى المشرع تقرير حق كل شريك في طلب فصل غيره من الشركاء إذا وجدت أسباب مقبولة،و قد حدّد المشرع هذه الأسباب على سبيل الحصر،فلم يجز طلب الفصل إلا في حالة الاعتراض على مد أجل الشركة،أو تكون تصرفاته سبباً مقبولاً لحلها (المادة 442 ف1 قانون مدني)،و طبقاً للأحكام المطبقة في هذا المجال فإن هذا الفصل لا يؤدي لانتهاء الشركة بل تستمر قائمة بين الشركاء.
كما أجاز القانون لكل شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى برر ذلك بأسباب معقولة كمرضه أو عدم استطاعته مواصلة العمل إذا كان شريكاً متضامناً،و إذا استجابت المحكمة لطلبه فإن ذلك يقتضي حلَّ الشركة ما لم يتفق باقي الشركاء على استمرارها فيما بينهم.
و في كلا الحالتين تقدر حصة هذا الشريك بقيمتها يوم الفصل أو يوم إخراجه من الشركة طبقاً لأحكام المادة 439 ف2 من القانون المدني،و التي تنص "...و يقرر هذا النصيب بحسب قيمته يوم وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة و يُدفع له نقداً...".
*و كخلاصة فإن أغلب الأسباب العامة السابق ذكرها تنطبق على الشركات التجارية التي تقوم على الاعتبار الشخصي،و مهما كان سبب انقضاء الشركات التجارية فإنه يجب نشر هذا الانقضاء حسب نفس شروط و آجال العقد التأسيسي ذاته،و هذا ما نصت عليه المادة 550 من القانون التجاري.
المبحث الثاني: آثار الانقضاء (تصفية الشركة و قسمتها).
متى انقضت الشركة لأي سببٍ من الأسباب السابقة الذكر يتعين تصفية أموالها و قسمتها،و تماثل هذه العملية تصفية و قسمة أموال الشخص الطبيعي بعد وفاته.
مفهوم التصفية و أحكامها.
يقصد بالتصفية تحديد الصافي،و ينصرف مفهوم التصفية أيضاً إلى تحويل الأموال العينية إلى سيولة نقدية،و قد نظَّم المشرع الجزائري أحكام تصفية الشركات وفقاً للقواعد العامة في المواد من 443 إلى 446 من القانون المدني،و قواعد الشركات التجارية في المواد من 765 إلى 777 من القانون التجاري.
و يستخلص من مجمل هذه النصوص أنه إذا انقضت الشركة لأي سببٍ كان،فإنها تدخل في طور التصفية و تحتفظ بشخصيتها المعنوية بنص القانون(المادة 444 قانون مدني و 766 قانون تجاري) مع انتهاء مهام مسيريها،و الذين يحل محلَّه المصفِّي أو المصفِّين.
أ)احتفاظ الشركة بشخصيتها المعنوية في فترة التصفية.
إن الحكمة من إبقاء الشخصية المعنوية للشركة تتمثل في تجنب أن تكون أموالها بمجرد انقضائها مملوكة للشركاء على الشيوع،و يكون من شأن ذلك ترتيب النتائج السلبية التالية:
1-مزاحمة دائني الشركاء الشخصيين لدائني الشركة الذين تعاملوا معها على أساس أنها شخص معنوي في التنفيذ على أموالها ؛
2-تعذر و استحالة انجاز الأعمال الجارية و استيفاء حقوق الشركة و وفاء ما عليها من ديون؛
3-اضطرار كل دائن مطالبة كل شريك بنصيبه في الدين .
و نتيجة لهذه النتائج السلبية فإن أهمية الشخصية المعنوية و احتفاظ الشركة بها تترتب عليه نتائج إيجابية، وأهمها:
1-الذمة المالية المستقلة للشركة و التي تعتبر الضمان العام لدائنيها وحدهم،كما أن احتفاظ الشركة بشخصيتها المعنوية خلال فترة التصفية تؤدي إلى عدم جواز أي شريك أن يتصرف في حصته قبل انتهاء التصفية؛
2-تحتفظ الشركة بموطنها القانوني بمركز إدارتها الرئيسي و بجنسيتها؛
3-يمثل الشركة المصفي كنائب يعبر عن إرادتها بدلاً من المديرين الذين تنتهي سلطاتهم عند حل الشركة؛
4-إذا توقفت الشركة في فترة التصفية عن دفع ديونها يجوز شهر إفلاسها،و يحل الوكيل المتصرف القضائي محل المصفي في هذه الحالة تطبيقاً لأحكام الإفلاس.
ب) المصفي.
إن دخول الشركة في طور التصفية نتيجة انقضائها يضع حداً بقوة القانون لمهام مسيري هذه الشركة و يحل محلهم المصفي أو المصفين،و يصبح هذا الأخير هو الذي يمثل الشركة كشخص معنوي في فترة التصفية و له وحده حق التقاضي باسمها و تمثيلها،و تطبيقاً لأحكام القانون التجاري التي تفرض على المصفي القيام بإتمام كافة إجراءات النشر الواقعة على الممثلين القانونيين للشركة،فإن المصفي يقع على عاتقه إيداع طلب شطب الشركة من السجل التجاري،و هذا ما يستخلص من نص المادة 22 من المرسوم التنفيذي 97-41 المؤرخ في 18 جانفي 1997 ،و وفقاً لهذه المادة 22 فقرة 3 فإن شطب القيد بالنسبة للشركات المنحلة يكون بناءاً على طلب المصفي،إذ أوجب نشر حل الشركة حسب شروط العقد التأسيسي، و يتبع عنوان و اسم الشركة البيان التالي "الشركة في حالة تصفية" تطبيقاً لنص المادة 767 ف1 من القانون التجاري،و تطبيقاً لنص المادة 766 ف3 من القانون التجاري "لا ينتج حل الشركة آثاره على الغير إلا ابتداءاً من اليوم الذي ينشر فيه في السجل التجاري".
تعيين المصفي.
قد يختار المصفي من بين الشركاء و قد يكون المدير نفسه،كما قد يكون أجنبياً على الشركة،و قد يتضمن العقد التأسيسي للشركة أحكاماً بشأن تعيين المصفي يجب أن تُتَّبع ،أما إذا لم ينص العقد على ذلك فتجري التصفية بواسطة جميع الشركاء أو بواسطة مصفي يعينونه بالإجماع،و في حالة سكوت العقد عن تعيين المصفي و عدم اتفاق الشركاء على كيفية تصفية الشركة،يجوز طبقاً لأحكام المادة 778 ف2 من القانون التجاري اللجوء إلى القضاء للحكم بصفة مستعجلة بتصفية الشركة، و ذلك بناءاً على طلب من:
-أغلبية الشركاء في شركة التضامن؛
-الشركاء الممثلين لعُشر (1/10) رأس المال على الأقل في الشركات ذات المسؤولية المحدودة و شركات المساهمة؛
-دائني الشركة؛
و تطبيقاً لنص المادة 767 من القانون التجاري "يُنشر أمر تعيين المصفي مهما كان شكلها في أجل شهر من تعيينه في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية،و يتضمن هذا النشر البيانات الآتية:
-عنوان الشركة أو اسمها؛
-نوع الشركة متبوع بإشارة "شركة في حالة تصفية"؛
-مبلغ رأس المال؛
-رقم قيد الشركة في السجل التجاري؛
-و سبب التصفية.
سلطات المصفي و أعماله.
طبقاً لنص المادة 778 ف1 من القانون التجاري يملك المصفي سلطات واسعة لإتمام التصفية و يشبه مركزه القانوني في هذا المجال مركز مدير الشركة،و لذلك يثبت له دون الشركاء الحق في القيام بعملية التصفية حتى نهايتها،مع ملاحظة أن المهمة الأساسية للمصفي هي التصفية لا الإدارة،و لا يملك من هذه الأخيرة إلا الأعمال الضرورية أو المستعجلة؛
فإذا كان هناك عمل إداري قد بدأ قبل حل الشركة و لم يتم فعلى المصفي إتمامه،و لا يجوز للمصفي أن يبدأ أعمالاً جديدة من أعمال الإدارة إلا إذا كان ذلك لازماً لإتمام عملٍ سابق،كما إذا اقتضى عقد سابق شراء منقولات أو اقتراض مبلغ من النقود،و هناك أعمال لازمة لتصفية الشركة و تعتبر هي المهمة الأساسية للمصفي:
1)الأعمال التمهيدية للتصفية.
و هي الإجراءات اللازمة للتمهيد لأعمال التصفية كتحرير قائمة بالجرد مع وضع كشف تفصيلي يبين مركز الشركة من حيث حقوقها و ديونها،و يساعده في كل ذلك كل الذين كانوا يقومون بالإدارة؛
2)استيفاء حقوق الشركة.
يلجأ المصفي بعد الانتهاء من المرحلة التمهيدية إلى استيفاء حقوق الشركة من الغير و الشركاء،فيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لاستيفاء هذه الحقوق،و ذلك بمقاضاة المدينين للشركة في حالة عدم التوصل إلى الوفاء الودِّي،و اتخاذ جميع الوسائل التحفظية بالنسبة إلى هذه الحقوق و التنفيذ على المدينين؛
3)وفاء ديون الشركة.
لما كان القانون لم يضع تنظيماً جماعياً لسداد الديون كما هو الحال في الإفلاس فإن للمصفي القيام بالوفاء للدائنين حسب ترتيب تقدمهم طبقاً للقواعد العامة؛
4)بيع أموال الشركة.
أجاز القانون للمصفي بيع منقولات الشركة و عقاراتها إما بالمزاد أو بالتراضي إذا لم يكن في الشركة نقود كافية للوفاء بهذه الديون،و هذه السلطة الواسعة للمصفي منحت له بموجب المادتين 446 ف2 من القانون المدني و المادة 788 من القانون التجاري،و يستخلص من نص المادتين السالفتي الذكر أن هذه السلطة يمكن تقييدها في قرار تعيين المصفي مهما كانت الجهة التي عينته،غير أن هذا التقييد لا يمكن أن يحتج به على الغير في الشركات التجارية،و هذا ما يستخلص صراحة من نص المادة 788 ف1 من القانون التجاري في آخر عبارة لها "...غير أن القيود الواردة على هذه السلطات الناتجة عن القانون الأساسي أو قرار التعيين لا يحتج بها على الغير".
مسؤولية المصفي.
بمجرد انحلال الشركة و دخولها في طور التصفية تنتهي مهام المسيرين و يحل محلهم المصفي أو المصفين،و لهذا يعتبر المصفي مسؤولاً شخصياً اتجاه كل من الشركة و الغير عن كل الأخطاء التي يرتكبها أثناء القيام بأعمال التصفية،و هذا ما نصت عليه صراحة المادة 776 من القانون التجاري و التي تقضي بمايلي "يكون المصفي مسؤولاً تجاه الشركة و الغير عن النتائج الضارة الحاصلة عن الأخطاء الشخصية التي ارتكبها أثناء ممارسة مهامه".
ج)مراقبة التصفية.
إن الشركات التي تحتوي على جهاز مراقب الحسابات أو مجلس المراقبة فإن مهام هؤلاء لا تنته بانحلال الشركة،و هذا ما نصت عليه المادة 780 من القانون التجاري "لا تنتهِ مهام مندوبي الحسابات بانحلال الشركة"،و في حالة انعدام وجود مندوبي الحسابات و في الشركات غير الملزمة بتعيينهم يجوز تعيين مراقب واحد أو أكثر من طرف الشركاء طبقاً للشروط المنصوص عليها في المادة 782 ف1، و في حالة تعذر ذلك يمكن تعيينهم من طرف رئيس المحكمة بطلب من المصفي أو عن طريق دعوى مستعجلة بطلب كل من يهمه الأمر،و يحدد في أمر تعيين المراقب سلطاتهم،و واجباتهم،و أجورهم ، و مدة مهامهم،و يكون هؤلاء في نفس مستوى مسؤولية مندوبي الحسابات.
ملاحظة: الأحكام السابقة نصت عليها المادة 781 من القانون التجاري و قد أحالت إلى نفس المادة (781) و هو خطأ إذ يجب الإحالة إلى المادة 782 ف1 الخاصة بشروط تعيين المصفي.
و ينشر الأمر بنفس الشروط و الآجال الخاصة بالمصفين،و المنصوص عليها في المادة 767 من القانون التجاري.
و قد خوَّل القانون للشركاء الحق في مراقبة أعمال التصفية قبل قفلها.
1)حق الشركاء في مراقبة أعمال التصفية.
حرص المشرع على تأكيد حق الشركاء في الإطلاع على كل عمليات التصفية و مراقبتها،إذ أوجب على المصفي في ظرف ستة (6) أشهر من تعيينه استدعاء جمعية الشركاء التي يقدم لها تقريراً عن أصول و خصوم الشركة،و عن متابعة التصفية و الأجل الضروري لإتمامها،و في حالة انعدام ذلك تستدعى جمعية الشركاء من طرف هيئة المراقبة إن وجدت أو من طرف وكيل معين بقرار قضائي بناءاً على طلب كل من يهمه الأمر.
و من جهة أخرى يضع المصفي في ثلاثة (3) أشهر من قفل كل سنة مالية الجرد و حساب النتائج و تقريراً مكتوباً يتضمن حساب عملية التصفية خلال السنة الفارطة،كما يستدعي المصفي حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون الأساسي مرة على الأقل في السنة و في أجل ستة (6) أشهر من قفل السنة المالية جمعية الشركاء التي تبت في الحسابات السنوية و تمنحه الرخص اللازمة و تجدد عند الاقتضاء وكالة المراقبين أو مندوبي الحسابات،و تتخذ هذه القرارات وفقاً لما نصت عليه المادة 791 من القانون التجاري حسب أنواع الشركات:
-بأغلبية الشركاء في رأس المال في شركة التضامن و الشركات ذات المسؤولية المحدودة؛
-بشروط النصاب القانوني و أغلبية أصوات الجمعيات العادية في شركات المساهمة.
2)قفل التصفية.
يدعى الشركاء في نهاية التصفية للنظر في الحساب الختامي و في إبراء إدارة للمصفي و إعفائه من الوكالة،و التحقق من اختتام التصفية،و إذا لم يدعى الشركاء فإنه يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء تعيين وكيل مكلف بالقيام بإجراءات الدعوى بموجب أمر مستعجل،و إذا لم تتمكن الجمعية المكلفة بإقفال التصفية أو رفضت المصادقة على الحسابات فإنه يحكم بقرار قضائي بطلب من المصفي أو كل من يهمه الأمر،و لهذا الغرض يضع المصفي حساباته لدى كتابة المحكمة حتى يتمكن كل من يهمه الأمر من الإطلاع عليها،و في هذه الحالة تتكفل المحكمة بالنظر في هذه الحسابات و إقفال التصفية عند الاقتضاء،و بعد كل ذلك ينشر إعلان إقفال التصفية الموقع عليه من طرف المصفي بطلب منه في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية أو في جريدة معتمدة بتلقي الإعلانات القانونية،وفقاً لكل ما نصت عليه المادة 775 من القانون التجاري.
المطلب الثاني: القسمة (توزيع الصافي من مال الشركة على الشركاء).
وفقاً لنص المادة 447 من القانون المدني فإنه متى تحولت موجودات الشركة إلى نقود و تم الوفاء بالديون وجب في هذه الحالة إجراء القسمة،و غالباً ما تتم هذه الأخيرة عن طريق الشركاء أنفسهم و تكون ودية،إلا إذا وقع خلاف بينهم فيرجع الأمر إلى القضاء،و إذا كانت حصة الشريك نقدية أو عينية كان له أن يحصل على هذه القيمة كما هي مبينة في العقد أو على ما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد،و إذا حصل أن بقي بعد استرداد الحصص أموال وجب قسمة ذلك حسب نصيب كل منهم في الأرباح.
أما إذا لم يكفِ صافي مال الشركة للوفاء بحصص الشركاء فإن الخسارة توزع عليهم جميعاً بحسب النسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر و إلا كان ذلك حسب أحكام المادة 425 من القانون المدني، و قد تناولت المواد من 793 إلى 795 من القانون التجاري ذلك أيضاً،و يستخلص من نص المادة 793 من القانون التجاري بأنه يجب إتباع طريقة القسمة التي اختارها الشركاء بأنفسهم في القانون التأسيسي للشركة،أما في حالة عدم النص فإنه يتعين تقسيم الصافي من موجودات الشركة بحيث ينال كل شريك نصيباً يعادل الحصة التي قدمها في رأس المال.
الفصل الرابع: بطلان الشركات التجارية
طبقاً لنص المادة 733 من القانون التجاري يستخلص أن هناك جملة من أسباب البطلان،فهذا الأخير لا يكون إلا إذا كان منصوصاً عليه في القانون التجاري و القوانين المكمِّلة له،و كذا في قواعد القانون المدني التي تحكم العقود بصفة عامة،و بهذا تكون أسباب البطلان هي جزاء الإخلال بشروط صحة عقد الشركة بصفة عامة أي الإخلال بالأركان الموضوعية الخاصة التي نصت عليها المادة 416 من القانون المدني،كما تشمل جزاء الإخلال بشروط صحة العقود بصفة عامة أي الإخلال بالأركان الموضوعية العامة،كما يكون الجزاء للإخلال بالشروط الشكلية.
أولا:البطلان الناجم عن الإخلال بالأحكام العامة التي تحكم عقد الشركة.
1)فيما يتعلق بعدد الشركاء.
كقاعدة عامة لا يجوز أن يقلّ عدد الشركاء عن اثنين في جميع الشركات المدنية بصفة عامة،أما بالنسبة للشركات التجارية فإن هذه القاعدة تطبق على شركة التضامن و الشركة ذات التوصية البسيطة و شركة المحاصة لعدم وجود نص خاص بهذه الشركات،و بالمقابل هناك أشكال أخرى من الشركات اشترط فيها المشرع عدد معين،فمثلاً الشركة ذات المسؤولية المحدودة طبقاً للأمر 96-27 يمكن أن تحتوي على شريك واحد،و لكن لا يمكن في الحالة المعاكسة أن تحتوي على عشرين (20) شريكاً، و هذا أثناء التأسيس.
و إذا حصل أن اختل فيها هذا الركن أثناء نشاطها عن الحد الأدنى لعدد الشركاء و هو اثنان (2) فإنه بإمكانها التحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة ذات شخص واحد،أما الإخلال بالحد الأقصى و الذي هو عشرين (20) شريك فإن المشرع قد أجاز التصحيح إذ أوجب أنه إذا زاد عدد الشركاء عن عشرين (20) شريكاً تحويلها إلى شركة مساهمة في أجل سنة واحدة.
أما فيما يتعلق بشركة التوصية بالأسهم فإن الحد الأدنى لعدد الشركاء هو أربعة (4)،و هذا ما يفهم من نص المادة 715 ثالثاً من القانون التجاري التي تشترط ألا يقلَّ الحد الأدنى فيها لعدد الشركاء الموصين عن ثلاثة (3).
أما بالنسبة للشركاء المتضامنين فلم يحدد ذلك و بالتالي فإن هذه الشركة يمكن أن تتكون من شريك واحد متضامن أو أكثر،و يترتب على ذلك أنه إذا قلّ عدد الشركاء الموصين عن ثلاثة (3) تكون الشركة باطلة كشركة ذات توصية بالأسهم،و في هذه الحالة تستطيع أن تتحول إلى شركة ذات توصية بسيطة فقط لخضوعهما لنفس النظام من حيث الاحتواء على نوعين من الشركاء.
أما بالنسبة لشركة المساهمة فقد أوجب المشرع ألا يقل عدد الشركاء فيها عن سبعة (7) ما نصت عليه المادة 592 قانون تجاري،و بالتالي فإذا قلّ عدد الشركاء عن سبعة (7) تكون باطلةً كشركة مساهمة،و إذا حصل أن اختل هذا الركن أثناء وجود الشركة و نشاطها فإن المشرع أوجب طرقاً لتفادي بطلان الشركة حيث أجاز للمؤسسين أن يحولوها إلى شركة من نوع آخر (المادة 715 مكرر15 من القانون التجاري).
مع ملاحظة أن تحويلها إلى شركة تضامن يتطلب موافقة جميع الشركاء (المادة 715 مكرر17ف1)،كما أن قرار تحويلها إلى شركة ذات توصية بسيطة أو بالأسهم يكون بموافقة كل الشركاء الذين يقبلون أن يصبحوا شركاء متضامنين( المادة 715 مكرر17 ف2).
و بهذا يظهر أن المشرع الجزائري فيما يتعلق بالإخلال بركن عدد الشركاء سواء ما تعلق بالحد الأدنى أو الحد الأقصى قد أجاز التصحيح في ركن عدد الشركاء و ذلك لتفادي بطلانها أثناء نشاط الشركة.
