01‏/04‏/2016

شروط و إجراءات تنفيذ الأحكام الأجنبية.




    





بعد تناولنا الجانب النظري من البحث و المتمثل في مفهوم الأحكام القضائية الأجنبية،و سلطات القاضي في تنفيذها،سننتقل في هذا المبحث إلى الجانب التطبيقي العملي من موضع تنفيذ الأحكام الأجنبية،و هذا بالتعرض لشروط التنفيذ،و إجراءاته ،و أخيراً آثار التنفيذ.

المطلب الأول: شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية.

      لا يمنح الأمر بالتنفيذ للحكم الأجنبي في دولة ما بدون قيد أو شرط، بل لابد من شروط، بتوافرها فيه يمنح له الأمر بالتنفيذ. و قد نصت بعض الدول في تشريعاتها على هذه الشروط، كمصر مثلا. وبعضها الآخر لم تنص عليها في تشريعاتها وتركت الأمر بتحديدها مفتوحا للاجتهاد القضائي. ومن بين هذه الدول فرنسا.
     أما المشرع الجزائري فلم ينص على شروط الأمر بالتنفيذ في قانون الإجراءات المدنية القديم،حيث كان القضاة يستنيرون بما ذهب له قضاء محكمة النقض الفرنسية و كذا الفقه في هذا الصدد،إلا أن المشرع عاد   و استدرك الأمر في آخر تعديل لقانون الإجراءات المدنية و الإدارية،ليورد مجموعة من الشروط،و عليه سنتناول في هذا المطلب ،شروط التنفيذ في القضاء و القانون الفرنسي،ثم شروطه في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري.
الفرع الأول: شروط التنفيذ في القضاء الفرنسي.

     لقد توصل القضاء الفرنسي بعد سجال قارب القرن و نيف،إلى اعتماد نظام المراقبة،و قد وضع لأجل التنفيذ الشروط الخمسة-و التي سبق الإشارة إليها- و التي استلهمها من الحكم الصادر في قضية "منزر" الشهيرة"[1]،ثم خفضها حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية، هو الحكم الصادر بتاريخ: 04 أكتوبر 1967 ، إلى أربعة شروط. فقد حذف الشرط الخامس، وهو سلامة الإجراءات على اعتبار أن هذا الشرط لا يمكن اعتباره شرطا مستقلا، وإنما هو شرط يمكن إدراجه ضمن شرط عدم المخالفة للنظام العام الإجرائي.
هناك شرط آخر لم يذكره الحكمان السابقان، مما يعني عدم أخذهما به، هو شرط المعاملة بالمثل، و إن كان هذا الشرط قد أخذت به الكثير من القوانين كالقانون المغربي، والقانون الألماني، والقانون الانكليزي مثلا.
وفيما يلي شرح للشروط الأربعة التي انتهى إلى تقريرها القضاء الفرنسي لمنح الحكم الأجنبي الأمر بالتنفيذ.

أولاً: اختصاص الجهة القضائية الأجنبية التي أصدرت الحكم.

    يشترط في الحكم الأجنبي ليمنح له الأمر بالتنفيذ في غالبية الدول صدوره عن محكمة مختصة.
واختصاص المحكمة الأجنبية في المنازعة التي صدر بصددها الحكم المطلوب تنفيذه في دولة أخرى يكون اختصاصا دوليا، واختصاصا داخليا. فهل الرقابة على الاختصاص تنصب على الاختصاص الدولي فقط، أم أنها تمتد كذلك إلى الاختصاص الداخلي.

1-الاختصاص الدولي للمحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي.

