المنهجية العلمية للإجابة عن موضوع المذكرة الاستخلاصية لمترشحي مسابقة المدرسة العليا للقضاء

سرني ان اساهم بقدر ولو ضئيل مع اخواني وزملائي في ميدان العلوم القانونية وبخاصة اولئك المترشحين لميدان القضاء من خلال عرض بسيط توجيهي جمعت فيه ما بين تجربة شخصية كللت في مادة المذكرة الاستخلاصية بالنجاح ولله الحمد وبين ما افادني به كثير من الاساتذة الذين لهم المد والباع الطويل في ميدان القضاء والتدريس المنهجي .
سنحاول بإذن الله تعالى اعطاء منهجية مبسطة حول مناقشة ملف المذكرة الاستخلاصية يمكننا من قراءة ناجحة للملف وتفكير متوازن وحل منهجي وطرح قانوني . بدءا بتوجيهات عامة ثم مراحل الاجابة وأخيرا خلاصة عملية .
أولا : توجيهـــــــات عـــــــــــــــــــامة :
التوكل على الله في كل الأمر كله مع دعاء الله فهو ولي كل توفيق ونجاح
ما هو سؤال المذكرة الاستخلاصية ؟؟؟
المذكرة الاستخلاصية هي ملف يتكون غالبا من اربعة صفحات تحتوي بترتيب منهجي ومنطقي لما يلي: نصوص قانونية ، اجتهادات المحكمة العليا ، ونصوص فقهية لاساتذة في القانون.
يعالج ملف المذكرة الاستخلاصية موضوعا قانونيا واحدا تصب كل النصوص القانونية والاجتهادات والنصوص الفقهية حوله
يثير الملف : اشكالية قانونية أي معناه وجود اختلال ما موجود سواء في النصوص القانونية او الاجتهادات او الفقه او في احدهما اتجاه الاخر عليك بعد قراءة متانية وتحليلية اولية ان تكتشفه لانك باكتشافه سوف تتمكن من نصف الاجابة .
اقرا الملف كاملا والنصوص والاجتهادات بتمعن كبير 02 مرتين على الاقل ولا تخف من كبر الملف وطوله المفرط كونه يتكون من 04 صفحات ومرقون بخط صغير جدا .
ضع سطرا تحت الكلمات المهمة والمفتاحية في السؤال والتي يمكنك ربط إجابتك حولها ولا سيما الكلمات المتعلقة بالموضوع وكذلك المبادئ العامة والاساسية لان الاشكالية غالبا ما تنصب حولها مثل : فحوى النصوص أو ملخص قرار المحكمة العليا او بعض العبارات المهمة في النصوص الفقهية.
من هنا أمكننا استخلاص ان الهدف من السؤال هو قياس مدي قدرة الطالب على المقارنة والمقاربة التي يقوم بها الطالب للتناقض الموجود في مكان ما من الملف وقدرته على معالجته معالجة منهجية حيادية .
لا تستعمل أي معلومات اضافية درستها سابقا بل اجعل ذهنك صافيا مفرغا من كل ما درسته حول موضوع الملف الذي بين يديك بل اجعل ذهنك حول ما هو في الملف من معطيات ومواد واجتهادات ومعلومات قانونية فقط .
ضع في ذهنك جيدا ان المصحح لا يريد اختبارك في اي معلومة قديمة درستها سابقا ولا يريد معرفة او استظهار رأيك في الموضوع وحذار ان تبدي رأيك او توجهك لان المصحح يريد منك قراءة مجردة تستهدف استخراج التناقض الذي يسبب اشكالية ما قانونية في الموضوع وابرازها فقط من دون محاولة اعطاء رايك فيها ولا اضافة معلومات عليها او حتى محاولة جعلها خطأ او صوابا ، بل حياديا في قرائتك للوثائق والنصوص قدر الامكان ..
ثانيا : مراحل الخطة المنهجية المتبعة في الاجابة :
القراءة الأولية السريعة للملف : وتأخذ منك حوالي 15 دقيقة ، وهي قراءة بسيطة تعتمد على محاولة استكشاف اغوار النصوص القانونية والاجتهادات والآراء الفقهية .