2)فيما يتعلق بالإخلال بركن تقديم الحصص.
إن تقديم الحصص من طرف الشركاء هو شرط ضروري لتأسيس الشركة إذ يترتب على عدم تقديم الحصص عدم قيام الشركة أصلاً، و ذلك نظراً لأن هذه الحصص تشكل الحد الأدنى لرأس المال الذي يعتبر الضمان العام للمتعاملين مع الشركة،و مسألة إثارة البطلان لعدم تقديم أي حصة تبقى احتمالاً نظرياً كما لا يمكن أن نتصور أن يلتزم أحد الشركاء بتقديم حصة ثم يخل بهذا الالتزام،كما تطرح مسألة البطلان لعدم تقديم الحصص أو في حالة تقديمها محملة بديون تفوق قيمتها،مثلاً تقديم حصة عينية تتمثل في عقار مثقل برهن،أو محل تجاري مرهون،في هذه الحالات يعتبر الاكتتاب في هذه الحصص باطلاً،و لهذا يُثار التساؤل عن مدى تأثير هذا البطلان على عقد الشركة؟
يجيب الفقه بأن ذلك يتوقف على أهمية الحصة موضوع البطلان بالنسبة لنشاط الشركة في المستقبل،و أن الشركة تبقى صحيحة، على الرغم من بطلان الحصة فإن رأس المال يبقى مكتتباً به بالكامل لدخول شريك آخر مكان الشريك الذي بطلت حصته و على العكس إذا كانت تلك الحصة ضرورية لتحقيق غرض الشركة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان عقد الشركة ككل،و فيما يتعلق بشركة المسؤولية المحدودة و المساهمة التي حدد فيهما المشرع الحد الأدنى لرأس المال لا يمكن أن يقل عنه فسوف نرى أنه قد أجاز التصحيح في هذا الركن.
أما فيما يتعلق بالشركات الأخرى:شركة التضامن و التوصية البسيطة التي لم يرد بصددها نص فنطبق القاعدة العامة فيما يتعلق بالانقضاء (الهلاك الكلي لرأس المال).
3)البطلان الناتج عن انتفاء نية المشاركة و تقسيم الأرباح و الخسائر.
تنص المادة 426 فقرة 1 من القانون المدني أن تضمين عقد الشركة مثل الشروط المنصوص عليها في هذه المادة يؤدي إلى بطلانها بطلاناً مطلق،و هذه القاعدة العامة لا تنطبق إلا على الشركات التجارية التي لم يرد بصددها نص خاص و هي: شركة التضامن،التوصية البسيطة،أما فيما يتعلق بشركة المساهمة و المسؤولية المحدودة فلدينا نص خاص،و هو نص المادة 733 من القانون التجاري "...كما أن هذا البطلان لا يحصل من بطلان الشروط المحظورة بالفقرة الأولى من المادة 426 من القانون المدني"، و تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام يستخلص أن وجود الشروط المنصوص عليها في المادة 426 قانون مدني يؤدي إلى بطلان هذه الشروط مع بقاء الشركة صحيحة خلافاً للقاعدة العامة.
ثانياً:الإخلال بالأحكام التي تسري على العقود بصفة عامة (الأركان الموضوعية العامة).
إن عقد الشركة كسائر العقود يستلزم أن تتوافر فيه أركان العقود بصفة عامة وهي:الرضا،الأهلية،المحل و السبب،و بالتالي فإن الإخلال بأي ركن من هذه الأركان أو عدم توافره على الشروط الواجب توافرها في القواعد العامة،من شأنه أن يؤثر على عقد الشركة.
1)الإخلال بالرضا و الأهلية.
ينطبق على التراضي في مجال الشركات مبدأ أن يكون التزام الشركاء يعبر عن إرادة حرَّة،و هذه الأخيرة تتطلب أن يكون التراضي حقيقياً و خالي من العيوب المعروفة.
و هي الغلط،الإكراه و التدليس،و نفس الشيء بالنسبة لشرط الأهلية الذي يعتبر شرطاً لصحة العقود كقاعدة عامة،و من النادر أن يصيب عيب من هذه العيوب إرادة كافة الشركاء في نفس الوقت أو أن يكون كافة الشركاء ناقصي الأهلية،و لذا يطرح التساؤل حول ما إذا شابت إرادة أحد الشركاء أو أكثر عيب من هذه العيوب،أو كانوا ناقصي الأهلية فهل يقتصر التمسك بالبطلان على الشخص المعيب رضاه أو ناقص الأهلية أو أن ذلك يؤثر على العقد ككل؟ البطلان هنا نسبي و كقاعدة عامة إذا شاب إرادة أحد الشركاء عيب من عيوب الرضا أو كان ناقص الأهلية في وقت تكوين الشركة كانت الشركة باطلة لمصلحة من شاب العيب رضاه أو كان ناقص الأهلية،غير أنه يتضح من نص المادة 733 فقرة1 من القانون التجاري فيما يتعلق بعيب الرضا و نقص الأهلية يفرق بين الشركات التجارية حيث خص كل من شركة المساهمة و المسؤولية المحدودة بحكم خاص،و لهذا فتطبيقاً للقواعد العامة و للنص الخاص يكون أثر عيب الرضا و نقص الأهلية يختلف باختلاف الشركات التجارية،ففي شركة التضامن و كذا في شركتي التوصية بنوعيها: البسيطة و بالأسهم بالنسبة لفئة الشركاء المتضامنين يمكن القول أنه قياساً على حالة نقص أهلية الشريك (المادة 563 من القانون التجاري) يكون عيب الرضا سبباً من أسباب انقضاء الشركة كشخص معنوي بالنسبة للشركاء و باطلة بالنسبة إليه،بمعنى يكون للشريك المعيب رضاه أو ناقص الأهلية الحق في أن يسترد حصته كاملة و لا يتحمل شيئاً من الخسائر و لا يحصل على نصيب من الأرباح،أما بالنسبة لشركة المساهمة و المسؤولية المحدودة فإن نقص أهلية الشريك لا تؤثر على الشركة إذ يستطيع القاصر أن يستثمر أمواله عن طريق الولي أو الوصي، و نجد المشرع اشترط لبطلان هاتين الشركتين أن يكون نقص الأهلية يمس كافة الشركاء،و الذين حددهم المشرع بسبعة (07) كحدٍ أدنى في شركة المساهمة و عشرين (20) كحد أقصى في الشركة ذات المسؤولية المحدودة،و هذا يعتبر من قبيل المستحيل تصوره في الواقع و هدف المشرع من هذا الشرط هو التضييق من نطاق البطلان في هاتين الشركتين.
2)الإخلال بركني المحل و السبب(عدم مشروعية المحل و السبب).
البطلان هنا من النوع المطلق،و في هذه الحالة لا يثور أي مشكل إذا لم يكن العقد قد نفذ و لم تكن الشركة قد باشرت أعمالها،أما إذا نفذ العقد كأن يكون الشركاء قد قدّموا حصصهم ففي هذه الحالة يثور التساؤل حول مدى إمكان استرداد هذه الحصص؟ يتجه الفقه التقليدي إلى القول بعدم جواز ذلك استناداً إلى أنه لا يجوز لأحد أن يؤسس دعواه على عمله الخاطئ،في حين يرى الفقه الحديث و هو الراجح جواز استرداد الحصص على أساس القواعد العامة في الإثراء بلا سبب،كما تثور صعوبات أخرى في حالة ما تكون الشركة قد باشرت نشاطها و دخلت في معاملات مع الغير و حققت أرباح،فيطرح مشكل ما مصير حقوق الغير الذي تعامل مع الشركة من جهة و كيفية توزيع الأرباح التي لم توزع؟ بالنسبة لحقوق الغير قبل الشركة فنميز بين سيء النيّة و حسن النيّة،و الأصل أنه يجوز الاحتجاج بالبطلان المطلق على الغير و لو كان حسن النيّة، إلا أنه من أجل عدم إهدار حقوق الغير حسن النيّة إتجه الرأي الراجح إلى عدم جواز الاحتجاج على الغير بعدم مشروعية المحل إذا كان هذا الغير لا يعلم بعدم المشروعية و كان العقد الذي تم بينه و بين الشركة يقوم على سبب مشروع، و طبقاً للمادة 742 قانون تجاري نجد المشرع لم يستثني من الأسباب التي يجوز الاحتجاج بها على الغير سوى البطلان الناجم عن عدم الأهلية و انعدام الرضا؛
3)الإخلال بالشروط الشكلية.
سبق و أن رأينا أن المشرع قد اشترط في المادة 418 قانون مدني و المادتين 545 و 548 من القانون التجاري أن يكون عقد الشركة مكتوباً بصفة عامة،سواء كانت الشركة مدنية أو تجارية،و بالإضافة لذلك استلزم اتخاذ إجراءات الشهر بالنسبة للشركات التجارية،و قد رتب على الإخلال بهذه الشروط بطلاناً من نوعٍ خاص،و هذا ما يتضح من نص المادة 418 فقرة 2 قانون مدني"غير أنه لا يجوز أن يحتج الشركاء بهذا البطلان قبل الغير و لا يكون له أثر فيما بينهم إلا من اليوم الذي يقوم فيه أحدهم بطلب البطلان"،من هذا النص يتضح أن المشرع فرّق بين علاقة الشركاء فيما بينهم و علاقة الشركاء بالغير.
أ-علاقة الشركاء فيما بينهم.
يجوز لكل شريك أن يتمسك بالبطلان و يحدث ذلك مثلاً إذا طالبه بقية الشركاء بتقديم حصته فيمتنع عن تقديمها استناداً إلى بطلان الشركة،المشرع عالج هذا البطلان على أساس أنه لا يسري على الماضي و لا يكون له أثر رجعي،بمعنى أنه ينتج أثره من وقت طلبه البطلان،و هذا طبيعي لأن الشركاء قد تعاملوا حتى ذلك الوقت على أساس أن الشركة صحيحة و قائمة.
ب-علاقة الشركاء بالغير.
لا يجوز للشركاء أن يتمسكوا بالبطلان قِبل الغير لأنهم قد ارتكبوا خطأ في عدم إتباع الشكل القانوني و لا يجوز لهم أن يستفيدوا من هذا الخطأ،أما الغير فله الخيار في التمسك بقيام الشركة و ما أدخل عليها من تعديلات غير مكتوبة و له أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات( المادة 545 فقرة 2 قانون تجاري) كما يجوز له التمسك ببطلانها.
و في الواقع فإن الإخلال بالشروط الشكلية المتعلقة بالكتابة لا يمكن تصوره في الناحية التطبيقية لأن ذلك سوف يصطدم و يكتشف أثناء تسجيل الشركة في السجل التجاري،و هذا بسبب أن المشرع الجزائري قد أحاط مسألة التحقق من تأسيس الشركات و مدى مطابقتهما للقانون لمصلحة السجل التجاري،إذ تنص المادة 14 من القانون 90-22 المتعلق بالسجل التجاري تنص "تقوم مصالح المركز الوطني للسجل التجاري المختصة بحضور الخاضع للقيد بفحص مطابقة الملف المقدم،و برفض كل ملف غير كامل،أو يحمل وثائق غير مطابقة في شكلها أو مضمونها تلقائياً "،كما أن من الوثائق المطلوبة لقيد كل شخصٍ معنوي في السجل التجاري ما نصت عليه المادة 13 من نفس القانون،تقديم نسخة من القانون الأساسي للشركة المتضمن تأسيس الشركة محررة في عقد توثيقي،نسخة من نشر القانون الأساسي للشركة في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية،و في جريدة يومية وطنية.
آثار البطلان (نظرية الشركة الفعلية).
يستنتج مما تقدم أن بطلان الشركات ينفرد بأحكام خاصة في نطاق آثار هذا البطلان،فهذا الأخير بنوعيه المطلق و النسبي يجعل العقد كان لم يكن،و خلافاً للقواعد العامة ليس للبطلان أثر رجعي، و هي قاعدة جوهرية تنطبق على جميع الشركات بصفة عامة،و هذا ما يعرف بنظرية الشركة الفعلية، و يتم ذلك وفقاً لحل الشركات،إذ متى قضي ببطلان الشركة يشرع في تصفيتها وفقاً لأحكام القانون الأساسي و أحكام تصفية الشركات التجارية،و لتطبيق نظرية الشركة الفعلية لابد من توافر شروط:
من المتفق عليه أنه لا تطبق أحكام الشركة الفعلية إلاَّ إذا تكوّنت الشركة فعلاً و دخلت في معاملات مع الغير،و ذلك أنه لا تظهر أية صعوبة في تطبيق القواعد العامة قبل دخول الشركة في معاملات مع الغير؛
كما يجب توافر جميع العناصر اللازمة لتكوين الشركة من عناصر موضوعية و خاصة،أما إذا انتفى عنصر مثلاً تقسيم الأرباح و الخسائر أو لم تكن هناك حصص أصلاً،فلا تكون هناك شركة لا فعلاً و لا قانوناً؛
و كذلك يستبعد تطبيق نظرية الشركة الفعلية في حالة البطلان لعدم مشروعية المحل و السبب،لأن تطبيقها في هذا الفرض معناه الاعتراف بالغرض غير المشروع،و في الواقع فإن مجال تطبيق الشركة الفعلية يتمثل أساساً في حالة البطلان لتخلف الشروط الشكلية كالكتابة و الشهر،في هذا المجال تجد الشركة الفعلية سند تشريعي لها في المادة 418 فقرة 2 من القانون المدني،التي تقضي بأن البطلان لعدم الكتابة لا يسري أثره إلا من يوم طلبه؛
-كما يمكن إدخال حالات أخرى تتمثل في البطلان النسبي في شركات الأشخاص،و ذلك بالنسبة لبقية الشركاء الذين لم يقم بالنسبة إليهم سبب البطلان،و كذا الحكم إذا تخلفت بعض الشروط الخاصة التي يتطلبها القانون في بعض الشركات و المتعلقة بعدد الشركاء و مقدار رأس المال في شركة المساهمة و المسؤولية المحدودة،إذ كما سبق أن رأينا أن المشرع في هذه الحالات قد أجاز التصحيح من جهة،كما رتب في حالة عدم القيام بذلك الانحلال و ليس البطلان،و في الواقع فإن القضاء الفرنسي لما أنشأ نظرية الشركة الفعلية فإن ذلك كان بهدف تحويل البطلان إلى مجرد انقضاء أو انحلال للشركة؛
و هذا صحيح بدليل أن الشركة الفعلية ترتب نفس الآثار التي ترتبها الشركة المنحلّة من حيث أن كلاً منهما تحتفظ بالشخصية المعنوية لحين تسوية أحوال التصفية، و هذا ما نصت عليه المادة 741 من القانون التجاري،و هو وجه الشبه بين الشركة الفعلية و الشركة المنقضية؛
أما الاختلاف بينهما فينحصر في أن أسباب الانقضاء تختلف عن أسباب البطلان.
الأساس القانوني لنظرية الشركة الفعلية.
الأساس القانوني للشركة الفعلية يكمن في نص المادة 418 قانون مدني،و من الواضح جداً أن هذا النص يهدف للمحافظة على حقوق الغير و الرغبة في عدم زعزعة المراكز القانونية،و بالتالي تهدف هذه النظرية لتحقيق مبدأين أساسيين:
المبدأ الأول: حماية الغير الذي اطمأن إلى قيام الشركة كشخص معنوي؛
المبدأ الثاني: اعتبار الشركة موجودة في الماضي فلا يترتب على البطلان أي أثر رجعي فيما بين الشركاء.
آثار نظرية الشركة الفعلية.
1-فيما بين الشركاء.
إن تطبيق القواعد العامة للبطلان يؤدي إلى استرداد كل شريك حصته بالكامل دون أن يتحمل شيئاً من الخسارة أو الأرباح إن وجدت،و تسري هذه القواعد على الشركاء الذين بطل العقد بالنسبة إليهم بطلاناً نسبي دون تعديل،أما بالنسبة لبقية الشركاء فإنه بالنسبة لتطبيق نظرية الشركة الفعلية يؤدي إلى استرداد كل شريك حصته بعد المساهمة في الخسائر و في الأرباح إن وجدت؛
2-في العلاقة بين الشركة،الشركاء و الغير.
يكون للغير أن يختار وفقاً لمصلحته بين بقاء الشركة في الماضي و التمسك ببطلانها بأثرٍ رجعي،فدائن الشركة مثلاً من مصلحته التمسك ببقائها في الماضي حتى يتفادى الدائنين الشخصيين للشركاء،بينما تظهر مصلحة دائن الشريك في التمسك ببطلان الشركة بأثر رجعي حتى يتمكن من التنفيذ من حصة الشريك المدين بعد تصفية الشركة نتيجة الحكم ببطلانها،و إذا حدث أن تعارضت اختيارات دائني الشركة أنفسهم بحيث كان هناك من يتمسك ببقاء الشركة في الماضي،و بين من يتمسك بزوالها بأثر رجعي فإنه يجب ترجيح هذا الأخير لأنه هو الأصل.
*من الوسائل القانونية لتصحيح البطلان إعطاء المحكمة مهلة للتصحيح (المادة 735 قانون تجاري) و التي تنص على أن دعوى البطلان تنقضي إذا زال سبب البطلان في اليوم الذي تتولى فيه المحكمة النظر في الموضوع ابتدائياً باستثناء البطلان المؤسس على عدم مشروعية موضوع الشركة (عدم مشروعية المحل)،كما أن للقاضي عند النظر في النزاع حق إعطاء مهلة للمتعاقدين تمكنهم من تصحيح عقد الشركة،كما لا يجوز للقاضي أن يقضي بالبطلان في أقل من شهرين من تاريخ افتتاح الدعوى.
إمكانية التصحيح: أجاز المشرع التصحيح في عدة حالات تتمثل في الآتي:
1-حالة نقص أهلية الشريك أو عيب أصاب رضاه: أجاز المشرع التصحيح في حالة نقص أهلية الشريك أو عيب أصاب رضاه،و ذلك بإعطاء الفرصة لكل من يهمه الأمر أن ينذر الشخص المعني للقيام بإجراء التصحيح و ذلك بإجازة العقد في خلال 6 أشهر،أو برفع دعوى البطلان في نفس الأجل (المادة 738 فقرة1 من القانون التجاري)،و إذا حصل أن اختار الشريك الحل الأخير و هو رفع دعوى بطلان يمكن للشركة أو أحد الشركاء لتفادي البطلان اقتراح شراء حصة الشريك ناقص الأهلية أو المعيب رضاه لإخراجه من الشركة (المادة 738 فقرة 2 من القانون التجاري)؛
2-حالة عدم احترام الشهر: أجاز المشرع لكل من يهمه الأمر إنذار الشركة بالتصحيح خلال 30 يوماً و إلا كان له أن يطلب من المحكمة تعيين وكيل للقيام بالتصحيح (المادة 739 قانون تجاري)؛
3-الاحتجاج بالبطلان: تطبيقاً لنص المادة 742 قانون تجاري فإن أي تمسك بالشركة كشخص معنوي أو الشركاء بصفتهم الشخصية غير جائز إذا تعارض مع حسن النيّة و لا يستثنى إلا حالة البطلان لعدم الأهلية و انعدام الرضا،فيمكن الاحتجاج به حتى في مواجهة الغير حسن النية من طرف عديم الأهلية أو ممثليه الشرعيين،و كذا من طرف الشريك الذي انتزع رضاه.
4-إقامة تقادم قصير لدعوى البطلان: تنقضي دعوى البطلان بـ3 سنوات مع مراعاة مدة 6 أشهر المتعلقة بفترة الإنذار،و هذا ما نصت عليه المادة 740 من القانون التجاري "تتقادم دعوى بطلان الشركة أو الأعمال أو المداولات اللاحقة لتأسيسها بانقضاء 3 سنوات اعتباراً من تاريخ حصول البطلان،و ذلك من دون الإخلال بانقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 738 من القانون التجاري".
الباب الثاني: شركات الأشخاص.
ترتكز هذه الشركات في تكوينها على الاعتبار الشخصي سواء عند إبرام عقد الشركة أو عند تعامل الغير معها،و تختلف درجة الثقة في هذه الشركات باختلاف نوع الشركة و النموذج الأمثل لها هو شركة التضامن و التوصية البسيطة ثم شركة المحاصة.
الفصل الأول :شركة التضامن.
تعتبر شركة التضامن النموذج الأمثل لشركات الأشخاص و نظراً لمسؤولية الشركاء الصارمة فيها،و كذا ظهور أسماء الشركاء في العنوان فإنها تسمى أيضاً بـ"شركة الاسم الجماعي" (Société au nom collectif)،و من الناحية الاقتصادية فإن شكل هذه الشركة يناسب المشروعات الصغيرة التي تقوم بين أشخاص لهم صلة شخصية كأعضاء الأسرة الواحدة أو الأصدقاء،و شركة التضامن نظمها المشرع في المواد من 551إلى 563 من القانون التجاري،و أحال في بقية أحكامها إلى الأحكام العامة لعقد الشركة في القانون المدني،لهذا سوف نقتصر على دراسة هذه الشركة من حيث الأحكام الخاصة بها و انقضائها؛
المبحث الأول: تأسيس شركة التضامن.
إن تأسيس هذه الشركة تأسيساً صحيحاً يتطلب ضرورة توافر جميع الأركان الموضوعية العامة و الخاصة،و الشكلية حسب التفصيل السابق،كما يستلزم كتابة عقد الشركة بعقد رسمي على أساس أن الكتابة شرط للإنشاء و للإثبات،و هذا كما ألزم المشرع ممثلي هذه الشركة كشخص معنوي بإتمام إجراءات الشهر،إذ بالإضافة للمادة 548 قانون تجاري نجد نص خاص بهذه الشركة و هو المادة 734 من القانون التجاري "يطلب في شركات التضامن و إلا كان باطلاً إتمام إجراءات النشر الخاصة بالعقد أو المداولة حسب الأحوال،دون احتجاج الشركاء و الشركة اتجاه الغير بسبب البطلان،غير أنه يجوز للمحكمة ألاَّ تقضي بالبطلان الذي حصل إذا لم يثبت أي تدليس"،و هذه المادة تعتبر تطبيق للنظرية الفعلية في شركات التضامن،من هذا النص يظهر مدى حرص المشرع على شهر شركة التضامن كشركة تجارية لما يلعبه هذا الركن من إعلان عن مولد الشخص المعنوي،و نظراً لأن شركة التضامن يكون فيها جميع الشركاء مسؤولين مسؤولية تضامنية و مطلقة فإن أهم البيانات التي يجب أن تكون محل نشر هي:
-ذكر جميع الشركاء بأسمائهم و ألقابهم و عناوينهم؛
-عنوان الشركة،المدير أو المديرين،رأس المال و قيمة الحصص العينية،مدة الشركة (المادة 546 قانون تجاري) ؛
و يجب كذلك شهر كل تعديل يطرأ على هذه البيانات كخروج أحد الشركاء من الشركة،أو تغيير عنوانها أو مدتها؛
المبحث الثاني: جزاء الإخلال بقواعد التأسيس.
تطبيقاً لنص المادة 333 من القانون التجاري فإن الإخلال بالشروط الموضوعية العامة و الخاصة لشركة التضامن يستدعي تطبيق ما يسري على العقود بصفة عامة،و فيما يتعلق بالشروط الشكلية طبقاً لنص المادة 734 كنص خاص بشركة التضامن،فإن جزاء الإخلال بالشهر هو البطلان،و لكنه بطلان من نوع خاص و هو تطبيق لنظرية الشركة الفعلية (و بالتالي يجب الرجوع إلى كل ما قيل في آثار البطلان لتخلف الشروط الشكلية و نظرية الشركة الفعلية).
المبحث الثالث: خصائص شركة التضامن.
تتميز شركة التضامن بالخصائص التالية:
المطلب الأول: المسؤولية الشخصية و التضامنية.
أولاً:المسؤولية الشخصية.
إن الشركاء في هذه الشركة يُسألون عن ديونها مسؤولية شخصية في أموالهم الخاصة و يكون باطلاً كل شرط في عقد الشركة يعفي الشريك من المسؤولية الشخصية أو يحدُّ من مسؤوليته فيها،فإذا حصل و أن اتفق في العقد على تحديد مسؤولية الشركاء بقيمة حصصهم و تبين للقاضي أن الشركاء قد اتجهوا إلى إنشاء شركة تضامن فإن هذا الشرط يبطل و يُسأل الشركاء عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة.
ثانياً: المسؤولية التضامنية.
و هذا التضامن يقوم فيما بين الشركاء و أيضاً فيما بين الشركة و الشركاء،و هو تضامن قانوني،إذ نصت على ذلك المادة 551 من القانون التجاري،"للشركاء بالتضامن...مسؤولون من غير تحديد و بالتضامن عن ديون الشركة"،و لقد وضع المشرع في المادة 551 فقرة2 شرطاً تنظيمياً مؤداه سبق مطالبة الشركة بتسديد الدين أي إعذارها بالوفاء،و إذا انقضت المدة المحددة بخمسة عشر (15) يوم من تاريخ الإنذار و لم تدفع الشركة كان لهذا الدائن أن يرجع على أموال الشركاء،و إذا وفّى الشريك ديناً على الشركة فإنه يحل محل الدائن في حقوقه،و يكون له أن يرجع على الشركة بدعوى الدائن كما يرجع على كل من الشركاء بحصته في الدين،و إذا كان أحدهم معسراً فإن حصته في الدين توزع على الباقين بما فيهم الشريك الموفي( تطبيقاً للقواعد العامة المواد من 671إلى 673 قانون مدني).
المطلب الثاني: اكتساب الشركاء صفة التاجر.
يجب أن يكون كل الشركاء لهم صفة التاجر عند انعقاد الشركة و لهذا يطلق عليها البعض شركة التجار،و طالما أن الشريك في شركة التضامن هو أكثر مخاطرة بأمواله نتيجة المسؤولية الشخصية و التضامنية،فيجب أن تتوافر في الشريك الأهلية التجارية بمعنى إما أن يكون راشداً و إما مرشداً (تطبيق قواعد القانون التجاري المادة 5 و6)،و نظراً لهذه الخصائص فإنه يترتب على إفلاس شركة التضامن إفلاس جميع الشركاء،و هذا ما نصت عليه صراحةً المادة 223 من القانون التجاري،في حالة قبول تسوية قضائية أو إشهار إفلاس شركة مشتملة على شركاء مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة ينتج الحكم آثاره بالنسبة لهؤلاء الشركاء.
المطلب الثالث: عنوان الشركة.
إن عنوان الشركة هو الاسم التجاري الذي تتعامل به مع الغير و توقع به جميع معاملاتها،و يتألف عنوان شركة التضامن من أسماء الشركاء،و ليس من الضروري ذكر أسمائهم جميعاً إذا كان العدد كبير،بل يكتفي بذكر أحدهم مع إضافة "و شركائه" (المادة 552 قانون تجاري)،و يتضح من هذه المادة أن إضافة "وشركائه" إلزامية حتى يتضح للغير أن هناك شركاء آخرين في الشركة،و نظراً لأهمية هذا العنوان لما له من أثر في تعامل الغير مع الشركة لا يجوز إدخال اسم أجنبي في عنوان الشركة غير شريك فيها، و يترتب على ذلك أنه إذا انسحب أحد الشركاء أو توفي و استمرت الشركة مع باقي الشركاء أو مع ورثته يجب حذف اسمه من العنوان،و هذا ما يعتبر تعديل في العنوان و كل تعديل يستوجب الشهر طبقاً للقواعد السابقة الذكر.
المطلب الرابع: عدم جواز انتقال حصص الشركاء.
تنص المادة 560 من القانون التجاري " لا يجوز أن تكون حصص الشركاء ممثلة في سندات قابلة للتداول ،و لا يمكن إحالتها إلا برضا جميع الشركاء،و يعتبر كل شرط مخالف لذلك كأن لم يكن"،يلاحظ من هذه المادة أن المبدأ العام هو عدم جواز التنازل عن الحصة سواء بعوض أو بلا عوض،و هذه نتيجة طبيعية لما لشخصية الشريك من أهمية كبرى للشركة،و إذا حصل أن تم التنازل فإن المشرع اشترط إجماع الشركاء،غير أن الملاحظ أن المشرع لم يحدد المتنازل إليه إن كان من الغير أو من الشركاء أنفسهم،و ذلك أن التنازل عن الحصة لأحد الشركاء جائز طالما أنه لا يمس بالاعتبار الشخصي،و متى كان التنازل عن الحصة جائز فيجب إثبات ذلك بعقد رسمي،إذ يعتبر ذلك حوالة لحق الشريط قِبل الشركة،فيجب على الشركة بدورها أن تقبل هذه الحوالة بعقد رسمي بعد تبليغها بذلك بعقدٍ رسمي بخلاف القواعد العامة (الحوالة في القانون المدني)،كما أن هذا التنازل لا يسري في مواجهة الغير إلا بعد شهره و نشره على أساس أنه تعديل أدخل على عقد الشركة،ما نصت عليه صراحة الفقرة 2 من المادة 561 من القانون التجاري.
المبحث الرابع: الأسباب الخاصة لانقضاء شركة التضامن.
نظراً لأن شركة التضامن تقوم على الاعتبار الشخصي بمعنى الثقة المتبادلة بين الشركاء،فإن هذا الاعتبار هو شرط ابتداء و شرط بقاء في نفس الوقت،و على هذا الأساس فإن شركة التضامن بالإضافة إلى الأسباب العامة لانقضاء الشركات فإنها تنقضي كلما تعرض هذا الاعتبار لأي سبب من شأنه القضاء عليه،و تتمثل هذه الأسباب وفقاً لنصوص القانون فيما يلي:
1-إفلاس أحد الشركاء أو الحجر عليه،طبقاً لنص المادة 563 من القانون التجاري فإن إفلاس أحد الشركاء أو الحجر عليه-إصابته بعارض من عوارض الأهلية-يترتب عليه انقضاء الشركة،إن إفلاس أحد الشركاء في شركة التضامن يترتب عليه انقضاء الشركة و ذلك بسبب زوال الثقة التي وضعها فيه شركاؤه،غير أن القانون أجاز لباقي الشركاء الاتفاق على الاستمرار بمعزل عن الشريك المفلس-هذا إذا لم يكن القانون الأساسي قد نص مسبقاً على ذلك-
2-كما تنحل شركة التضامن إذا فقد أحد الشركاء أهليته بسبب الجنون أو العته (عوارض الأهلية)، أو منع من ممارسة مهنة تجارية نتيجة مانع من موانع الأهلية،و نفس الحكم كما في حالة الإفلاس يجوز الاتفاق على استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء،و في هذه الحالة يقرر نصيب هذا الشريك في أموال الشركة حسب قيمته يوم الحجر و يدفع لممثله القانوني.
3-انقضاء الشركة بوفاة أحد الشركاء: طبقاً للمادة 562 من القانون التجاري فإن شركة التضامن تنقضي بالوفاة كقاعدة عامة،و استثناءاً لا تنقضي إذا تضمن القانون الأساسي خلاف ذلك،بمعنى أن القانون أعطى للشركاء إمكانية تفادي الانقضاء بالنص في العقد التأسيسي للشركة على استمرارها في حالة وفاة أحد الشركاء،و في هذه الحالة إذا ترك المتوفي وارثاً أو أكثر يعتبر هؤلاء الورثة إذا كانوا قصراً شركاء موصين طوال مدة قصرهم،بمعنى أن شركة التضامن تتحول إلى شركة توصية بسيطة مؤقتاً لحين أن يصبح هؤلاء شركاء متضامنين عندما تتوافر فيهم الأهلية،و هكذا مهما كانت أسباب الانقضاء التي تنقضي بها شركة التضامن سواء كانت أسباب عامة أو خاصة،فإنه يجب نشر هذا الانقضاء تطبيقاً للأحكام المتعلقة بالسجل التجاري،و تدخل الشركة كشخص معنوي في مرحلة التصفية و القسمة حسب الأحكام المفصلة سابقاً (الرجوع لأحكام التصفية).
الفصل الثاني: شركة التوصية البسيطة.
تعتبر هذه الشركة من الناحية التاريخية من أقدم الشركات التجارية،إذ يرجع ظهورها إلى القرون الوسطى حيث كانت الكنيسة تحرم القرض بفائدة،و لما كان الأشراف يرون في مهنة التجارة مهنة محتقرة لا تتناسب و وضعهم الاجتماعي فكانوا يلجؤون إلى استثمار أموالهم عن طريق عقد التوصية الذي عُرف أساساً في المدن الايطالية و خاصةً في التجارة البحرية،و يتضمن هذا العقد تسليم التاجر أموالاً نقدية أو عينية بقصد الاتجار بها و توزيع الأرباح بين الطرفين على أساس العقد،على شرط ألاَّ يكون مقدم المال مسؤولاً إلاَّ في حدود ما قدمه،و عن طريق هذا العقد تمكن الأشراف آنذاك من ممارسة التجارة بصورة مستترة بواسطة غيرهم دون أن يعرضوا مركزهم الاجتماعي للظهور و دون أن يتحملوا المسؤولية كاملة.
المبحث الأول: تكوين شركة التوصية.
إن الشركة ذات التوصية البسيطة كسائر الشركات التجارية تخضع إلى جميع القواعد العامة ، الخاصة و الشكلية،و بصورة خاصة إلى جميع الأحكام المتعلقة بشركة التضامن،و هذا ما نصت عليه صراحة المادة 563 مكرر من القانون التجاري "تطبق الأحكام المتعلقة بشركة التضامن على شركات التوصية البسيطة مع مراعاة القواعد المنصوص عليها في هذا الفصل"،فمعنى كل الأحكام بما في ذلك الالتزام بالشهر مع الجزاء المترتب على ذلك و أثره،فشركة التوصية تخضع إلى جميع الشروط الشكلية التي تنطبق على الشركات بصفة عامة،كما تنطبق عليها كافة أحكام الشهر التي سبقت دراستها في شركة التضامن مع الجزاء المترتب على إهماله و هو بطلان الشركة،و الجدير بالملاحظة أن شركة التوصية البسيطة تتميز في أن الملخص الذي يجب أن يشهر يجب أن يتضمن أسماء الشركاء المتضامنين فقط دون أسماء الشركاء الموصين الذين يظهر إسمهم في القانون الأساسي للشركة فقط،و يجب أن يتضمن القانون الأساسي لشركة التوصية البسيطة جملة من البيانات نص عليها المادة 563 مكرر3 من القانون التجاري،مبلغ أو قيمة حصص كل الشركاء،حصة كل شريك متضامن أو شريك موصي في هذا المبلغ أو القيمة،الحصة الإجمالية للشركاء المتضامنين و حصتهم في الأرباح، و حصتهم في الفائض من التصفية؛
و يقع اتخاذ إجراءات الشهر على عاتق الشركاء المتضامنين،في حين أن الموصين لا تقع عليهم أية مسؤولية في حالة انعدام الشهر.
المبحث الثاني: خصائص شركة التوصية.
نظراً لأهمية هذه الشركة فإنها تتميز بمميزات خاصة سواء من حيث الشركاء،العنوان،الحصص أو رأس المال:
المطلب الأول: خصائص الشركة من حيث الشركاء.
تضم هذه الشركة نوعين من الشركاء: شركاء متضامنين و شركاء موصين:
أولاً: المركز القانوني للشركاء المتضامنين.
ينطبق على الشركاء المتضامنين القواعد المتعلقة بالشريك المتضامن (المسؤولية الشخصية و التضامنية،اكتساب صفة التاجر و ظهورهم في العنوان).
من حيث التنازل عن حصص الشركاء المتضامنين: يتضح من خلال نص المادة 563 مكرر7 فقرة 3 من القانون التجاري أن هناك خصوصية فيما يتعلق بالتنازل عن حصص الشركاء في شركة التوصية البسيطة فالمبدأ العام أن التنازل عن حصص الشركاء يتطلب موافقة كل الشركاء،غير أنه يمكن في القانون الأساسي منح الشريك المتضامن إمكانية التنازل عن جزء من حصصه إلى شريك موصي أو شخص أجنبي،غير أن ذلك لا يكون إلا بتوافر شرطين:
الشرط الأول: موافقة كل الشركاء المتضامنين؛
الشرط الثاني: أغلبية الشركاء الموصين في العدد و رأس المال؛
ملاحظة: يخضع التنازل عن حصص الشركاء المتضامنين في شركة التضامن لنفس القواعد الشكلية التي يخضع لها التنازل عن حصص الشركاء المتضامنين في شركة التضامن، و بالتالي تنطبق بصددها المادة 561 من القانون التجاري.
ثانياً: المركز القانوني للشركاء الموصين.
إن الشركاء الموصين لا يُسألون عن ديون الشركة إلا في حدود حصتهم،و هذه المسؤولية المحدودة نصت عليها المادة 563 مكرر1 فقرة 2 من القانون التجاري،و يترتب على ذلك أن الشريك الموصي لا يلتزم إلا بتقديم حصته فلما يقدمها تبرأ ذمته من كل التزام،و إذا حدث أن أفلست الشركة لا يمس هذا الإفلاس إلا الشركاء المتضامنين و لا يكون للوكيل المتصرف القضائي أن يرجع على الشريك الموصى،إلا لمطالبته بتقديم حصته إذا كانت لم تقدم،و يترتب كذلك على مبدأ المسؤولية المحدودة للشريك الموصى نتائج هامة تعتبر بدورها من ضمن الخصائص التي تتميز بها هذه الشركة من حيث فئة الشركاء الموصين، و هي:
1-عدم ظهور اسم الشركاء الموصين في العنوان و منعهم من التدخل في الإدارة؛
2-عنوان الشركة: من النتائج الهامة التي تترتب عن المسؤولية المحدودة للشريك الموصي أن اسم هذا الأخير لا يمكن أن يظهر في عنوان الشركة،و ذلك حتى لا يعتقد الغير خطأً أنه مسؤول مسؤولية غير محدودة،و قد يحدث أن يكون شريك متضامن واحد و الباقي موصين،فهنا لابد من ذكر اسم الشريك المتضامن مع إضافة "و شركاؤه"،و لو كانوا موصين،و إذا حدث أن ظهر اسم الشريك الموصي في العنوان فإنه يصبح مسؤولاً بالتضامن عن جميع ديون الشركة (المادة 563 مكرر2 فقرة 2 قانون تجاري).
مع ملاحظة أن هذا الشريك الموصي يبقى محتفظاً بمركزه القانوني و هو مسؤوليته المحدودة بحيث إذا حصل و أن وفىَّ للغير ديون الشركة من أمواله الخاصة يكون له حق الرجوع على الشركاء الآخرين بما دفعه زيادة عن حصته في الشركة.
3-من حيث تقديم الحصص و التنازل عنها.
أ-من حيث تقديم الحصص: إن الحصص التي يقدمها الشركاء المتضامنين يمكن أن تتمثل في حصص نقدية أو عينية أو عمل،كما هو الحال بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركة التضامن،أما بالنسبة للشركاء الموصين فإن الحصص التي يمكن لهم تقديمها تنحصر في الحصص العينية أو النقدية فقط،و هذا ما نصت عليه صراحة المادة 563 مكرر1 فقرة 2 من القانون التجاري سالفة الذكر "...التي لا يمكن أن تكون على شكل تقديم عمل"؛
ب-من حيث التنازل عن الحصص: من حيث التنازل عن حصة الشركاء الموصين فإنه بخلاف الشركاء المتضامنين يجوز للشركاء الموصين التنازل عن كل حصصهم بكل حرية بين الشركاء،أما التنازل عن حصصهم للغير فيجب موافقة كل الشركاء المتضامنين+ الشركاء الموصين الممثلين أغلبية رأس المال.
المطلب الرابع: نشاط شركة التوصية البسيطة.
يرتكز نشاط هذه الشركة على إدارة توكل إلى عدة شركاء متضامنين أو أحدهم مع تدخل الشركاء الآخرين،مع ملاحظة أن هذا التدخل يقوم على قاعدة أساسية تميز كل شركة توصية،و هي: منع الشريك الموصي من القيام بأي عمل تسيير خارجي.
الفرع الأول: إدارة الشركة.
تنظم الإدارة في هذه الشركة بالطريقة التي تنظم بها إدارة شركة التضامن،و بالتالي تطبق جميع الأحكام من حيث تعيين المدير و عزله و الآثار المترتبة على ذلك.
الفرع الثاني: منع الشريك الموصى من التدخل في الإدارة.
نصت على هذا المنع المادة 563 مكرر5،و يتجه الرأي الراجح إلى القول بأن هذه القاعدة يهدف منها المشرع إلى حماية الغير الذي يتعامل مع الشركة،و هي نفس الحكمة من عدم ظهور إسمه في العنوان،و يظهر من هذا المنع أن مجاله ينحصر في الإدارة الخارجية،أي كل تصرف يتعلق بصلة الشركة بالغير كأن يشتري من الغير لحساب الشركة أو يقترض باسمها أو يبيع للغير باسم الشركة،و لا يجوز له ذلك و لو بناءاً على توكيل من المدير أو الشركاء،أما أعمال الإدارة الداخلية فتبقى من الحقوق اللصيقة بصفته كشريك،و من أمثلة ذلك مراجعة حسابات الشركة،الاطلاع على مستندات إدارتها،يتفقد فروعها،يشترك في كل القرارات التي يتطلب القانون الأساسي للشركة موافقة الشركاء الموصين...إلخ،
جزاء مخالفة المنع.