القراءة المتأنية الاساسية : وتأخذ منك 25 دقيقة تقريبا ، وتكون بشكل متأن جدا تقف عندها على :
نوع النصوص القانونية وفحواها ومدى تطابقها وتناقضها مع بعضها البعض وأن كانت تحوي اصلا او قاعدة عامة أو استثناءات عليك التسطير تحت كل الكلمات المهمة وكذا يمكنك استعمال الاقلام الملونة لتوضيح النصوص المتناقضة والمتوافقة .
نوع الاجتهادات القضائية (محكمة عليا – قرار مجلس ....) ومدى توافقها وتباينها والأسس التي قضت بها في تطبيق النصوص السابقة الذكر في الملف أو لا ؟؟
ثم اجمع المتناقضات في طرف والمتوافقات في طرف واستخرج القواعد الاساسية والأسس التي بني عليها كل اجتهاد أو قرار لانه سوف يكون لها علاقة بشكل مؤكد مع النصوص السابقة الذكر.
أخيرا النصوص أو الاراء الفقهية وهي لمجموعة من شراح وكتاب القانون في الجزائر او خارجها حيث تتبع نفس الطريقة في استخراج ما يتوافق ويتناقض فيما بينها بعضها البعض.
مرحلة التدوين في الاوراق المسودة : اختصر التدوين في المسودات على 04 نقاط ، النقطة الاولى هي مدى توافق أو تعارض النصوص القانونية مع بعضها البعض ومدى تكلتها لبعضها او غير ذلك من الملاحضات المسجلة في النصوص القانونية فيما بينها فقط
النقطة الثانية: هي ان تدون مدى استقرار القرارات القضائية للمحكمة العليا على موضوع الملف أو عدم استقرارها في حال ما اذا كانت عدم الاستقرار توضيح ماهو القرار الذي سبب الشذوذ عن القواعد العامة التي قضت بها المحكمة العليا في بقية الوثائق
النقطة الثالثة هي تباين او تسلسل الاراء الفقهية مع تبيان التباين ان وقع
النقطة الاخيرة هي مقارنة شاملة تخرج فيها بخلاصة حول مدى التوافق والتباين الحاصل بين الوثائق في مجملها وفي تنوعها بين القرارات والنصوص القانونية والآراء الفقهية لتبين أن الاشكال يقع في احدى هذه الثلاث التي ستكون شذت عن القاعدة العامة .
مرحلة الاجابة النهائية على الورقة الرسمية:
من الجيد ان نمر مباشرة إلى مثال تطبيقي حقيقي او نموذج يمكن للمترشح ان يعتمده ويطبق حتى الفاظه وعباراته ومصطلحاته القانونية لان سلم التنقيط يعتمد على المنهجية وتوضيف المصطلحات القانونية المتخصصة فلا تستعمل مثلا في وصف النصوص القانونية بالاستقرار فتقول استقر القانون وهذا خطا بل الاستقرار يستعمل في مقارنة القرارات القضائية والتوافق أو التباين للنصوص القانونية فنقول توافق النص القانوني مع النص اللذي يليه ..