المنصوص عليه في المادة 563 مكرر5 فقرة1 تضمنت الفقرة 2 من هذه المادة الجزاء المترتب على مخالفة هذا المنع و رتبت على ذلك أن الشريك الموصى في هذه الحالة،يكون مسؤولاً بالتضامن مع الشركاء المتضامنين عن الالتزامات الناشئة عن عمله الإداري،بحيث يصبح مسؤولاً عن الديون الناشئة عن هذا العمل ليس في حدود حصته فحسب بل في الأموال الخاصة كذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.تتمة السداسي الأول، بداية السداسي الثاني.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسباب الخاصة لانقضاء شركة التوصية البسيطة.
طبقاً لنص المادتين 563 مكرر 9 فقرة 1 و 2 و المادة 563 مكرر 10 فقرة 1 و 2 من القانون التجاري،فإن هذه الأسباب هي:
1)حالة وفاة أحد الشركاء المتضامنين: و وفقاً للمواد السابقة يجب التفرقة بين حالة ما إذا كان الشريك المتضامن المتوفي هو الوحيد المتضامن في الشركة و حالة وجود أكثر من شريك متضامن:
الحالة الأولى: وفاة الشريك المتضامن و هو الوحيد المتضامن في الشركة: في هذه الحالة تستمر الشركة إذا نص القانون الأساسي على استمرارها مع الورثة،غير أنه إذا كان الورثة كلهم قصر لا يمكن إدخالهم كشركاء متضامنين نظراً للأهلية المطلوبة في الشريك المتضامن،و هنا يجب الخيار بين حلّين:
إما إدخال شريك متضامن جديد؛و إما تحويل الشركة في أجل سنة ابتداءاً من تاريخ الوفاة،و إلّا حُلّت الشركة بقوة القانون عند انقضاء هذا الأجل (المادة 563 مكرر 9 فقرة 2 من القانون التجاري)؛
الحالة الثانية: وجود أكثر من شريك متضامن: في هذه الحالة يمكن استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء مع إدخال الورثة،و إن كان هؤلاء يكون وضعهم كشركاء موصين إذا كانوا قصر.
2)إفلاس أحد الشركاء المتضامنين أو منعه من ممارسة مهنته التجارية: في هذه الحالة تنحل الشركة إذا كان هذا الشريك المتضامن وحيد في الشركة،أما في حالة وجود أكثر من شريك متضامن فيكفي الشركاء الآخرين تقرير استمرار الشركة فيما بينهم مع مراعاة أحكام المادة 563 فقرة 2 قانون تجاري (بمعنى تطبق نفس الأحكام التي سبق ذكرها بشأن انقضاء شركة التضامن بسبب إفلاس أحد الشركاء أو منعه من ممارسة مهنته التجارية).
*أما بالنسبة للشركاء الموصين اكتفى المشرع بتقرير أن الشركة تستمر رغم وفاة أو إفلاس أو منع الشريك الموصي من ممارسة التجارة.
الباب الثالث: شركات الأموال.
شركات المساهمة.
تعريف شركة المساهمة.( المادة 592 قانون تجاري)
نظراً لطغيان الجانب المالي في هذه الشركة و انعدام الاعتبار الشخصي تترتب نتائج هامة تعتبر بمثابة الخصائص التي تميز هذه الشركة و تعرفها،و تتمثل هذه الخصائص أو المميزات فيما يلي:
1-تحديد مسؤولية المساهم بقدر ما وضعه من مال:فلا يمكن مطالبة المساهم بما يفوق قيمة ما دفعه مهما بلغت ديون الشركة،و على هذا الأساس فإن المساهم لا يكتسب صفة التاجر و لا تشترط فيه الأهلية التجارية،و بالتالي يستطيع القاصر أن يكون مساهم في هذه الشركة عن طريق ممثله القانوني؛
2-حصص المساهمين عبارة عن أسهم قابلة للتداول: و هذه القابلية للتداول هي أهم ميزة تنفرد بها شركة المساهمة دون غيرها،و قد عرفت المادة 715 مكرر40 قانون تجاري السهم كالآتي: "السهم هو سند قابل للتداول تصدره شركة المساهمة كتمثيل لجزء من رأس مالها"،و قابلية السهم للتداول هي التي تمنح شركة المساهمة الطابع المفتوح؛
3-رأس مال شركة المساهمة يختلف باختلاف الطريقة التي تأسست بها:بحيث يجب ألا يقل عن خمسة ملايين دينار جزائري (5000.000 د.ج) على الأقل إذا ما لجأت الشركة إلى "التأسيس العلني للادخار"،و واحد مليون دينار جزائري (1000.000 د.ج) على الأقل في حالة "التأسيس الفوري" (المادة 594 قانون تجاري)؛
4-عنوان شركة المساهمة يستمد من موضوع نشاطها:و قد أوجب المشرع أن يكون عنوان الشركة متبوعاً أو مسبوقاً بذكر شكل الشركة أي عبارة "شركة مساهمة"،كما أوجب ذكر مبلغ رأس المال (المادة 593 قانون تجاري)،و نظراً لأهمية هذا العنوان في شركة المساهمة فقد رتب القانون على مخالفة ذلك عقوبات جزائية في المادة 833 قانون تجاري؛
5-الحد الأدنى لعدد الشركاء: وضع المشرع حد أدنى لعدد الشركاء في المادة 592 قانون تجاري على ألا يقل عدد الشركاء عن سبعة (7)،باستثناء الشركات التي يكون رأس مالها أموال عمومية.
الفصل الأول: تأسيس شركات المساهمة.
فرق المشرع الجزائري بين إجراءات تأسيس شركات المساهمة حسب طريقة تجميع الأموال (رأس المال)،فخصص المواد من 595 إلى 604 قانون تجاري لما يسمى بـ"التأسيس باللجوء العلني للادخار"،بينما خصص المواد من 605 إلى 610 قانون تجاري لــ"التأسيس الفوري".
المبحث الأول:تأسيس شركات المساهمة باللجوء العلني للادخار.
يقصد بهذه الطريقة لجوء المؤسسين إلى الجمهور في الحصول على رأس المال،و قد نص المشرع على إجراءات معينة يجب القيام بها على مراحل متتالية من قبل المؤسسين و ذلك بعد دراستهم جدياً للمشروع،و هناك مرحلتين هامتين في هذا النوع من التأسيس:
المرحلة الأولى: تبدأ بإعداد مشروع القانون الأساسي للشركة: أي العقد الابتدائي،و يتضمن أسماء المؤسسين، مهنتهم، جنسيتهم و عناوينهم،و اسم الشركة،الغرض منها،مركزها،المدة المحددة لها،مقدار رأس مالها و قيمة كل سهم،و يوضع هذا المشروع بواسطة موثق بناءاً على طلب واحد أو أكثر من المؤسسين،و تودع نسخة من هذا العقد الابتدائي لدى المركز الوطني للسجل التجاري تطبيقاً لنص المادة 595 من القانون التجاري.
المرحلة الثانية: مرحلة الاكتتاب في رأس المال: و يمكن تعريف الاكتتاب بأنه "إعلان عن رغبة المكتتب في الانضمام إلى شركة تحت التأسيس مقابل المساهمة في رأس المال بعدد معين من الأسهم المطروحة،و نظراً لأهمية عملية الاكتتاب تشدد فيه المشرع من حيث الشروط الإجرائية و الشروط الموضوعية:
المطلب الأول: الشروط الإجرائية.
يجب على المؤسسين قبل كل دعوة توجه إلى الجمهور لأجل الاكتتاب في رأس المال أن ينشروا تحت مسؤوليتهم إعلاناً حسب الشروط المحددة عن طريق التنظيم،و هذا ما نصت عليه المادة 595 فقرة 2 قانون تجاري،و قد نظم فعلاً المرسوم التنفيذي رقم 95-438 كيفيات تطبيق هذه المادة تحت عنوان "تأسيس شركة المساهمة عن طريق الدعوة العلنية للادخار"،تنص المادة 2 من هذا المرسوم على أنه "ينشر الإعلان المنصوص عليه في المادة 595 فقرة 2 قانون تجاري في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية قبل الشروع في عملية الاكتتاب و قبل أي إجراء يتعلق بالإشهار..."،و من بين بعض البيانات التي ذكرتها المادة 2 من المرسوم و التي يجب أن يتضمنها الإعلان مثلاً: تسمية الشركة متبوع برمزها،شكلها،مبلغ رأس مالها،عنوانها ،موضوعها،مدة استثمارها،تاريخ إيداع المشروع و عدد الأسهم...إلخ،و يوقع المؤسسون على الإعلان،كما تنص المادة 3 من نفس المرسوم على أنه " تشير النشرات و المناشير التي تتطلع إلى إصدار الأسهم إلى بيانات الإعلان المنصوص عليها في المادة السابقة،و تذكر إدراج هذا الإعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية و العدد الذي نشرت فيه...إلخ؛
*و تعتبر هذه البيانات في غاية الأهمية لأنها في الواقع مصدر رضا المكتتب و اقتناعه في المساهمة،و على هذا رتب القانون عقوبات جزائية في حالة إخفاء أو تزوير أو نشر وقائع غير موجودة بهدف الحث على الاكتتاب (المادة 807 فقرة 3 قانون تجاري).
أولاً: طريقة و شكل الاكتتاب.
وفقاً لنص المادة 597 قانون تجاري يتم إثبات الاكتتاب بالأسهم النقدية بموجب بطاقة اكتتاب تعد حسب الشروط المحددة عن طريق التنظيم،و قد بيّن فعلاً المرسوم التنفيذي السابق الذكر كيفية إعداد هذه البطاقة و البيانات التي يجب أن تتضمنها و ذلك في نص المادة 4 من هذا المرسوم التي تقضي أنه " يؤرخ و يمضي بطاقة الاكتتاب المنصوص عليها في المادة 597 قانون تجاري المكتتب أو موكله الذي يذكر بالأحرف الكاملة عدد السندات المكتتبة و تسلم له نسخة منها على ورقة عادية،و يبين في بطاقة الاكتتاب ما يأتي:
1-تسمية الشركة التي تؤسس متبوعة برمزها؛
2-شكل الشركة؛
3-مبلغ رأس مال الشركة الذي يكتتب به؛
4-عنوان مقر الشركة؛
5-موضوع الشركة؛
6-تاريخ إيداع مشروع القانون الأساسي للشركة و مكانها؛
7-نسبة رأس المال الذي يكتتب نقداً أو النسبة المتمثلة في الحصص العينية؛
8-كيفية إصدار الأسهم المكتتبة نقداً؛
9-اسم الشركة أو تسميتها،و العنوان الشخصي للذي يتسلم الأموال؛
10-لقب المكتتب و اسمه و موطنه و عدد السنوات التي اكتتبها؛
11-الإشعار بتسليم نسخة من بطاقة الاكتتاب للمكتتب؛
12-تاريخ نشر الإعلان المنصوص عليه في المادة 2 في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية.".
كما أوجبت المادة 598 قانون تجاري إيداع الأموال الناتجة عن الاكتتابات النقدية و قائمة المكتتبين مع ذكر المبالغ التي يدفعها كل واحد منهم لدى موثق أو مؤسسة مالية مؤهلة قانوناً،و تكون هذه الأموال لديه على سبيل الوديعة،و قد ألقت المادة 5 من المرسوم عبئ إيداع هذه الأموال على عاتق الأشخاص الذين تسلموا هذه الأموال،و يتم ذلك في أجل ثمانية (8) أيام ابتداءاً من تاريخ تسلم الأموال،كما أنه تطبيقاً لنص المادة 599 قانون تجاري تكون الاكتتابات و المبالغ المدفوعة مثبتة في تصريح المؤسسين بواسطة عقد موثق،و يؤكد هذا الأخير بدوره أن المبلغ المصرح به من طرف المؤسسين مطابق لمقدار المبالغ المودعة لديه أو لدى المؤسسات المالية المؤهلة قانوناً.
و تطبيقاً لنص المادة 600 قانون تجاري يقوم المؤسسون بعد التصريح بالاكتتابات و الدفعات باستدعاء المكتتبين إلى جمعية عامة تأسيسية حسب الأشكال و الآجال المنصوص عليها عن طريق التنظيم.
ثانياً: الجمعية العامة التأسيسية.
إن الجمعية التأسيسية تشكل المظهر الأول لحياة شركة المساهمة التي تتأس عن طريق اللجوء العلني للادخار،إذ لابد من اطلاع المكتتبين على نظام الشركة و من مساهمتهم في إدارة الشركة عن طريق تعيين أعضاء مجلس الإدارة و مراقبي الحسابات الأولين،و من جهة أخرى فقد أوجب القانون إتمام إجراءات التأسيس في مهلة محددة لا تتجاوز ستة (6) أشهر،ابتداءاً من تاريخ إيداع مشروع القانون الأساسي في المركز الوطني للسجل التجاري،و إلا جاز لكل مكتتب أن يطالب أمام القضاء بتعيين وكيل يكلف بسحب الأموال لإعادتها للمكتتبين،و لذلك لابد من انعقاد الجمعية التأسيسية من أجل تنفيذ الالتزامات التي أوجبها القانون.
1)كيفية انعقاد الجمعية التأسيسية و شروط التصويت و المداولة.
أ-كيفية انعقاد الجمعية.
طبقاً لنص المادة 600 فقرة 1 قانون تجاري فإن المؤسسين بعد التصريح بالاكتتابات و الدفعات هم الذين يقومون باستدعاء المكتتبين حسب الآجال و الأشكال المنصوص عليها في المادة 6 من المرسوم التنفيذي 95-438،و يذكر الاستدعاء: اسم الشركة،شكلها،عنوان مقرها،مبلغ رأس مالها،و يوم الجمعية التأسيسية،الساعة،المكان و جدول الأعمال،و يدرج هذا الاستدعاء في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية لولاية مقر الشركة قبل ثمانية (8) أيام على الأقل من تاريخ انعقاد الجمعية.
ب-شروط التصويت و المداولة.
تتداول الجمعية التأسيسية بنفس النصاب و الأغلبية المقررة في الجمعيات غير العادية،و تطبيقاً لنص المادة 674 قانون تجاري،المتعلقة بتداول الجمعيات غير العادية لابد لصحة التداول من الحصول على عدد من المساهمين الحاضرين أو الممثلين الذين يملكون النصف على الأقل من الأسهم في الدعوة الأولى،و على ربع الأسهم التي لها الحق في التصويت في الدعوة الثانية،فإذا لم يكتمل هذا النصاب الأخير جاز تأجيل الجمعية الثانية إلى شهرين على الأكثر،و ذلك من يوم استدعائها للانعقاد مع بقاء النصاب الربع،هذا و يحق الحضور لكل مساهم و لو بسهم واحد أو ممثله،و كل مساهم يتمتع بعدد من الأصوات يعادل عدد أسهمه التي اكتتب بها دون أن يتجاوز ذلك نسبة 5 % من العدد الإجمالي للأسهم،و عندما تتداول الجمعية حول الموافقة على حصة عينية فلا تؤخذ في حساب الأغلبية أسهم مقدم الحصة تطبيقاً لنص المادة 603 فقرة 2 قانون تجاري.
2)صلاحيات الجمعية التأسيسية.
لخصت المادة 600 فقرة 2 قانون تجاري أهم الصلاحيات التي تعهد للجمعية التأسيسية،و تتمثل هذه الصلاحيات فيما يلي :
1-تثبت الجمعية التأسيسية أن رأس المال مكتتب به تماماً؛
2-تبدي الجمعية التأسيسية موافقتها على العقد التأسيسي للشركة: الذي لا يقبل التعديل إلا بموافقة جميع المكتتبين،إذ بالموافقة على المشروع التأسيسي يصبح العقد نهائي؛
3-تعيين القائمين بالإدارة الأولين و أعضاء مجلس المراقبة،و تعيين واحد أو أكثر من مندوبي الحسابات:و في هذه الحالة تعتبر الشركة موجودة بين الشركاء،و لكن ليس من وقت التعيين بل من وقت قبول القائمين بالإدارة و أعضاء مجلس المراقبة و مندوبي الحسابات لوظائفهم،و هذا ما يفهم من نص المادة 600 فقرة 2 قانون تجاري؛
4-التصديق على الحصص العينية: تطبيقاً لنص المادة 601 فقرة 2 قانون تجاري،و هذا أهم اختصاص لذلك أخضعه القانون لبعض الأحكام المشددة،و تتمثل هذه الأحكام فيما يلي:
-تعيين مندوب واحد أو أكثر للحصص عن طريق القضاء بناءاً على طلب المؤسسين أو أحدهم، و يخضع هؤلاء المندوبين لأحكام التنافي المنصوص عليها في المادة 715 مكرر 6 قانون تجاري.
-وضع التقرير الذي يتضمن تقدير الحصص العينية و المودع لدى المركز الوطني للسجل التجاري تحت تصرف المكتتبين بمقر الشركة.
-ليس لمقدم الحصة العينية الحق في التصويت على الموافقة على حصته تطبيقاً لنص المادة 603 فقرة 2 قانون تجاري.
و بعد القيام بكافة الإجراءات السابقة تقوم الجمعية التأسيسية بوضع محضر يتضمن إعلان تأسيس الشركة،و بعد هذا التأسيس يوجب القانون على أعضاء مجلس الإدارة القيام بالإجراءات الأولية للنشر و البدء في إتمام الشروط الشكلية التي تشترط لصحة كافة الشركات التجارية،و هي تسجيل الشركة في المركز الوطني للسجل التجاري.
لم يجز القانون لوكيل الشركة سحب الأموال الناتجة عن الاكتتابات النقدية قبل تسجيل الشركة في السجل التجاري (المادة 604 فقرة 1 قانون تجاري).
و يترتب على عدم قيام مؤسسي الشركة بتلك الإجراءات بطلان الشركة و إن كان هذا البطلان من نوع خاص،إلا أنه يترتب عليه مسؤولية تضامنية بين كل مؤسسي الشركة و القائمين بالإدارة الذين كانوا في وظائفهم وقت وقوع البطلان،فيكونون مسؤولين عن الضرر الذي يلحق المساهمين أو الغير (المادة 715 مكرر 21).
المطلب الثاني: الشروط الموضوعية.
يشترط أن تتوافر في الاكتتاب شروط معينة لكي يكون صحيحاً،و هذه الشروط هي:
أولا: يجب أن يكون الاكتتاب بكامل رأس المال: وفقاً لنص المادة 596 قانون تجاري،يجب الاكتتاب بكامل رأس المال،غير أن ذلك لا يعنِ ضرورة الوفاء بكل رأس المال مهما كان نوعه،إذ هناك فرق بين الأسهم العينية و الأسهم النقدية:
1-الوفاء بالأسهم العينية: إن الأسهم التي تمثل حصص عينية يجب الوفاء بقيمتها كاملة عند تأسيس الشركة،فإذا تعهد مكتتب بتقديم سهم عيني للشركة على وجه التمليك فلا يكفِ أن يعد بتقديمه لكي يحصل على ما يمثل قيمته،بل لابد من تقديمه فعلاً عند التأسيس مع ملاحظة أن المشرع في حالة وجود حصص عينية قد تشدد في الأحكام (إحالة إلى ما سبق الكلام عنه في اختصاصات بالجمعية التأسيسية)؛
2-الوفاء بالأسهم النقدية: يجب على كل مكتتب أن يقوم بأداء الربع 1/4 على الأقل من القيمة الاسمية للأسهم النقدية التي اكتتب بها،على أن يتم وفاء الباقي(3/4) مرة واحدة أو عدة مرات و ذلك بناءاً على قرار من مجلس الإدارة في أجل لا يمكن أن يتجاوز خمس (5) سنوات اعتباراً من تاريخ تسجيل الشركة في السجل التجاري (المادة 596 قانون تجاري).
ثانياً: يجب أن يكون الاكتتاب نهائياً و جدياً:نظراً لأن رأس مال شركة المساهمة هو الضمان العام للدائنين يجب أن يكون حقيقياً و جدياً،و هذا قصد استبعاد سبُل الاكتتاب الصوري،و مراعاة هذا الشرط تظهر من حيث إلزام القانون المساهم بتقديم الربع 1/4 على الأقل من جهة،و من جهة أخرى نصت المادة 715 مكرر47 قانون تجاري على أنه يتعين على المساهم أن يسدد المبالغ المرتبطة بالأسهم التي قام باكتتابها حسب الكيفيات المنصوص عليها في القانون الأساسي للشركة.
و في حالة عدم القيام بذلك تتبع الشركة بعد شهر من طلب الدفع الموجه إلى المساهم المتخلف ببيع هذه الأسهم،و تحدد كيفيات تطبيق هذا المقطع عن طريق التنظيم،و لتحقيق هذه الجدية فإن القانون اشترط أن تظل الأسهم التي تسلم للمكتتب بعد وفائه بالربع 1/4 اسمية لحين الوفاء بقيمتها كاملة، و هذا ما نصت عليه المادة 715 مكرر 52 قانون تجاري،غير أنه يجوز للمساهم التصرف في أسهمه قبل الوفاء بها كاملة،و ذلك عن طريق البيع أو التنازل و يجري التنازل عنها عن طريق نقل قيدها إلى المشتري في دفاتر الشركة،و من أجل المحافظة على أموال الشركة فرض القانون مسؤولية تضامنية على مالكي الأسهم السابقين و المالك الحالي عن الوفاء بالباقي و ذلك لمدة عامين من تاريخ إثبات تنازل كل منهم،و يجوز للشركة إذا لم يتيسر لها استيفاء قيمة السهم من المتنازل إليه الأخير أن ترجع على المكتتب الأصلي باعتباره الملتزم أساساً بالوفاء و الملتزمين السابقين،و إذا وفى أحدهم فإنه يحل محل الشركة في الحقوق و الإدعاء على جميع الذين انتقل إليهم السهم بعده (المادة 715 مكرر 48 قانون تجاري).
المبحث الثاني: التأسيس الفوري لشركة المساهمة.
قد يلجأ إلى اتباع إجراءات مختصرة و ذلك عند حصر الاكتتاب بأسهم الشركة بعدد قليل من الشركاء قد يقتصر على المؤسسين دون اللجوء إلى دعوة الجمهور، و لكن مهما كانت الإجراءات مختصرة لابد من وضع نظام للشركة و الاكتتاب بالأسهم،و تعيين أعضاء مجلس الإدارة و مراقبي الحسابات،و يحصل كل ذلك في فترة قصيرة لذا يطلق عليه اسم "التأسيس الفوري".
تنص المادة 605 قانون تجاري على أنه "تطبق أحكام الفقرة الأولى أعلاه ما عدا المواد 595، 567، 601 (المقاطع 2، 3، 4)، 600، 602 و 603 عندما لا يتم اللجوء العلني للادخار"،
من خلال هذه المادة نجري مقارنة بين نوعي التأسيس:
*بالنسبة لإلغاء المادة 595 قانون تجاري يبرر بأنه لا يوجد ما يسمى بمشروع التأسيس و إيداعه لدى الموثق،بل هناك عقد تأسيس؛
*بالنسبة لإلغاء المادة 597 قانون تجاري معنى ذلك أن في التأسيس الفوري ليس هناك ما يسمى ببطاقات الاكتتاب كما هو الحال في التأسيس العلني للادخار؛
*بالنسبة لإلغاء المادة 600 قانون تجاري و ما يليها التي لا تطبق على التأسيس الفوري فالمسألة تتعلق بعدم وجود جمعية تأسيسية؛
و وفقاً للمادة 606 قانون تجاري و التي تحيلنا إلى المادة 599 قانون تجاري المتعلقة بالتأسيس العلني،لابد من تدخل الموثق في كلا النوعين.
و يجب أن يكون العقد رسمي،و يلاحظ أن تدخل الموثق واحد في كل من التأسيسين و دوره أن يتحقق من الاكتتاب في رأس المال و أن كل شريك نفذ التزامه،كما أنه تطبيقاً لنص المادة 608 قانون تجاري فإن توقيع القانون الأساسي يتم من طرف كل مساهم إما بنفسه أو بواسطة وكيل خاص.
من هذه المقارنة نلاحظ أن التأسيس الفوري لشركات المساهمة شبه مغلق يماثل تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة،غير أن قابلية الأسهم للتداول في هذه الشركة هو الذي يفصل بين الشركتين (المساهمة،و ذات المسؤولية المحدودة).
و بالنسبة للشروط الموضوعية لتأسيس شركة المساهمة هي واحدة في كلا التأسيسين،و بالتالي يجب الرجوع للمادة 596 قانون تجاري التي يستخلص منها شرط الوفاء بكامل رأس المال و جديته حسب التفصيل السابق.
أما فيما يتعلق بنشاط الشركة التي تتأسس تأسيساً فورياً فإن المادة 609 قانون تجاري تنص على أن تعيين القائمين بالإدارة الأولين،و أعضاء مجلس المراقبة و مندوبي الحسابات يعينون في القانون الأساسي في حين أنه في التأسيس العلني للادخار فإن هؤلاء تعينهم الجمعية التأسيسية.
الفصل الأول: تنظيم و إدارة شركة المساهمة.
يتشكل تنظيم و إدارة شركة المساهمة من مجلس إدارة أو مجلس المديرين حسب الحالة،و من جمعيات المساهمين و مندوبي الحسابات.
المبحث الأول:مجلس الإدارة أو مجلس المديرين في شركة المساهمة.
هناك نظامين لتسيير شركات المساهمة:
النظام التقليدي الذي تسير فيه الإدارة من قِبل مجلس إدارة و رئيس لهذا المجلس مع الجمعيات العمومية.
أما النظام الحديث فهو الذي تعهد فيه الإدارة لعدة أشخاص و يسمى بنظام مجلس المديرين و مجلس المراقبة،و هذا النظام تبناه المشرع الجزائري بموجب المرسوم التشريعي 93-02 مع إبقائه على النظام القديم و إدخال تعديلات هامة عليه.
المطلب الأول: النظام القديم.
إن تسيير الشركة في هذا النظام يرتكز على جهاز إدارة الشركة يتولاه مجلس إداري،أما التسيير فيكون بواسطة شخص طبيعي كرئيس لهذا المجلس.
أولاً: مجلس الإدارة و تنظيمه.
يتولى إدارة شركة المساهمة مجلس إدارة نظمه المشرع وفقاً للأحكام التالية:
1)-تشكيل مجلس الإدارة و شروط العضوية فيه.
يتشكل مجلس الإدارة من أعضاء يتراوح عددهم بين ثلاث (3)أعضاء و اثنا عشر (12) عضواً، و لتعيين أعضاء مجلس الإدارة اشترط القانون شروط موضوعية و أخرى شكلية:
أ-الشروط الموضوعية.
يجب أن تتوافر في المرشح لعضوية المجلس جملة من الشروط نص عليها القانون بالإضافة إلى الشروط الاتفاقية التي يمكن أن ترد في القانون الأساسي للشركة،و تتمثل أهم الشروط المنصوص عليها في القانون فيما يلي :
-يمكن لعضو مجلس الإدارة أن يكون شخص طبيعي أو معنوي: غير أنه بالنسبة للشخص الطبيعي فإن المشرع قيد عضويته بحيث لا يجوز له أن ينتسب كعضو لخمس (5) مجالس إدارة لشركات مساهمة يكون مقرها في الجزائر،و الحكمة من ذلك هي الحد من سيطرة عدد قليل من رجال الأعمال لعضوية عدد كبير من مجالس إدارة الشركات،و هذا الحظر لا يطبق بالنسبة للشخص المعنوي.
-ضرورة توافر صفة المساهم في العضو: يشترط في عضو مجلس الإدارة أن يكون مساهماً،و يجب عليه أن يملك عدداً من الأسهم يحددها القانون الأساسي للشركة،كما أوجب القانون أن يكون المجلس ككل حائز على 20 % على الأقل من رأس المال في الشركة،و تخصص هذه الأسهم لضمان جميع أعمال التسيير و مسؤولية كل عضو الشخصية و مسؤولية الأعضاء التضامنية عن كافة الأخطاء الإدارية،و لهذا تسمى بـ"أسهم الضمان"،و تتميز بخاصية أساسية و هي أنه لا يجوز التصرف فيها (المادة 619 قانون تجاري)؛
هذا و قد جعل القانون بعض الأعمال تتعارض مع شروط العضوية في مجلس الإدارة،و هي: ألا يكون صاحب أجر و مساهم في الشركة إلا إذا كان عقد عمله سابقاً لسنة واحدة (1) سنة على الأقل لتعيينه (المادة 615 قانون تجاري)،معنى ذلك أنه لا يجوز للقائم بالإدارة أن يقبل عن الشركة عقد عمل بعد تاريخ تعيينه،تطبيقاً لنص المادة 616 قانون تجاري؛
لذلك من الشروط التي اشترطها المشرع في عضو مجلس الإدارة:
اكتساب صفة التاجر: طبقاً للمادة 31 من القانون 90-22 المتعلق بالسجل التجاري المعدل و المتمم بموجب الأمر 96-07 و التي تنص على أنه "تكون لكل أعضاء مجالس الإدارة و الرقابة في الشركات التجارية صفة التاجر بعنوان الشخصية المعنوية التي يطلعون نظامياً بإدارتها و تسييرها".
ب-الشروط الشكلية.
في حالة التأسيس الفوري لشركات المساهمة فإن تعيين أعضاء مجلس الإدارة الأولين يكون في القانون الأساسي للشركة،أما في التعيين العادي فقد نصت المادة 611 قانون تجاري "ينتخب أعضاء مجلس الإدارة من طرف الجمعية العامة العادية"؛
*غير أن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات تخول جهات أخرى حق التعيين و لكن بصورة مؤقتة:
-يجوز لمجلس الإدارة ما بين جلستين عامتين للجمعية أن يسعى في التعيينات المؤقتة و ذلك في حالة شغور منصب أحد القائمين في الإدارة (بسبب الوفاة،الاستقالة...)،و هذا الأمر جوازي و ليس وجوبي (المادة 617 فقرة 1 قانون تجاري)،غير أنه وفقاً لنص المادة 617 فقرة 2 و3 يجب التفرقة بين أن يقل عدد الأعضاء عن الحد الأدنى القانوني و هو ثلاث (3) أعضاء،و بين الحد الأدنى في القانون الأساسي كأن يحدد هذا الأخير أعضاء مجلس الإدارة مابين خمسة (5) أعضاء و اثنا عشر (12)عضو.
1-حالة نقص أعضاء المجلس عن الحد الأدنى القانوني: كأن يصبح عضوين (2)،في هذه الحالة يكون استدعاء الجمعية العامة للانعقاد فوراً من قِبل القائمين بالإدارة الباقين،أمر وجوبي.
2-حالة نقص العدد عن الحد المنصوص عليه في القانون الأساسي: دون أن يقل عن الحد الأدنى القانوني،في هذه الحالة يجوز للقائمين بالإدارة الباقين القيام بتعيينات مؤقتة قصد إتمام العدد، و ذلك في أجل ثلاث (3) أشهر ابتداءاً من اليوم الذي وقع فيه الشغور،و نظراً للطابع المؤقت في هذه التعيينات لابد من عرضها على الجمعية العامة العادية في أقرب جلسة ممكنة للمصادقة عليها.
ثانياً: انعقاد مجلس الإدارة.
على الرغم أن القانون لم يوضح عدد مرات اجتماع المجلس فهو يجتمع بناءاً على دعوة رئيسه، و ذلك قصد ممارسة وظائفه عن طريق اجتماعات دورية يعقدها من أجل اتخاذ القرارات وفقاً للأحكام المنصوص عليها قانوناً،و القانون الأساسي للشركة هو الذي يحدد أشكال و مواعيد الاستدعاء، و تطبيقاً لنص المادة 626 فقرة 1 قانون تجاري لا تصح مداولات المجلس إلا إذا حضر نصف 1/2 أعضائه على الأقل،و تؤخذ قرارات المجلس وفقاً لصورتين:
-صورة قانونية: (منصوص عليها في القانون)،تكون بأغلبية الحاضرين بترجيح صوت الرئيس عند التعادل؛
-الصورة النظامية: تكون وفقاً للقانون الأساسي للشركة،كأن ينص هذا القانون على أغلبية أكثر، و هذا ما يفهم من نص المادة 626 قانون تجاري "تؤخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين،ما لم ينص القانون الأساسي على أغلبية أكثر".
ثالثاً:سلطات المجلس و واجباته.
تتفرع هذه السلطات إلى نوعين: سلطات عامة، و سلطات خاصة.
1)-السلطات العامة (تسيير الشركة).
يؤخذ من نص المادة 622 قانون تجاري أن مجلس الإدارة يتمتع بسلطات عامة لتسيير الشركة باعتباره الجهاز التنفيذي فيها، و لذلك يقوم بالصلاحيات التالية:
-يضع توصيات و قرارات الجمعية العمومية للمساهمين على اختلاف أنواعها موضع التنفيذ،سواء بيَّنت هذه القرارات طريقة التنفيذ أو اقتصرت على اتخاذ القرار دون بيان كيفية تنفيذه،مثلاً كأن تقرر الجمعية العمومية العادية مبدأ توزيع الأرباح،فعلى المجلس أن يحدد شروط و طرق التوزيع.
-يحدد أهداف الشركة و يتخذ بشأنها القرارات الحاسمة في المجال الاقتصادي و المالي و التقني،أي يجوز له القيام بجميع الأعمال التي تتفق و غرض الشركة دون تفرقة بين أعمال الإدارة و أعمال التصرف،غير أن هذه السلطة ليست مطلقة بل تصطدم بقيود منصوص عليها في القانون و أخرى في القانون الأساسي.
أ- القيود المحددة بنص القانون.
-لا يمكن لمجلس الإدارة أن يتجاوز حدود اختصاصه إلى حد المساس باختصاصات ممنوحة لهيئات أخرى،كجمعيات المساهمين العمومية،و بالتالي لا يمكن له القيام بتعيين أو عزل أعضاء مجلس الإدارة،كما لا يجوز للمجلس القيام بتعديل النظام الأساسي للشركة باعتبار أن هذا الاختصاص يؤول للجمعية العمومية غير العادية مع اختصاصات أخرى.
-كذلك لا يجوز لمجلس الإدارة القيام بالأعمال التي تخرج عن موضوع الشركة.
و إذا حصل أن حدث ذلك تبقى الشركة ملتزمة قِبل الغير حسن النية الذي لا يعلم بأن هذا العمل خارج عن نطاق الشركة،تطبيقاً لنص المادة 623 قانون تجاري.
ب-القيود النظامية (المنصوص عليها في القانون الأساسي للشركة).
يجوز إدراج شروط في القانون الأساسي للشركة تحد من سلطات المجلس، كأن يشترط خضوع بعض العقود الهامة بسبب طبيعتها-كبيع عقارات أو محلات تجارية-أو نظراً لمبلغها للموافقة المسبقة للجمعية العمومية (العادية).
*غير أن هذه القيود لا يجوز الاحتجاج بها على الغير حسن النية.
ملاحظة: في الواقع و ما يتبيَّن من خلال نصوص القانون أن كل الاختصاصات التي منحها القانون لمجلس الإدارة مع القيود الواردة على ذلك،كررها في النصوص المتعلقة باختصاصات رئيس المجلس، و هذا و إن دلَّ على شيء إنما يدل على أن القرارات لا تتخذ من قبل المجلس،فهذا الأخير يراقب و يصادق على القرارات التي يقترحها رئيسه،و لهذا فإن مجلس الإدارة يوجه السياسة العامة للشركة بينما تسيير الشركة الحقيقي و العادي موكول لبعض أعضائه المتمثلين في رئيس المجلس و المديرين العامين.
2)-السلطات الخاصة المحددة في القانون.
و تتمثل هذه السلطات المخوَّلة للمجلس في القانون في الآتي:
-استدعاء جمعية المساهمين و تحديد جدول الأعمال، تطبيقاً لنص المادة 676 قانون تجاري التي تنص على أنه "تجتمع الجمعية العامة العادية بناءاً على طلب مجلس الإدارة"؛
-تعيين و عزل رئيس المجلس (مجلس الإدراة)،و تحديد أجره (المادة 635 قانون تجاري)؛
-يكون نقل مقر الشركة في نفس المدينة بقرار من مجلس الإدارة (المادة 625 قانون تجاري)؛
-منح الإذن لرئيس المجلس أو مديره العام حسب الحالة بإعطاء كفالات أو ضمانات احتياطية أو الضمانات للغير باسم الشركة،و ذلك في الحدود الواردة في الإذن.
رابعاً: رئيس مجلس الإدارة.
1)-تعيينه و انتهاء مهامه.
يعهد التسيير اليومي للشركة و إدارتها و تمثيلها بالنسبة للغير و أمام القضاء لرئيس مجلس الإدارة الذي ينتخب من طرف هذا المجلس،و يجب أن يكون شخصاً طبيعياً حتى توقع عليه العقوبات الجزائية نتيجة ما يرتكبه من مخالفات باسم الشركة،و كما يشترط أن تتوافر فيه صفة القائم بالإدارة،أي أن يكون من بين أعضاء المجلس تطبيقاً لنص المادة 635 قانون تجاري،و بالتالي يجب أن تتوافر فيه جميع الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الإدارة.
و تنتهي مهامه بحلول أجل انتهاء مدة وكالته التي يحددها القانون الأساسي للشركة و التي لا يمكن أن تتجاوز مدة نيابته كعضو في مجلس الإدارة،و المحددة كحد أقصى بسِت (6) سنوات،كما يجوز لمجلس الإدارة أن يعزله في أي وقت و هذا ما يتشابه مع عزل أعضاء مجلس الإدارة من الجمعية العامة العادية،و نظراً لأن رئيس المجلس ينتخب من بين أعضاء المجلس يمكن أن يعزل بطريق غير مباشر من طرف الجمعية العمومية العادية.
2)-سلطات أو اختصاصات رئيس المجلس.
إن سلطات رئيس مجلس الإدارة حددتها المادة 638 قانون تجاري،و الملاحظ على هذه المادة أنها تكرار لاختصاصات مجلس الإدارة ككل،
ملاحظة: لابد من الرجوع إلى المواد السابق ذكرها فيما يخص اختصاصات مجلس الإدارة.
المطلب الثاني: شركة المساهمة ذات النظام الحديث.
إن هذه النوعية الجديدة لتنظيم شركة المساهمة قد أدخلها المشرع بموجب المرسوم 93-02 ،تناول في الفقرة الأولى مجلس المديرين،و ذلك في المواد من 642 إلى 653 قانون تجاري،كما تناول في الفقرة الثانية مجلس المراقبة،و هذا في المواد من 654 إلى 673 من القانون التجاري.
*و هذا التنظيم الجديد لا يعتبر شكلاً جديداً و مستقلاً للشركة التجارية،و إنما يعتبر فقط حالة جديدة لتسيير شركات المساهمة.
أولاً: مجلس المديرين.
1)تشكيل المجلس و مداولته.
مجلس المديرين هو الذي يسير الشركة و هو عبارة عن تنظيم جماعي يتكون من ثلاث (3) إلى خمس (5) أعضاء،و يتم تعيينهم من قبل مجلس المراقبة الذي يسند رئاسة هذا المجلس لأحدهم، و يشترط أن يكونوا جميعاً أشخاص طبيعيين تطبيقاً لنص المادة 644 قانون تجاري،هذا و إن القانون الأساسي للشركة هو الذي يحدد مدة عضوية مجلس المديرين ضمن حدود تتراوح ما بين سنتين (2) إلى سِت (6) سنوات،و في حالة عدم النص تقدر مدة العضوية بأربع (4) سنوات(المادة646 فقرة 1 قانون تجاري)،و فيما يتعلق بعزل أعضاء المجلس يتضح من نص المادة 645 فقرة 1 قانون تجاري أن وضعهم أكثر استقرار من أعضاء مجلس الإدارة،لأن عزلهم يتطلب موافقة مجلس المراقبة و الجمعية العامة العادية.
2)كيفية التداول و اتخاذ القرارات.
يكون ذلك وفق الشروط التي يحددها القانون الأساسي للشركة (المادة 650 قانون تجاري).
3)سلطات المجلس.
تطبيقاً لنص المادة 648 فقرتان 1 و2 قانون تجاري يتمتع مجلس المديرين بسلطات واسعة للتصرف باسم الشركة في كل الظروف،و عليه أن يمارس هذه السلطات في حدود غرض الشركة مع التقيد بالسلطات التي خوّلها القانون لمجلس المراقبة و جمعيات المساهمين،و إذا حدث أن تجاوز حدود سلطاته تبقى الشركة في علاقتها مع الغير ملتزمة بهذا التصرف،مع ملاحظة أن أعمال التصرف كالتنازل عن العقارات أو إعطاء ضمانات عملية أو شخصية فهذه التصرفات تتطلب ترخيص مسبق و صريح من قبل مجلس المراقبة،و ذلك حسب الشروط المنصوص عليها في القانون الأساسي للشركة.
و من واجبات المجلس أن يلتزم بتقديم مرة كل ثلاث (3) أشهر على الأقل و عند نهاية كل سنة مالية تقريراً لمجلس المراقبة حول تسييره للشركة.