ثالثا: نموذج تطبيقي لحل المذكرة الاستخلاصية :
مقدمة :
تتناول فيها الموضوع المطروح في الملف ، من خلال النصوص والقرارات والأراء الفقهية ، فنقول: يتناول الملف الذي بين ايدينا موضوع : ...................... من خلال مجموعة من النصوص القانونية هي المواد ....... من القانون المدني مثلا أو من قانون ......... بالاضافة إلى قرارات المحكمة العليا المرتبة من سنة ....... إلى سنة ...... بالترتيب والتي صدرت عن الغرفة ........... وفي جهة اخرى تناول الموضوع مجموعة من الاراء الفقهية للاستاذ: ................ والاستاذ .................. (مع ذكر صفته ومركزه المذكور بالملف)
ان هذه القرارات والنصوص والقانونية والفقهية تتناول اشكالية معينة هذا ما نحاول تناوله بالشرح والتحليل من اجل تبيان هذا الاشكال وحله من خلال منهجية موضوعية كالاتي :
اولا : من حيث النصوص القانونية :
جاءت النصوص في عامتها (متوافقة – متعارضة ) مع بعضها البعض اذ تتناول المادة الاولى : .......................................... والمادة الثانية .......................والثالثة ......................................... (ذكر كل ما تتناوله المواد بصفة عامة وملخصة) حيث يظهر من خلال تحليلنا واستقرائنا لهذه النصوص انها رتبت قاعدة عامة متمثلة في : ...................................... واستثناء في المواد ............... (في حال وجود قاعدة عامة واستثناءات) .. (اما ان ظهر التعارض فيجب تحديد التعارض في اي مادة ويذكر بالتفصيل )
ثانيا: من حيث قرارات المحكمة العليا :
يظهر (استقرار- عدم استقرار) بين ملفات المحكمة العليا في تناولها لموضوع ............... حيث تناولت القرارات ......................................... (ذكر كل القرارات التي استقرت على الموضوع ) غير ان القرار رقم ..... الصادر بتاريخ .............. رتب استثناء جسد عدم استقرار قضاء المحكمة العليا حيث قضت المحكمة العليا بـ ........................... .. وهو الامر الذي يجسد بالفعل تناول المحكمة العليا للموضوع من وجهة .................................... (شرح وجهة نظر تناول المحكمة للموضوع المطروح بالملف) .
ثالثا: من حيث الأراء الفقهية :
جاءت المقالات الفقهية التي تناولت موضوع الملف وهي .... (ذكر عددها) النص الاول للأستاذ ...............الذي تناول فيه موضوع ........................... اما النص الثاني فكان للاستاذ ..................... الذي تناول فيه بشكل (متقارب – متناقض – متباين- متسلسل- مكمل) للمقال السابق من حيث انه تناول : .................................. اما النص الأخير فجاء .........................................(متواقفا- متناقضا – متسلسلا- مكملا..) للمقالات السابقة من حيث : ................................... (تشرح وجهة نظر الاستاذ الكاتب)
من خلال ذلك نستنتج ان النصوص جاءت (متوافقة- متكاملة- متسلسلة- متناقضة – متباينة ..) فيما بينها.
الخلاصة (الخاتمة)
أن تناول الملف لموضوع: ....................... جاء واضحا من خلال تعارض نستجليه من خلال : ................. (ذكر النص الذي جاء متعارضا وقد يكون حكما او قرار او نصا او مقالا ) ومن ذلك يتوضح أن الاشكال القائم متمثل في تناقض ................ (استخرج القرار أو النص او المقال الذي يشكل تناقضا مع موضوع الملف ) وذلك يجعل ............ (النصوص متناقضة) او (القرارات غير مستقرة) او (المقالات الفقهية غير متوافقة).
تنبيهات اخيرة :
على المترشح التركيز على استعمال المصطلحات التي تحتها سطر في المثال التوضيحي السابق
المقدمة لا تطرح فيها اشكالية على شكل سؤوال . بل فكرة عامة حول الموضوع فقط
لا تبدي رايك الخاص او لا تستعمل معلومات سابقة لديك حتى وان كانت لا تتوافق مع الملف كليا
لا تحاول أن تنتقد او ان تتهم القرارات او النصوص بالتقصير او الخطأ مطلقا
استعمل خطا جميلا واترك مسافات بين كل فقرة تتناولها ولا تكرر الافكار
لا يقلقك قلة الاسطر أو المعلومات التي كتبتها فالعبرة ليست بالكثير من الاسطر بل بما تحويه من معلومات مركزة وفق منهجية علمية مضبوطة
تكفيك صفحة واحدة ونصف لتكتب تحليل موضوعيا جيدا لمذكرة استخلاصية
استعن بالله في كل كلمة وتوكل عليه

والله ولي كل توفيـــــــق

اعداد : الأستاذ عبد الحفيظ بكيس
استاذ التطبيقات بكلية الحقوق بن عكنون جامعة الجزائر