كما يلتزم بعد قفل كل سنة مالية بتقديم وثائق الشركة المنصوص عليها في المادة 716 قانون تجاري و تتمثل في:
-جدول حسابات النتائج؛
-حساب الاستغلال و الأرباح مع وضع تقرير مكتوب عن حالة الشركة و نشاطها أثناء السنة المالية المنصرمة؛
-كما يجب على مجلس المديرين تبليغ المساهمين أو وضع تحت تصرفهم قبل ثلاثين (30) يوماً من انعقاد الجمعية العامة الوثائق الضرورية لتمكينهم من إبداء الرأي فيما يخص إدارة أعمال الشركة.
ثانياً:مجلس المراقبة.
1)-شروط تكوينه.
يتكون هذا المجلس من سبعة (7) أعضاء على الأقل و اثنا عشر (12) عضواً على الأكثر،و يتم انتخابهم من طرف الجمعية التأسيسية أو الجمعية العامة العادية كما يقوم المجلس بدوره و على مستواه بانتخاب رئيس يتولى استدعاء المجلس،أما فيما يتعلق بمدة الوظائف لأعضاء مجلس المراقبة فإن القانون الأساسي للشركة هو الذي يحددها دون أن تتجاوز سِت (6) سنوات في حالة التعيين من قبل الجمعية العامة و دون أن تتجاوز ثلاث (3) سنوات في حالة التعيين بموجب القانون الأساسي.
2)-مداولات مجلس المراقبة و سلطاته.
لا تصح مداولة مجلس المراقبة إلا بحضور نصف 1/2 عدد أعضائه على الأقل،و تتخذ القرارات بأغلبية الحاضرين أو الممثلين،ما لم ينص القانون الأساسي على أغلبية أكثر،و يرجح صوت الرئيس عند التعادل في الأصوات (المادة 667 فقرتان 1 و 2 قانون تجاري).
3)-سلطات مجلس المراقبة.
تتمثل المهمة الرئيسية لمجلس المراقبة في المراقبة الدائمة لتسيير الشركة من طرف مجلس المديرين، و تتطلب هذه الرقابة التأكد المسبق للحسابات،و طبقاً لنص المادة 656 فقرة 1 قانون تجاري فإن مجلس المراقبة يتمكن من هذا التأكد عن طريق تلقيه مرة كل ثلاث (3) أشهر على الأقل و عند نهاية كل سنة تقريراً حول تسيير الشركة من طرف مجلس المديرين،كما يقدم هذا الأخير بعد قفل كل سنة مالية لمجلس المراقبة وثائق الشركة المنصوص عليها في المادة 716 قانون تجاري السالفة الذكر،كما يضعون تقرير مكتوب عن حالة الشركة و نشاطها أثناء السنة المالية المنصرمة،و بناءاً على هذه المعطيات يقوم مجلس المراقبة بتقديم ملاحظاته إلى الجمعية العامة،بالإضافة إلى هذه السلطة العامة فإن مجلس المراقبة يمارس سلطات محددة بنص القانون و تتمثل فيما يلي:
-يقدم للجمعية العامة ملاحظاته على تقرير مجلس المديرين و على حسابات السنة(المادة656 فقرة 3 قانون تجاري)،كذلك طبقاً لنص المادة 644 قانون تجاري يخول لمجلس المراقبة سلطة تعيين أعضاء مجلس المديرين مع اختيار أحدهم رئيساً،كما يقترح على الجمعية العامة عزلهم.
-منح التصريح المسبق فيما يتعلق بالاتفاقيات المنصوص عليها في المادة 670 قانون تجاري.
الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس المراقبة.
إن مركزهم يماثل مركز أعضاء مجلس الإدارة بدليل أن المواد التي جاءت في هذا الشأن هي تكرار لما جاء بشأن أعضاء مجلس الإدارة،من حيث:
1-يجب على أعضاء مجلس المراقبة أن يحوزوا على أسهم الضمان الخاصة بتسييرهم وفقاً لما نصت عليه المادة 619 قانون تجاري بمعنى 20% ،و هذا تطبيقاً لنص المادة 659 فقرة 1 (إحالة لما سبق الحديث عنه حول أسهم الضمان المادة 619 قانون تجاري).
2-يجوز أن يكون عضواً في مجلس المراقبة الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي على السواء،مع ملاحظة أنه لا يجوز لعضو مجلس المراقبة الانتماء إلى مجلس المديرين.
كذلك فإنه يجب التفرقة بين أعضاء مجلس المراقبة الطبيعيين و المعنويين،إذ لا يمكن للشخص الطبيعي أن ينتمي إلى خمس (5) مجالس مراقبة مقرها بالجزائر،مع جواز ذلك للشخص المعنوي (إحالة لما سبق التطرق له في مجلس الإدارة).
*أعضاء مجلس المديرين و مجلس المراقبة الذين يخضعون للحظر جعلهم مسؤولين مسؤولية تضامنية عن ديون الشركة (المادة 671 قانون تجاري).
المبحث الثاني: جمعيات المساهمين.
بالإضافة إلى الجمعية التأسيسية التي تنعقد عند تأسيس الشركة بناءاً على دعوة المؤسسين لتقويم الحصص العينية،و مراقبة أعمال التأسيس،و تعيين القائمين الأولين بالإدارة،و مراقبي الحسابات (الأولين)،و أعضاء مجلس المراقبة (الأولين) ،و هذا بالنسبة للشركات التي تتبنى نظام التأسيس باللجوء العلني للادخار،هناك جمعيات مساهمين و تتمثل في جمعيتين رئيسيتين: الجمعية العمومية العادية، و الجمعية العمومية غير العادية.
المطلب الأول: الجمعية العمومية العادية.
أولاً: كيفية انعقادها.
طبقاً لنص المادة 676 قانون تجاري تنعقد الجمعية مرة على الأقل في السنة،و ذلك خلال الستة (6) أشهر التي تسبق قفل السنة المالية،انعقادها سنوياً هو مبدأ عام و يبقى هذا الانعقاد السنوي إلزامياً،و ينعقد اختصاص دعوة الجمعية العامة العادية للانعقاد لمجلس الإدارة أو مجلس المديرين،غير أن هناك حالات استثنائية ينعقد فيها الاختصاص في دعوة الجمعية العامة للانعقاد لجهات أخرى معينة، و هي الجهات التالية:
1-مندوبي الحسابات: في حالة الاستعجال، طبقاً لنص المادة 715 مكرر 4 فقرة 6 قانون تجاري؛
2-المصفي: و ذلك في ظرف ستة (6) أشهر من تعيينه (المادة 787 قانون تجاري)؛
3-هيئة المراقبة: إن وجدت،أو من طرف وكيل معين بقرار قضائي بناءاً على طلب كل من يهمه الأمر (المادة 787 قانون تجاري)؛
ثانياً: شروط صحة انعقاد الجمعية.
يشترط القانون لصحة انعقاد الجمعية شرطين رئيسيين:
1-وجوب اطلاع المساهمين على المعلومات المضمنة في وثيقة أو أكثر: و التي تتمثل فيما أوردته المادة 678 فقرة 6 قانون تجاري،كما أن المادة 680 قانون تجاري اعتبرت ذلك من حقوق المساهم التي يجب أن تكون له خلال 15 يوماً السابقة لانعقاد الجمعية العامة العادية و يعتبر حق الإطلاع على الوثائق من الحقوق الملازمة لجميع المساهمين؛
2-توفر النصاب القانوني:أوجبت المادة 675 فقرة 2 قانون تجاري أن يكون عدد المساهمين الحاضرين أو الممثلين يملكون على الأقل ربع (1/4) الأسهم التي لها الحق في التصويت،و إذا حدث عدم توافر النصاب في الدعوة الأولى يعقد اجتماع ثاني لا يشترط فيه أي نصاب،أي يكون صحيحاً مهما كان الجزء الذي يمثله الحاضرون،و بعد اكتمال النصاب القانوني للجمعية تتداول في كل المسائل الواردة في جدول أعمالها،و نظراً لأن النصاب وفقاً لما تقدم يُحسب على أساس قيمة السهم و ليس على أساس عدد المساهمين،فإنه يجب تحديد الأسهم التي لها الحق في التصويت،و يعتبر هذا الحق في الجمعية العمومية العادية من الحقوق الملازمة لملكية السهم،و يعتبر المبدأ القانوني المنصوص عليه في المادة 684 أن لكل سهم صوت على الأقل،و تعتبر هذه القاعدة من النظام العام،كل شرط يرد في القانون الأساسي للشركة مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن،و ذلك مع مراعاة أحكام المادتين 603 و 658 قانون تجاري،و الحكمة من ذلك هي قطع الطريق أمام سيطرة و نفوذ المساهمين الحائزين على أغلبية رأس المال و هيمنتهم على الأقلية،و يتم التصويت على قرارات جمعية المساهمين العادية بأغلبية الأصوات المعبر عنها،مع مراعاة عدم أخذ أوراق الممتنعين بعين الاعتبار.
ثالثاً: كيفية إدارة الجمعية العمومية العادية. (المادة 681 قانون تجاري).
رابعاً:اختصاصات الجمعية العمومية العادية.
يتضح من نص المادة 675 قانون تجاري أن الجمعية العادية تتخذ كل القرارات باستثناء القرارات المذكورة في المادة 674 قانون تجاري و التي تخص القرارات الموكولة للجمعية العامة غير العادية.
إن الجمعية العمومية العادية هي التي تمثل حق المساهمين في الإشراف على أعمال مجلس الإدارة أو مجلس المديرين حسب نظام الشركة،و قد يمنح القانون الأساسي للشركة الجمعية العامة العادية اختصاصات واسعة لاتخاذ القرارات المناسبة على شرط ألا تخالف النصوص القانونية الإلزامية أي المتعلقة بالنظام العام.و من السلطات القانونية التي تتمتع بها الجمعية العامة العادية الاختصاصات المنصوص عليها صراحة في القانون،و تتمثل فيما يلي:
1-تعيين أعضاء مجلس الإدارة أو أعضاء مجلس المديرين و عزلهم في أي وقت حسب التفصيل السابق،و كذا الشأن بالنسبة لمراقبي الحسابات؛
2-توزيع الأرباح: تطبيقاً لنص المادة 723 قانون تجاري فإن الجمعية العامة العادية بعد الموافقة على الحسابات و التحقق من وجود مبالغ قابلة للتوزيع يجب أن تحدد الحصة التي تمنح للشركاء على شكل أرباح،و كل ربح يوزع خلافاً لهذه القاعدة يعتبر ربحاً صورياً؛
3-ممارسة الرقابة المسبقة لجميع العقود التي أوجب المشرع إخضاعها لهذه الرقابة و هي: جميع العقود بين الشركة و عضو مجلس إدارة، إذ يشترط الحصول على إذن مسبق من الجمعية العمومية بعد تقديم تقرير لمندوب الحسابات و ذلك بعقد أي اتفاقات بين الشركة و مؤسسة أخرى،إذا كان أحد القائمين بإدارة الشركة مالكاً لهذه المؤسسة (المادة 628 قانون تجاري) أو شريكاً فيها أو مديراً لها،و لا تُستثنَ من ذلك إلا الحالات التي يكون فيها موضوع التعاقد عملية داخلة في موضوع الشركة.
ملاحظة: يجوز الطعن بالبطلان في كل قرار تتخذه الجمعية العامة العادية لم تُراعَ فيه أحكام القانون أو أحكام القانون الأساسي للشركة،و ذلك من قِبل كل من له مصلحة في ذلك كالمساهم و الغير.
المطلب الثاني: الجمعية العمومية غير العادية.
أولاً: كيفية انعقاد الجمعية العمومية غير العادية.
تخضع الجمعية العمومية غير العادية في تكوينها و في دعوتها إلى نفس الأحكام التي سبق الكلام عنها في الجمعية العامة العادية ( و هذا وجه شبه بينهما)،غير أنها تختلف عن الجمعية العادية في أنها لا تنعقد سنوياً بل كلما دعت الضرورة إلى ذلك حسب ما تتطلبه اختصاصاتها،غير أن انعقاد الجمعية غير العادية يصبح ضرورياً في حالة خسارة الشركة لأكثر من ثلاثة أرباع (3/4) رأس مالها،إذ يتوجب في هذه الحالة في خلال الأشهر الأربعة (4) التالية للمصادقة على الحسابات التي كشفت عن هذه الخسائر باستدعاء الجمعية العامة غير العادية،و ذلك للنظر فيما إذا كان يجب اتخاذ قرار حل الشركة قبل حلول الأجل،و إذا لم يتقرر الحل فإنه يكون لزاماً على الشركة في هذه الحالة أن تلجأ إلى تخفيض رأس مالها بقدر يساوي على الأقل مبلغ الخسائر مع عدم الإخلال بالحد الأدنى المنصوص عليه قانوناً،و هذا إذا لم يحدد في هذا الأجل الأصل الصافي،و قد أجاز القانون لكل معني بالأمر أن يطالب بحل الشركة قضاءاً،و ذلك إذا لم يعقد اجتماع الجمعية،أو لم يعقد اجتماعها صحيحاً،و نظراً لأهمية و حساسية المواضيع التي تتخذ بشأنها القرارات من طرف هذه الجمعية اشترط القانون توافر نصاب خاص لصحة انعقادها،و كذا توافر أغلبية خاصة تختلف عن النصاب و الأغلبية المطلوبة في الجمعية العامة العادية.
ثانياً: النصاب و الأغلبية.(وجه الاختلاف).
وفقاً لنص المادة 674 فقرة 2 قانون تجاري لا يصح تداول الجمعية العمومية غير العادية إلا إذا كان عدد المساهمين الحاضرين أو الممثلين يملكون النصف(1/2) على الأقل من الأسهم في الدعوة الأولى،و إذا لم يكتمل هذا النصاب توجه دعوة ثانية و يكفي أن يتوافر فيها نصاب يعادل ربع (1/4) الأسهم ذات الحق في التصويت،و إذا حدث عدم اكتمال هذا النصاب الأخير يجوز تأجيل الجمعية الثالثة إلى شهرين على الأكثر،و ذلك من يوم استدعائها للاجتماع مع بقاء النصاب المطلوب هو دائماً الربع (1/4)،و إذا اكتمل النصاب المطلوب بثت الجمعية فيما يعرض عليها من اختصاصات، و ذلك بأغلبية ثلثي (2/3) الأصوات المعبر عنها،على ألا تؤخذ بعين الاعتبار الأوراق البيضاء (الممتنعين)،تطبيقاً لنص المادة 674 فقرة 3 قانون تجاري.
ثالثاً: سلطات الجمعية العمومية غير العادية.
وفقاً لنص المادة 674 قانون تجاري تعتبر الجمعية العمومية غير العادية هي المختصة وحدها بتعديل القانون الأساسي للشركة،و هذا الحق من النظام العام،غير أن هذا الحق المخول للجمعية ليس مطلقاً بل قيده القانون بمنع الجمعية من اتخاذ قرارات يكون من شأنها الزيادة من التزامات المساهمين،و من أمثلة ذلك إلزام الشريك باكتتاب أسهم جديدة أو اتخاذ قرار يقضي بتحويل شركة المساهمة إلى شركة تضامن أو توصية،و قد نصت صراحة على هذا القيد المادة 715 مكرر 17 فقرة 1 و2 قانون تجاري و التي قيدته بموافقة كل الشركاء في حالة تحويلها إلى شركة تضامن،و بموافقة الشركاء الذين يقبلون أن يصبحوا متضامنين في حالة قبول التحويل إلى شركة توصية،و قد حدد القانون أهم المواضيع التي يمسها تعديل القانون الأساسي و التي تعتبر من صلاحيات الجمعية غير العادية،و تتمثل هذه الصلاحيات فيما يلي:
1-زيادة رأس المال: قد تجد الشركة أنها بحاجة إلى زيادة رأسمالها لعدة أسباب كأن يتطلب ذلك النمو السريع لمشاريعها،أو بالعكس قد تسوء أحوالها على ما بدأت به بحيث من الصعب عليها مواجهة التزاماتها،أو أن تصاب بخسائر تمس أكثر من ثلاث أرباع (3/4) رأسمالها،بحيث في هذه الحالة الأخيرة يتحتم عليها إما الزيادة في رأس مالها أو تُحل؛
2-تخفيض رأس المال: مهما كانت الأسباب التي أدت إلى تخفيض رأس المال،فإنه تطبيقاً لنص المادة 712 قانون تجاري فإن تقرير هذا التخفيض يرجع إلى الجمعية العمومية غير العادية،كما يجوز لهذه الأخيرة أن تفوض لمجلس الإدارة أو لمجلس المديرين حسب الحالة كل الصلاحيات لتحقيقه؛
3-حل الشركة و تحويلها: إن قرار حل الشركة الذي يتخذ قبل حلول الأجل المحدد لها يجب أن يتخذ من طرف الجمعية غير العادية (المادة 715 مكرر 18 فقرة1 قانون تجاري).
أما تحويل الشركة فيقصد به تحويل الشكل القانوني لها،كأن تتحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة و هذا يعتبر تعديلاً لنظامها،و بما أن القانون قد قيّد سلطتها هذه بعدم المساس بحقوق المساهمين و زيادة التزاماتهم،فإنه لا يجوز للجمعية غير العادية أن تتخذ قرار تحويل شركة المساهمة إلى شركة تضامن أو توصية.
4-إدماج الشركة: يقصد بالإدماج ضم شركتين أو أكثر بصفة قانونية في شركة واحدة،و قد أجاز المشرع ذلك في المادة 744 قانون تجاري،إذ نصت على أن "للشركة و لو في حالة تصفيتها،أن تدمج في شركة أخرى أو أن تساهم في تأسيس شركة جديدة بطريق الدمج"،المادة 749 قانون تجاري أضافت "و يقرر الإدماج من طرف الجمعية العمومية غير العادية للشركات المدمجة و المستوعبة".
المبحث الثالث: مراقبي الحسابات.
و قد خصص له المشرع المواد من 715 مكرر 4 إلى 715 مكرر 14 من القانون التجاري.
المطلب الأول: تعيين مراقبي الحسابات و انتهاء مهامهم.
أولاً: تعيين مراقبي الحسابات.
و يخضع تعيينهم لشروط شكلية و أخرى موضوعية.
1)الشروط الشكلية.
تعيين مراقبي الحسابات يكون مبدئياً من قِبل الجمعية العامة العادية (المادة 715مكرر 4 فقرة1 قانون تجاري)،و استثناءاً يكون ذلك من طرف القانون الأساسي للشركة و هذا عند لجوء الشركة للتأسيس الفوري،إذ يعين القانون الأساسي مندوبي الحسابات الأولين،و يعينون من قِبل الجمعية العامة التأسيسية في حالة اللجوء العلني للادخار.
و قد يعينون بناءاً على قرار قضائي في حالة إهمال الجمعية العامة لتعيين مندوبي الحسابات في حالة وجود مانع أو رفض مندوبي الحسابات.
2)الشروط الموضوعية.
جاءت في المادة 715 مكرر6 قانون تجاري،و هي كالآتي:
1-أن تتوافر في المندوب شروط مزاولة مهنة المحاسب،و لهذا لابد من اختياره من ضمن المهنيين المسجلين في الجدول الوطني لذلك؛
2-يمنع الجمع بين وظيفة مندوب حسابات و القيام بالإدارة أو عضوية مجلس إدارتها أو مراقبتها،بما في ذلك أقرباء و أصهار هؤلاء حتى الدرجة الرابعة؛
3-لا يجوز أن يكون مندوب للحسابات القائمون بالإدارة و أعضاء مجلس المديرين أو مجلس المراقبة و أزواج القائمين بالإدارة و أعضاء مجلس المديرين أو مجلس المراقبين للشركات التي تملك عشر(1/10) رأس مال الشركة؛
4-أزواج الأشخاص الذين يحصلون بحكم نشاط دائم غير نشاط مندوبي الحسابات على أجرة أو مرتب،إما من القائمين بالإدارة أو أعضاء مجلس المديرين أو من مجلس المراقبة؛
5-الأشخاص الذين منحتهم الشركة أجرة بحكم وظائف غير وظائف مندوب الحسابات،و كذا الذين كانوا قائمين بالإدارة أو أعضاء في مجلس المراقبة أو مجلس المديرين في أجل خمس (5) سنوات ابتداءاً من تاريخ انتهاء مهامهم.
و يترتب على الإخلال بهذه الأحكام بطلان التعيين بالإضافة إلى تعرض المندوب إلى عقوبات جزائية نصت عليها المادة 829 قانون تجاري و نصها "يعاقب بالحبس من شهرين (2) إلى ستة (6) أشهر و بغرامة من 20.000 د.ج إلى 200.000د.ج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص يقبل عمداً أو يمارس أو يحتفظ بوظائف مندوبي الحسابات بالرغم من عدم الملائمات القانونية".
ثانياً: انتهاء مهام مندوبي الحسابات.
ككل جهاز و بغض النظر عن الأسباب العادية لانتهاء مهامهم (الوفاة،الاستقالة...) تنتهي مهام مندوبي الحسابات للأسباب التالية:
1-بانتهاء مدة الوكالة: و هي ثلاث (3) سنوات (المادة 715 مكرر 7 قانون تجاري)،و تنتهي مهامهم بعد اجتماع الجمعية العامة العادية التي تفصل في حسابات السنة المالية الثالثة،و ذلك إما بانتخاب سواهم أو تجديد انتخابهم؛
2-عزل مراقبي الحسابات: فقد أجاز القانون عزل مراقبي الحسابات و ذلك بناءاً على طلب كل من: مجلس الإدارة أو مجلس المديرين حسب الحالة،مساهم واحد أو أكثر يمثلون على الأقل(1/10) من رأس المال.
المطلب الثاني: اختصاصات و التزامات مندوبي الحسابات.
أولاً: اختصاصات مندوبي الحسابات.
لمندوبي الحسابات اختصاصات واسعة تشمل الرقابة الدائمة و العامة على سير أعمال الشركة و تدقيق حساباتها،و باعتبارهم وكلاء على الشركة أوجب المشرع عليهم تقديم تقارير إلى الجمعية العمومية،و فوَّض لهم بعض الأعمال الإدارية في حالات استثنائية:كدعوة الجمعية العامة للانعقاد، و قد أجملت المادة 715 مكرر4 الاختصاصات فيما يلي:
*رقابة سير أعمال الشركة و تدقيق حساباتها:
1-اختصاصات المندوبين أثناء سير الشركة: فحص دفاتر الشركة و رقابتها و لهم أن يطلبوا من القائمين بالإدارة أي بيانات تثبت صحة ما ورد في هذه الدفاتر،و لهم من جهة أخرى الحق في التأكد من مدى مطابقة العمليات الحسابية المقيدة في القانون الأساسي؛
2-مراقبة انتظام صحة الجرد و المصادقة عليه؛
3-التحقق من احترام مبدأ المساواة بين المساهمين (المادة 715مكرر4 فقرة 4 قانون تجاري)؛
4-تقديم التقارير و يندرج تحتها:
أ-التقرير السنوي: ينتهي عمل المندوبين في كل سنة بوضع تقرير عن كل الفحوص و الرقابات التي جرت خلال السنة مرفوقاً بالملاحظات أثناء تدقيقه للحسابات؛
ب-التقارير الخاصة: و هذه التقارير نستخلصها من المواد التالية:
*المادة 621 قانون تجاري "يسهر مندوبو الحسابات تحت مسؤوليتهم على مراعاة الأحكام المشار إليها في المادتين 619 و 620 و يبلغون عن كل مخالفة في تقريرهم المرفوع للجمعية العامة السنوية".
*كذلك أشارت المادة 628 قانون تجاري إلى وجوب تقديم تقرير خاص من قِبل مندوبي الحسابات إلى الجمعية العامة،كلما تعلق الأمر بالعمليات التالية:
-كل عقد يتم بين الشركة و أحد القائمين بإدارتها سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة (المادة 628 فقرة 1 قانون تجاري)؛
-كل عقد أو اتفاق بين الشركة و مؤسسة أخرى يكون أحد القائمين بالإدارة فيها مالكاً أو شريكاً أو وكيلاً عنها،أو قائماً بالإدارة فيها،ما لم يعلم مجلس الإدارة عن هذه الصفة و تحصل على إذن منه.
-كل عقد يمنح القائم بالإدارة قرضاً من الشركة،أو فتح حسابات جارية له على المكشوف؛
*و بالإضافة إلى هذه التقارير المحددة في المادة المذكورة هناك تقارير متفرقة في القانون التجاري،منها:
-تقرير على تخفيض رأس مال الشركة؛
-تقرير على زيادة رأس مال الشركة؛
-تقارير على كل حالة استعجاليه تدعو إلى انعقاد الجمعية العمومية للانعقاد.
ثانياً: التزامات أو واجبات مندوبي الحسابات.
أوجبت المادة 715 مكرر 10 من القانون التجاري على مندوبي الحسابات إطلاع مجلس الإدارة أو مجلس المديرين أو مجلس المراقبة حسب الحالة بما يلي:
1-عملية المراقبة و التحقيق التي قاموا بها؛
2-مناصب الميزانية و الوثائق الأخرى المتعلقة بالحسابات التي يرون ضرورة إدخال تغييرات عليها،بتقديم كل الملاحظات الضرورية حول الطرق التقييمية المستعملة في إعداد هذه الوثائق؛
3-المخالفات و الأخطاء التي قد يكشفونها،إذ تنص المادة 715 مكرر 13 من القانون التجاري على أنه "يعرض مندوب الحسابات على أقرب جمعية عامة مقبلة المخالفات و الأخطاء التي لاحظوها أثناء ممارسة مهامهم،و يطلعون علاوة على ذلك وكيل الجمهورية بالأفعال الجنحية..."؛
4-النتائج التي تُسفر عنها الملاحظات و التصحيحات أعلاه و الخاصة بنتائج السنة المالية السابقة، و فضلاً عن ذلك فإن مندوبي الحسابات ملزمون باحترام سر المهنة فيما يخص الأفعال و الأعمال و المعلومات التي أطلعوا عليها بحكم ممارسة وظائفهم (المادة 715 مكرر13 فقرة 3 قانون تجاري).
و لقيام مندوبي الحسابات بواجبهم و ممارسة عملهم على أحسن وجه أجاز لهم القانون أن يطلبوا توضيحات من رئيس مجلس الإدارة أو مجلس المديرين، الذي يتعين عليه أن يرد على كل الوقائع التي من شأنها عرقلة استمرار الاستغلال و التي اكتشفها أثناء ممارسة مهامه،و قد رتب القانون عقوبات جزائية يتعرض لها رئيس مجلس الإدارة أو مجلس المديرين الذي يتوجب عليه الرد،و هذا ما نصت عليه المادة 831 قانون تجاري.
الفصل الثالث: الأسباب الخاصة لانقضاء شركة المساهمة.
تنقضي شركات المساهمة كغيرها من الشركات بالأسباب العامة،و تطبيقاً لهذه القواعد العامة يمكن لشركة المساهمة أن تُحل قبل حلول الأجل المحدد لها في القانون الأساسي،غير أن قرار حل الشركة يتخذ من قبل الجمعية العامة غير العادية تطبيقاً لنص المادة 715 مكرر 18 قانون تجاري،و من الأسباب الخاصة لانقضاء هذه الشركة هناك سببين رئيسيين و هما: الانقضاء المؤسس على الحالة المالية للشركة،و الانقضاء المؤسس على الإخلال بركن الشركاء.
1)الانقضاء المؤسس على الحالة المالية للشركة.
تنص المادة 715 مكرر 20 قانون تجاري "إذا ما كان الأصل الصافي للشركة قد خفض بفعل الخسائر الثابتة في وثائق الحسابات إلى أقل من ربع (1/4) رأس مال الشركة،فإن مجلس الإدارة أو مجلس المديرين حسب الحالة ملزم خلال الأشهر الأربعة (4) التالية من المصادقة على الحسابات التي كشفت عن هذه الخسائر باستدعاء الجمعية العامة غير العادية للنظر فيما إذا كان يجب اتخاذ قرار حل الشركة قبل حلول الأجل،و إذا لم يتقرر الحل،فإن الشركة تلزم في هذه الحالة بعد قفل السنة المالية الثانية على الأكثر التي تلي السنة التي تم فيها التحقق من الخسائر،و مع مراعاة أحكام المادة 594 أعلاه،بتخفيض رأس مالها بقدر يساوي على الأقل مبلغ الخسائر التي لم تخصم من الاحتياطي إذا لم يحدد في هذا الأجل الأصل الصافي بقدر مساوي على الأقل ربع (1/4) رأس مال الشركة،و في كلتا الحالتين تنشر اللائحة المصادق عليها من الجمعية العامة حسب الكيفيات المقررة عن طريق التنظيم"، و قد نظمت ذلك المادة 14 من المرسوم التنفيذي 95-438 و نصها "في حالة انخفاض الأصول الصافية للشركة بفعل الخسائر المعاينة في وثائق الحسابات إلى أقل من ربع (1/4) رأس المال،تودع توصية الجمعية العامة المنصوص عليها في المادة 715 مكرر 20 فقرة 3 من القانون التجاري في المركز الوطني للسجل التجاري الذي يوجد فيه مركز الشركة،و يسجل في السجل التجاري كما ينشر في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية بطلب من الممثلين القانونيين للشركة و تحت مسؤوليتهم".
و قد رتب القانون في المادة 832 قانون تجاري جزاءاً للمخالفات المتعلقة بحل شركات المساهمة حيث نصت على أنه "يعاقب بالحبس من شهرين (2) إلى ستة (6) أشهر و غرامة من 20.000 د.ج إلى 100.000 د.ج أو بإحدى هاتين العقوبتين رئيس شركة المساهمة أو القائمون بإدارتها في حالة ما إذا أصبح الأصل الصافي للشركة بسبب الخسائر...أقل من ربع (1/4) رأس المال.
1-امتنعوا متعمدين عن استدعاء الجمعية العامة في الأربعة (4) أشهر التي تلي المصادقة على الحسابات...
2-تعمدوا عدم الإيداع بكتابة المحكمة القرار المصادق عليه من الجمعية العامة بعد نشره في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية،و فضلاً عن ذلك في جريدة مختصة بقبول الإعلانات القانونية و تقييده بالسجل التجاري...".
2)انخفاض عدد الشركاء عن الحد المقرر قانوناً.
أجاز القانون للمحكمة أن تتخذ قرار حل الشركة بناءاً على طلب كل معني إذا كان عدد المساهمين قد خفض إلى أقل من الحد القانوني و المحدد بسبعة (7) منذ أكثر من سنة،غير أن المشرع تبنى حل وسط يتمثل في إعطاء الشركة مهلة ستة (6) أشهر لتسوية الوضع،و ذلك بزيادة عدد الشركاء أو تحويلها إلى نوع آخر،و لا يمكن اتخاذ قرار حل الشركة من طرف المحكمة إذا تمت هذه التسوية يوم الفصل في الموضوع.
شركات التوصية بالأسهم.
تعتبر شركة التوصية بالأسهم الصورة المثلى للشركات ذات الطبيعة المختلطة،و ذلك لتواجد نوعين من الشركاء: شركاء متضامنين تنطبق عليهم نفس أحكام الشركاء المتضامنين في شركات التضامن، و شركاء موصين مساهمين يماثل وضعهم وضع الشركاء الموصين في التوصية البسيطة من حيث عدم ظهور اسمهم في عنوان الشركة،و عدم جواز قيامهم بأي عمل إدارة خارجي،غير أنهم يختلفون عنهم من حيث الحصص التي تعتبر كأسهم بكل ما يتميز به السهم،و قد أدخلت هذه الشركة في القانون التجاري الجزائري بموجب المرسوم التشريعي 93-08،و على هذا نجد المشرع بعد أن نظم أحكام شركة التوصية البسيطة و أحكام شركات المساهمة بنوع من التفصيل،أحال إلى أحكام كل من هاتين الشركتين بنصه في المادة 715 ثالثاً فقرة 2 من القانون التجاري بأنه "تطبق القواعد المتعلقة بشركات التوصية البسيطة و شركات المساهمة باستثناء المواد 610 إلى 673 المذكورة أعلاه،على شركات التوصية بالأسهم ما دامت تتطابق مع الأحكام الخاصة المنصوص عليها في هذا الفصل"،من هذه المادة يستخلص أن الأحكام القانونية لهذه الشركة تجد مصدرها في كلٍ من:
1-الأحكام الخاصة بشركة التوصية البسيطة؛
2-الأحكام القانونية لشركة المساهمة باستثناء ما يتعلق بإدارتها.
المبحث الأول: تأسيس شركة التوصية بالأسهم.
المطلب الأول: الشروط الموضوعية.
يشترط فيها سائر الشروط الموضوعية العامة و الخاصة التي سبق التعرض لها،و بالنظر إلى ما تتميز به هذه الشركة فيما يتعلق بركنين أساسيين،و هما: ركن عدد الشركاء و رأس المال الذي يتمثل في تقديم الحصص و الأسهم،بالإضافة إلى ما يتميز به عنوان هذه الشركة من خصائص.
أولاً: من حيث الشركاء.
طبقاً لنص المادة 715 ثالثاً يتضح أن هذه الشركة تخضع لأحكام شركة الأشخاص من حيث الشركاء المتضامنين،كما تخضع لأحكام شركة المساهمة من حيث الشركاء الموصين المساهمين.
1)-الشركاء المتضامنين.
وفقاً لنص المادة سالفة الذكر يكفي أن يكون شريك متضامن واحد فأكثر،و مهما كان عدد الشركاء المتضامنين فإن النظام القانوني الذي ينطبق عليهم هو ما يحكم الشركاء المتضامنين في شركة التضامن و التوصية البسيطة،تطبيقاً لنص المادة 365 مكرر فقرة 1 قانون تجاري،كما أن المشرع قد أكد على الخصائص التي تميز الشريك المتضامن حيث كرر كل من صفة التاجر و المسؤولية التضامنية و المطلقة عن ديون الشركة.
2)-الشركاء الموصين.
بخلاف الشركاء المتضامنين نجد المشرع قد عيّن حداً أدنى لا يمكن أن يقل عنه عدد الشركاء الموصين و هو ثلاثة (3) على الأقل.
و بالنسبة للشركاء الموصين فإن مركزهم يماثل مركز الشركاء المساهمين في شركة المساهمة من حيث أن حصصهم تتمثل في أسهم قابلة للتداول بخلاف الشركاء الموصين في شركة التوصية البسيطة التي تخضع حصصهم لقابلية التنازل عنها وفقاً لشروط محددة.
ثانياً: عنوان الشركة.
بعد أن حدَّد المشرع الحد الأدنى لعدد الشركاء الموصين أكد على عدم جواز إدراج أسماء هؤلاء الشركاء في عنوان الشركة،غير أنه تطبيقاً لأحكام شركة المساهمة على هذه الشركة و بالتحديد المادة 593 قانون تجاري يتضح أنه يجب أن يكون عنوان شركة التوصية بالأسهم مسبوقاً أو متبوعاً بذكر شكل الشركة و رأس مالها.
ثالثاً: رأس المال.
يتكون رأس مال هذه الشركة الذي يخضع لنفس الشروط التي يخضع لها رأس المال في شركة المساهمة،من أسهم يدفعها الشركاء الموصين و لا يمكن أن تكون سوى نقدية أو عينية،و حصص يدفعها الشركاء المتضامنون،و هي: الحصص بأنواعها الثلاثة،مع الملاحظة أن حصة العمل لا تدخل في رأس المال.
1)-الأسهم.
تتميز هذه الأسهم بجميع المميزات التي يتميز بها السهم في شركة المساهمة،خاصة من حيث القابلية للتنازل،غير أن وجه الاختلاف يكمن في أن الأسهم في هذه الشركة لا تخوَّل أصحابها حق الاشتراك في إدارة الشركة مهما كانت نسبتها،و هذا ما يفسر استبعاد أحكام المواد من 610 إلى 673 قانون تجاري،من تطبيقها على التوصية بالأسهم،كما أن الشريك الموصي المساهم في هذه الشركة تنطبق عليه من حيث الإدارة أحكام الشريك الموصي في شركة التوصية البسيطة تطبيقاً لنص المادة 563 مكرر 5 التي تقضي بأنه "لا يمكن للشريك الموصي أن يقوم بأي عمل تسيير خارجي و لو بمقتضى وكالة".
2)-الحصص.
تتمثل هذه الحصص فيما يقدمه الشركاء المتضامنون في هذه الشركة و تتميز هذه الحصص بكل ما تتميز به الحصة في شركات الأشخاص، من حيث كونها إسمية و لا يجوز التنازل عنها إلا وفقاً للشروط التي تنطبق على تنازل حصص الشركاء المتضامنين في شركات التوصية البسيطة.
المطلب الثاني: الشروط الإجرائية.
طبقاً لنص المادة 715 ثالثاً يظهر أن المشرع قد أخضع هذه الشركة لنفس القواعد الخاصة بشركة المساهمة،لهذا يستخلص أن في هذين الشركة نظامين للتأسيس:
أولاً: التأسيس باللجوء العلني للادخار: تطبق جميع الأحكام المنصوص عليها في المواد من 595 إلى 604 قانون تجاري،و في هذه الحالة لا يجوز أن يكون رأس مالها أقل من خمس ملايين دينار جزائري (5.000.000 د.ج).
ثانياً: التأسيس الفوري: يجب أن يكون الحد الأدنى مليون دينار جزائري (1.000.000 د.ج).
و في كلا الحالتين يقسم رأس مال الشركة إلى أسهم متساوية،و يجب الاكتتاب في كامل رأس المال و آداء الربع 1/4 على الأقل من القيمة الاسمية للأسهم النقدية،و يتم وفاء الزيادة مرة واحدة أو عدة مرات بناءاً على قرار من مسيِّر أو مسيري الشركة-بدل مجلس الإدارة في شركة المساهمة-في أجل لا يتجاوز خمس (5) سنوات ابتداءاً من تسجيل الشركة في السجل التجاري،أما الأسهم العينية فيجب تقديمها كاملة،و تخضع في تقديرها لكل التفاصيل السابق ذكرها في شركة المساهمة،و من حيث الشروط الشكلية فإن هذه الشركة تخضع لجميع الشروط الشكلية التي تخضع لها الشركات بصفة عامة،و تطبيقاً للمادة 715 قانون تجاري فإن المسير الأول أو المسيرين الأولين و الذين هم في الواقع الشريك أو الشركاء المتضامنون هم الذين يقع على عاتقهم مهمة مطابقة صحة عمليات تأسيس الشركة و القيام بجميع عمليات الشهر بهدف تسجيل الشركة في السجل التجاري.
المبحث الثاني: تنظيم و إدارة شركة التوصية بالأسهم.
إن تنظيم شركة التوصية بالأسهم يتم على أساس إدارة تمنح أساساً لشريك أو لشركاء متضامنين،يخضعون لرقابة مجلس المراقبة،المشكل من الموصين،و لكي يتمكن الشركاء غير المديرين من ممارسة حقوقهم،و كذا من منح الغير حماية كافية،قد يلجأ هذا التنظيم إلى تعيين مندوبي الحسابات الذين يوجدون في شركات المساهمة،و هذا ما يفهم من عدم استثناء المشرع هذا الجهاز من نطاق تطبيق النصوص المتعلقة بشركات المساهمة على شركة التوصية بالأسهم.
المطلب الأول: إدارة الشركة.
تدار هذه الشركة من طرف مدير واحد أو أكثر،و يمنح القانون حرية واسعة للشركاء لاختيار من توكل له،أو لهم الإدارة،و تطبيقاً لأحكام شركة التوصية البسيطة و التي تنطبق عليها من حيث الإدارة أحكام شركة التضامن،فإن المدير يمكن أن يعين من بين الشركاء المتضامنين أو من الغير.
أولاً: تعيين المدير أو المديرين و عزلهم.
تطبيقاً لنص المادة 715 ثالثاً فقرة 3 من القانون التجاري،و التي أحالت إلى تطبيق كل أحكام شركة التوصية البسيطة و المساهمة،فإن الإدارة تعهد في هذه الشركة لشريك متضامن أو أكثر،و ذلك أنه لا يجوز للشركاء الموصين التدخل في الإدارة (المادة 563 مكرر 5 قانون تجاري)،و طبقاً لنص المادة 715 ثالثاً 1 من القانون التجاري فإن المسير أو المسيرين الأولين يعينون بموجب القانون الأساسي،و هم الذين يتكفلون بالقيام بإجراءات التأسيس التي يكلف بها مؤسسو شركة المساهمة.
و إذا تطلب الأمر تعيين مدير خلال حياة الشركة فيكون ذلك من اختصاص الجمعية العمومية العادية،بموافقة الشركاء المتضامنين إلا إذا وُجد خلاف ذلك في القانون الأساسي،و غالباً ما يعين المدير سواء كان من الشركاء أو الغير في القانون الأساسي للشركة،و هذا ما يستفاد من نص المادة 715 ثالثاً 1 فقرة 3 قانون تجاري،عندما نصت على عزل المسير (المدير)،الذي يتم وفقاً للشروط المنصوص عليها في القانون الأساسي للشركة.
ثانياً:سلطات المدير أو المديرين.
طبقاً لنص المادة 715 ثالثاً 4 قانون تجاري،فإن المسير يتمتع بأوسع السلطات اللازمة للتصرف باسم الشركة في كل الظروف،و في إطار العلاقات مع الغير فإن هناك تفصيلات جاءت بالمادة 715 ثالثاً 4 فقرة 3 و 4 قانون تجاري.
و الملاحظ من صياغة هذه المادة، أن هناك تماثل بينها و بين ما ورد في كل من المادة 623 قانون تجاري،عندما حددت سلطات مجلس الإدارة في شركة المساهمة،و المادة 649 قانون تجاري فيما يتعلق بسلطات مجلس المديرين،يستخلص من ذلك أن مدير شركة التوصية بالأسهم يجمع بين سلطات التسيير لمجلس الإدارة،و سلطات الإدارة العامة لرئيس شركة المساهمة،و قد ألقى المشرع على عاتق المدير جميع الالتزامات التي تقع على عاتق مجلس إدارة شركة المساهمة،و هذا بصريح نص المادة 715 ثالثاً 4 فقرة 2 قانون تجاري،و التي تقضي أنه يخضع المسير لنفس الالتزامات التي يخضع لها مجلس إدارة شركة المساهمة مع مراعاة أحكام هذا الفصل..."،و بالرجوع إلى أهم الالتزامات التي ألقاها القانون على عاتق مجلس الإدارة و تطبيقها على مدير شركة التوصية نستطيع القول أنها تتلخص فيما يلي:
1-على المدير أو المديرين أن يتأكدوا من صحة تأسيس الشركة،و القيام بكافة الإجراءات التي يتطلبها التأسيس في شركة المساهمة.
2-على المدير أو المديرين أن يلتزموا بما فرضه القانون على أعضاء مجلس الإدارة في القيام باستدعاء الجمعية العامة العادية خلال السنة (6) أشهر التي تسبق انتهاء السنة المالية.
*ألزمت المادة 716 فقرة 1 ،2 ،3 قانون تجاري أنه على المدير عند قفل كل سنة مالية،يضع جرداً بمختلف عناصر الأصول و الديون الموجودة في ذلك التاريخ.
مع ملاحظة أن القانون لم يفرض على المدير أن يكون مالكاً لعدد معين من الأسهم ضماناً لإدارته،كما هو الحال بالنسبة لأعضاء مجلس الإدارة،و ذلك أن المدير في شركة التوصية بالأسهم هو شريك متضامن فمسؤوليته الشخصية و التضامنية تعد ضمان كافي للمساهمين و للغير،و نظراً لأن المشرع قد ألقى جميع الالتزامات التي يلتزم بها أعضاء مجلس الإدارة،على عاتق مدير شركة التوصية بالأسهم،فمن الطبيعي أن الإخلال بهذه الالتزامات يعرض مدير هذه الشركة لنفس الجزاءات (إحالة).
المطلب الثاني: مجلس المراقبة.
أولاً: تعيين مجلس المراقبة.
وفقاً لنص المادة 715 ثالثاً 2 فقرة 1 قانون تجاري،يتضح أن العدد الذي يتكون منه مجلس المراقبة في شركة التوصية بالأسهم هو ثلاث (3) مساهمين على الأقل،و هو الحد الأدنى الذي تطلبه القانون بالنسبة للشركاء الموصين،و قد أحال المشرع بشأن تعيين أعضاء مجلس المراقبة و مدة مهامهم إلى ما يسري من أحكام على تعيين القائمين بالإدارة و مدة مهامهم (المادة 715 ثالثاً 2 فقرة 4 قانون تجاري)، (التعيين،مدة الوكالة...).
ثانياً: سلطات مجلس المراقبة.
من المهام الأساسية لمجلس المراقبة أنه يتولى الرقابة الدائمة لتسيير الشركة دون أن يتدخل في الإدارة، و تختلف هذه المهمة بحسب مراحل تكوين الشركة:
1)مرحلة تأسيس الشركة.
في هذه المرحلة تقع على عاتق هذا المجلس مهمة مراقبة تأسيس الشركة،و مدى انطباق الشروط التي يتطلبها القانون،و إذا لاحظ مخالفات في التأسيس سواء فيما يتعلق بمخالفة الشروط الكلية،فيجب عليه تسويتها عن طريق استدعاء جمعية المساهمين العادية.
2)مرحلة نشاط الشركة.
في هذه المرحلة يتولى المجلس ما يلي:
1-الرقابة الدائمة لتسيير الشركة،و بهذه الصفة فإنه يتمتع بنفس سلطات مندوبي الحسابات ما نصت عليه المادة 715 ثالثاً 7 فقرة 1 قانون تجاري؛
2-يجب عليه تقديم كل سنة تقرير يشير فيه على الخصوص إلى المخالفات و الأخطاء الموجودة في الحسابات السنوية؛
3-يجب على مجلس المراقبة تسجيل الجنح التي يرتكبها مدير الشركة،و التصريح بها،و إلا كان مسؤولاً مدنياً عن ذلك؛
4-كما أجاز القانون لمجلس المراقبة أن يستدعي الجمعية العامة العادية،و يعتبر مجلس المراقبة مسؤولاً بصفة عامة عن جميع الأخطاء الشخصية التي يرتكبونها خلال مدة وكالتهم.
المطلب الثالث: مندوبي الحسابات.
على الرغم أن المشرع نص في المادة 715 ثالثاً 7 فقرة 1 قانون تجاري أن مجلس المراقبة له نفس سلطات مندوبي الحسابات،إلا أنه لم ينص على إلغاء جهاز مندوبي الحسابات من هذه الشركة،بل نص في المادة 715 ثالثاً 3 قانون تجاري على أن الجمعية العمومية العادية تعين مندوباً واحد للحسابات أو أكثر،و في شأن هؤلاء نحيل إلى كل ما قيل بشأن هؤلاء في شركة المساهمة من حيث تعيينهم،و السلطات و المسؤولية.
المطلب الرابع: الجمعيات العمومية للمساهمين.
نلاحظ من خلال النصوص أن شركة التوصية بالأسهم لها جمعيات عمومية عادية و غير عادية، و لها نفس السلطات التي لجمعيات المساهمين في شركة المساهمة،مع ملاحظة أن تعديل القانون الأساسي للشركة و الذي هو من اختصاص الجمعية العامة غير العادية يتطلب موافقة كل الشركاء المتضامنين،و أغلبية الشركاء الموصين الذين يملكون ثلثي رأس المال (المادة 715 ثالثاً 8 قانون تجاري).
المبحث الثالث: تحويل شركة التوصية بالأسهم و انقضاؤها.
المطلب الأول: تحويل شركة التوصية بالأسهم.
ككل الشركات يمكن لشركة التوصية بالأسهم أن تتحول إلى شكل آخر من الشركات،و لعدم استبعاد المشرع الأحكام الخاصة بتحول شركات المساهمة،يمكن القول أنه في حالة تحول شركة توصية بالأسهم،إلى نوع آخر من الشركات،لابد من تطبيق القواعد الخاصة بتحول شركة المساهمة،و بالتالي لابد أن يكون قد مر على تاريخ إنشاء شركة توصية بالأسهم سنتان على الأقل،و تكون قد أعدت ميزانية السنتين الماليتين و أثبتت موافقة المساهمين عليها (المادة 715 مكرر 15 قانون تجاري)،غير أن قرار تحويل شركة التوصية بالأسهم إلى شركة تضامن يتطلب موافقة جميع الشركاء تطبيقاً لنص المادة 715 مكرر 17 قانون تجاري.
أما إذا كان قرار تحويل هذه الشركة قد اتجه إلى شكل شركة مساهمة أو مسؤولية محدودة فإنه يتم وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادة 715 ثالثاً 10 قانون تجاري،التي تنص على أنه "تقرر الجمعية العامة غير العادية بموافقة أغلبية الشركاء المتضامنين،تحويل شركة التوصية بالأسهم إلى شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة".
المطلب الثاني: إنقضاء شركة التوصية بالأسهم.
تطبيقاً لنص المادة 715 ثالثاً فقرة 3 قانون تجاري،يستخلص أن الأسباب الخاصة بانقضاء شركة التوصية بالأسهم تتمثل في تطبيق أحكام الانقضاء التي تطبق على شركة التوصية البسيطة،أو أحكام الانقضاء التي تنطبق على شركة المساهمة.
أولاً:تطبيق أحكام الانقضاء التي تطبق على شركة التوصية البسيطة.
و في هذا الصدد فرق المشرع بين ما إذا كان الشريك المتضامن وحيداً في شركة التوصية بالأسهم أو كانوا أكثر:
1)وفاة الشريك المتضامن.
تنقضي شركة التوصية بالأسهم كقاعدة عامة بوفاة الشريك المتضامن،غير أنه يمكن الاتفاق على خلاف ذلك في القانون الأساسي باستمرار الشركة مع ورثة الشريك المتوفي،و إذا لم يكن هناك شريك متضامن غير الشريك المتوفي،في هذه الحالة لابد من تعويضه بشريك متضامن آخر أو تحويل الشركة في خلال سنة ابتداءاً من تاريخ الوفاة،و في حالة عدم القيام بذلك خلال هذا التاريخ،أي خلال سنة تنقضي الشركة بقوة القانون.
2)إفلاس الشريك المتضامن أو منعه من ممارسة مهنته التجارية أو فقدان أهليته أو إفلاسه. و هذا السبب للانقضاء هو الآخر يمكن تفاديه بالنص في القانون الأساسي للشركة على خلاف ذلك.
ثانياً:تطبيق أحكام الانقضاء التي تطبق على شركة المساهمة.
1)المساس بالحالة المالية للشركة.
تطبيقاً لنص المادة 715 مكرر 20 قانون تجاري،فإن شركة التوصية بالأسهم تنقضي عندما تمسها الخسارة في الأصل الصافي بتخفيضه إلى أقل من ربع رأس المال،و تطبق في هذا الصدد كافة الإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة،غير أنه في شركة التوصية بالأسهم و نظراً لعدم وجود مجلس إدارة فإن مجلس المراقبة هو الذي يتعين عليه في خلال الأربعة أشهر التالية للمصادقة على الحسابات التي كشفت عن هذه الخسائر استدعاء الجمعية العمومية غير العادية للنظر فيما إذا كان يجب اتخاذ قرار حل الشركة قبل حلول الأجل.
و إذا لم يتقرر الحل فإن الشركة تلزم في هذه الحالة بتخفيض رأس مالها بقدر يساوي على الأقل ربع رأس مال الشركة،مع مراعاة أحكام المادة 594 قانون تجاري.
2)الإخلال بركن عدد الشركاء.
أو انخفاض عدد الموصين عن الحد الأدنى القانوني،قياساً على المادة 715 مكرر 17 و الخاصة بانقضاء شركة المساهمة،للإخلال بركن عدد الشركاء يمكن القول بأنه يجوز للمحكمة أن تتخذ قرار حل الشركة بناءاً على طلب كل معني إذا كان عدد الشركاء الموصين قد خُفض إلى أقل من الحد الأدنى و هو ثلاث (3) شركاء،منذ أكثر من سنة،و يجوز لها أن تمنح الشركة أجلاً أقصاه (6) أشهر لتسوية الوضع،و لا تستطيع اتخاذ قرار حل الشركة إذا تمت التسوية يوم فصلها في الموضوع.
و كخلاصة فإن شركة التوصية بالأسهم ككل شركة عند انقضائها تدخل في طور التصفية،و تخضع لجميع الأحكام التي تخضع لها الشركات التجارية.
الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
تعتبر هذه الشركة من أحدث الشركات التجارية من حيث الظهور،إذ يرجع أصلها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر،نظمها المشرع الألماني في 20 ماي 1892،و أدخلت إلى التشريع الفرنسي الصادر في 1925،و الذي أجريت عليه عدة تعديلات و قد اقتبس المشرع الجزائري أحكام هذه الشركة من قانون الشركات الفرنسي الصادر في 1966،و نظمها بموجب الأمر 75-59 المتضمن القانون التجاري،إلا أنه قد أدخل عليها بعض التعديلات بموجب المرسوم التشريعي 93-08 و خصص لهذه الشركة المواد من 564 إلى 591 قانون تجاري،كما عدّل و تمم هذه المواد بموجب الأمر 96-27 حيث اعترف بما يسمى بشركة الشخص الوحيد.
و تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات طابع مختلط إذ هي شركة تقترب من شركات المساهمة من حيث أنها تؤلف بين شركاء لا يتمتعون بصفة التاجر،و لا يُسألون إلا بنسبة ما قدموه من حصص، و لهذا تفترق عن شركات التضامن التي يُسأل فيها الشركاء مسؤولية شخصية و تضامنية،غير أنها في نفس الوقت شركة تلعب فيها شخصية الشريك دوراً هاماً،و بهذا تحتل هذه الشركة مكانة متوسطة ما بين شركات التضامن و شركات المساهمة،غير أننا نعيب هذه الشركة لأنها لا تتمتع بائتمان قوي لأنها لا تقدم للغير الضمان المستمد من المسؤولية الشخصية المطلقة للشركاء،كما هو الحال في شركة التضامن و لا الضمان الذي يقوم في شركة المساهمة،حيث تخضع من جهة لرأس مال كبير،و من جهة أخرى لنظام رقابة صارمة،و من الناحية الاقتصادية يناسب شكل هذه الشركة المشروعات المتوسطة،التي لا يقبل فيها الشركاء المسؤولية المطلقة التي تقوم في شركة التضامن،و لا يصل رأس مالها إلى الحد الأدنى اللازم في شركات المساهمة،كما أن الشركاء قد يفضلون هذا الشكل من الشركات و لو كان رأس المال كبيراً،خاصةً إذا كان في الروابط بينهم قدر من الاعتبار الشخصي،لا يتفق و حرية تداول الأسهم.
ما يهمنا هو معرفة الأحكام الخاصة التي تميز هذه الشركة من حيث التأسيس أو الإدارة أو الانقضاء.
المبحث الأول: تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
لتكوين هذه الشركة لابد من توافر كافة الأركان الموضوعية العامة و الخاصة، و الشكلية لعقد الشركة، و تجمع هذه الشركة في تأسيسها من الناحية الموضوعية كل من أحكام شركات الأشخاص و شركات الأموال،و من أهم أحكام هذه الشركة،و المستمدة من شركات الأموال،تحديد المسؤولية للشريك بقيمة حصته،و انتقال حصصه إلى ورثته بالوفاة،و بالمقابل تظهر أحكام شركات الأشخاص في الشركة ذات المسؤولية المحدودة،في تحديد عدد الشركاء،و عدم قابلية الحصص للتداول بالطرق التجارية.
أولاً: الشروط الموضوعية.
يمكن إجمال هذه الشروط في الشروط المتعلقة برأس مال الشركة و الشركاء.
1)-القواعد الخاصة برأس المال.
يتكون رأس مال هذه الشركة من الحصص التي يقدمها الشركاء،و التي لا يمكن أن تكون سوى عينية أو نقدية،و يشترط القانون حد أدنى لرأس المال،و هو مئة ألف دينار جزائري (100.000 د.ج)، (المادة 566 فقرة 1 قانون تجاري)،و ينقسم رأس المال هذا إلى حصص ذات قيمة اسمية متساوية مبلغها ألف دينار جزائري (1000 د.ج)،و هذا الحد الأدنى هو شرط أساسي لتكوين الشركة على وجه صحيح،و هو شرط ابتداء و شرط بقاء،بمعنى إذا نقص رأس المال عن الحد المذكور أثناء نشاط الشركة،يجب في مهلة سنة إكماله أو تحويل الشركة إلى نوع آخر من الشركات،و إلا جاز لكل من يهمه الأمر أن يطلب من القضاء حل الشركة بعد إنذار ممثليها (المادة 566 فقرة 2 قانون تجاري).
2)-القواعد المتعلقة بعدد الشركاء.
و نصت عليها المادة 590 قانون تجاري،إذ جاءت بقاعدة آمرة هي أنه لا يجوز أن يتجاوز عدد الشركاء عشرين (20) شريكاً،و هذا شرط ابتداء و شرط بقاء.
تطبيقاً لنص المادة 564 فقرة 2 قانون تجاري أعطى المشرع للشركة حق الخيار في أن تتخذ لها إسماً تجارياً مستمداً من طبيعة عملها،و في هذه الحالة-تختلف عن غيرها من شركات الأشخاص و تقترب من شركات الأموال التي تعين إسماً يستمد من موضوعها-،أو أن تتخذ لها عنواناً يذكر فيه اسم شريك أو أكثر،مع ذكر عبارة "و شركائه" أو "و شركائهم"،و في هذه الحالة الأخيرة فإن عنوان الشركة يشبه عنوان شركة الأشخاص،و على هذا الأساس ألزم المشرع في هذه الحالة ضرورة ذكر عبارة "شركة ذات مسؤولية محدودة" أو أول أحرف منها "ش.م.م"،و ذلك منعاً للبس الذي قد يقع فيه الغير في اعتقاده أنها شركة تضامن أو توصية بسيطة،و يجب ذكر هذا العنوان و التوقيع به على جميع العقود و المستندات الصادرة من الشركة،و قد رتب المشرع على مخالفة ذلك عقوبات جزائية (المادة 804 قانون تجاري).
الشروط الشكلية لشركة ذات المسؤولية المحدودة.
تخضع الشركة ذات المسؤولية المحدودة لنفس الشروط التي تتطلبها الشركات التجارية من حيث الكتابة الرسمية و الشهر،و قد ألزم المشرع لقيام الشركة وجود عقد رسمي يوقع من طرف الشركاء أنفسهم أو بواسطة وكلاء مفوضين بوكالة خاصة،و نظراً لأن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتطلب الدفع الفوري و الكلي للحصص،تطلب المشرع بعض القواعد الأساسية للتأكد من الدفع الكامل لرأس المال.بحيث أوجب ذكر توزيع الحصص بين الشركاء،في القانون الأساسي للشركة،كما أن المال الناتج عن تسديد قيمة الحصص المودعة بمكتب التوثيق تسلم إلى مدير الشركة بعد قيدها في السجل التجاري،و نظراً لأهمية رأس المال في هذه الشركة،و الذي يعد الضمان الوحيد لدائنيها تطلب المشرع في حالة وجود حصص عينية،وجوب تحديد قيمتها في القانون الأساسي للشركة و الاستعانة برأي خبير معين من طرف المحكمة،من بين الخبراء المعتمدين،الذي يجب عليه تحرير تقرير يلحق بالقانون الأساسي تحت مسؤوليته (المادة 568 فقرة 1 قانون تجاري).
**و إذا حدث و أن قدرت الحصة العينية بقيمة تفوق قيمتها الحقيقية،فإن المشرع أتى بقاعدة تجعل كل الشركاء متضامنين بالفرق طيلة مدة خمس (5) سنوات اتجاه الغير (المادة 568 فقرة 2 قانون تجاري)،و الملاحظ أن المشرع قد فرّق فيما يتعلق بالمسؤولية التضامنية تجاه الغير عن تقدير الحصص العينية،بين ما إذا كانت هذه الحصص قد تم تقديمها في مرحلة تأسيس الشركة أم بعد مزاولة نشاطها:
في الحالة الأولى: فرض التضامن على الشركاء جميعاً؛
أما في الحالة الثانية: ألقى المسؤولية التضامنية على مديري الشركة،و الشركاء الجدد الذين يقدمون حصص عينية لزيادة رأس المال،دون الشركاء القدماء (المادة 574 فقرة 2 قانون تجاري).
ملاحظات حول انقضاء شركة المسؤولية المحدودة (شرح الأستاذة).
-بالنسبة لانقضاء شركة المسؤولية المحدودة بالنسبة لعدد الشركاء إذا زاد عن عشرين (20) شريك لها أجل سنة للتصحيح بالتحول لشركة أخرى أو الانقضاء (إحالة لما قيل في شركة المساهمة)،و إذا نزل الحد الأدنى للشركاء إلى واحد يمكنها التحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة ذات الشخص الوحيد.
-أما الانقضاء المتعلق برأس المال،فإذا انخفض رأس مالها عن الحد الأدنى القانوني (100.000 د.ج)،إما أن تصحح في خلال سنة أو تتحول. و إذا تحولت الشركة إلى شركة تضامن لابد من موافقة جميع الشركاء الذين سيصبحون متضامنين.
-أما في حالة خسارة ¾ رأس المال،ألزمت المادة 589 فقرة 2 المديرين بالقيام بالإجراءات التالية:
-استشارة الشركاء في قرار حل الشركة؛
-و تمنح لهم مهلة أربعة (4) أشهر لاتخاذ قرار الحل،تحسب ابتداءاً من يوم المصادقة على الحسابات.
-إذا قرر الشركاء الاستمرار عليهم تخفيض رأس المال في حدود الخسارة على ألا يقل عن الحد الأدنى القانوني (مئة ألف 100.000 دينار جزائري).
-في حال عدم قيامهم بالإجراءت يمكن لكل من له مصلحة التقدم بطلب للقضاء يتضمن حل الشركة،و يقع على المديرين المسؤولية المدنية و الجزائية.
والحمد لله الذي به تتم الصالحات، وصلي اللهم و بارك على نبينا محمد، وآله، وصحبه و سلم تسليما. تم بعون الله بتلمسان الخميس 23 أفريل 2015