   كل الدول التي أخذت بنظام الأمر بالتنفيذ تشترط في الحكم الأجنبي أن يكون صادرا من محكمة مختصة دوليا. ولكن السؤال المطروح: وفقا لأي قانون يتم تحديد هذا الاختصاص؟ هل يتم وفقا لقانون البلد الذي اصدر قضاؤه الحكم، أم وفقا لقانون البلد المطلوب فيه تنفيذ هذا الحكم؟
  تذهب بعض الدول كسوريا، وليبيا، ولبنان ، إلى أن الاختصاص الدولي للمحكمة يتحدد وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه. وقد أخذت أيضا بهذا الحل محكمة استئناف باريس في قرارها الصادر بتاريخ:04 فبراير 1964م. وقيل في تبرير هذا الحل بأنه من غير المعقول مطالبة القاضي الأجنبي بتطبيق قواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانون غير قانونه. فقاضي كل دولة يطبق قواعد الاختصاص في قانونه وكل ما يطلب منه هو أن يكون قد طبق هذه القواعد تطبيقا صحيحا.
تذهب دول أخرى إلى أن الاختصاص القضائي الدولي للمحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي يتم وفقا لقانون القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ. وهذا الحل هو المتبع في كل من فرنسا و ألمانيا و انكلترا وايطاليا.
وفي تطور حديث للقضاء الفرنسي أصبح – في غير الحالات التي يكون الاختصاص الدولي معقودا له بصفة قاصرة عليه- يقبل اختصاص القضاء الأجنبي، لا بناءًا على قواعد الاختصاص في القانون الفرنسي، ولا في القانون الأجنبي، وإنما بناءًا على أن النزاع الذي صدر بشأنه الحكم الأجنبي مرتبط ارتباطا وثيقا بالبلد الذي اختير قضاؤه، وأن هذا الاختيار لم يكن منطويا على غش. [2]
وهذا الاتجاه الجديد في القضاء الفرنسي يفيد أنه قد وضع قاعدة مادية للاختصاص القضائي الدولي. فقد ابتعد بذلك عما أخذ به في السابق من جعل قواعد الاختصاص القضائي الدولي تطبق تطبيقا مزدوجاً، فمثلا لو أن المدعى عليه له موطن في فرنسا، فإن الاختصاص يكون للقضاء الفرنسي، وبالتالي فإنه يرفض منح الأمر بالتنفيذ للحكم الأجنبي، لكون المحكمة الأجنبية التي أصدرته غير مختصة دوليا. أما لو أن موطنه كان في بلد آخر، فان الاختصاص الدولي يكون معقودا لقضاء هذا البلد، تطبيقا لنفس القاعدة، ولكن بإعطائها تفسيراً مزدوجاً.
يقف القانون المصري بين الموقفين السابقين موقفا وسطا. فوفقا للمادة 258 مرافعات، الفقرة الأولى، ينظر إلى المنازعة التي صدر فيها الحكم الأجنبي، فان كانت تدخل في اختصاص المحاكم المصرية كان القضاء الأجنبي الذي أصدر الحكم غير مختص دوليا بإصداره. أما إذا كانت لا تدخل في اختصاصها، فإن الاختصاص القضائي الدولي للمحكمة التي أصدرته يتحدد وفقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
وبذلك فإن القانون المصري يقول أولا بالرجوع إلى قواعد الاختصاص القضائي الدولي المصرية . فإن لم تعقد هذه القواعد الاختصاص للمحاكم المصرية يرجع، حينئذ، إلى قواعد الاختصاص في قانون البلد الذي أصدر قضاؤه الحكم.
خشي بعض من الفقه المصري بأن هذا الحل سيقلل إلى حد كبير من الأحكام الأجنبية القابلة للتنفيذ بمصر، مما قد يترتب عليه الإضرار بالمعاملات الدولية.
وتجنبا لهذه النتيجة رأى ضرورة التفرقة بين حالتين: الحالة الأولى، هي الحالة التي يكون فيها اختصاص المحاكم المصرية قاصرا عليها، والحالة الثانية، هي التي يكون فيها اختصاصها مزدوجا أو مشتركا، بمعنى أن الاختصاص بالنظر في النزاع يكون ثابتا للقضاء المصري وفي نفس الوقت ثابتا للقضاء الأجنبي.
ففي الحالة الأولى، يتعين عدم الاعتراف بالاختصاص لمحاكم أية دولة، وبالتالي عدم السماح بتنفيذ الحكم الأجنبي الصادر منها.[3]
وفي الحالة الثانية، يتعين على القاضي المصري الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي الصادر من المحكمة الأجنبية متى كانت مختصة وفقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي في قانونها.

2-الاختصاص الداخلي للمحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي.
هل تمتد رقابة القاضي المطلوب منه منح الأمر بالتنفيذ إلى رقابة الاختصاص الداخلي للمحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم وذلك بعد تأكده من اختصاصها دوليا؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فوفقا لأي قانون يتحدد اختصاصها الداخلي؟
     جرى القضاء الفرنسي منذ زمن طويل على عدم الاكتفاء باختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي من الوجهة الدولية، واشترط أن تكون كذلك مختصة من الوجهة الداخلية (محليا ونوعيا)، وان هذا الاختصاص يتحدد وفقا لقانونها، وليس وفقا للقانون الفرنسي.
بعد صدور حكم محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 04 أكتوبر 1967 ، والذي ألغي كل رقابة على صحة الإجراءات إلا ما يتعلق منها بالنظام العام الدولي، رأى الفقه الفرنسي أن هذا الحكم يستتبع حتما التخلي عن الرقابة الداخلية للمحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم.
ثانياً: تطبيق الجهة القضائية التي أصدرت الحكم قواعد التنازع لدولة القاضي المطلوب منه منح الأمر بالتنفيذ.
    يشترط القاضي الفرنسي، لمنح الأمر بالتنفيذ للحكم الصادر من محكمة أجنبية، أن تكون هذه الأخيرة قد طبقت على النزاع القانون الذي تشير باختصاصه قواعد الإسناد الفرنسية.
قد تعرض هذا الشرط لكثير من الانتقادات. فمن التناقض البين أن نعترف من جهة للمحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم باختصاصها من الوجهة الدولية، ومن جهة أخرى، لا نعترف لها بتطبيقها على النزاع القانون الذي تشير باختصاصه قواعد الإسناد في قانونها. وكيف ننكر على القاضي الأجنبي تطبيقه على النزاع لقواعد الإسناد في قانونه إذا كان القاضي الفرنسي يفعل نفس الشيء لو أن ذات النزاع كان معروضا عليه. إضافة إلى ذلك، فان هذا الشرط يفترض أن القاضي الأجنبي يعرف مقدما الدولة التي سيقدم إليها حكمه لمنحه الأمر بالتنفيذ، بينما الأمر على خلاف ذلك في غالبية الأحوال.[4]
ولعل الرغبة في تجنب هذه الانتقادات هو الذي قد حدا بمحكمة النقض الفرنسية إلى التخفيف من صرامة هذا الشرط وذلك باكتفائها أن تكون القواعد التي طبقها القاضي الذي أصدر الحكم تؤدي إلى ذات النتيجة التي يؤدي إليها تطبيق قواعد القانون الفرنسي.
لم يمنع هذا التخفيف من صرامة الشرط من مطالبة الفقه بإلغائه نهائيا.

ثالثاً: ألا يكون الحكم الأجنبي مخالفا للنظام العام بمعناه الدولي.

تأخذ جميع الدول، التي تطبق نظام الأمر بالتنفيذ، بشرط عدم مخالفة الحكم الأجنبي لنظامها العام بمعناه الدولي .
وتتجلى هذه المخالفة، إما في الناحية الإجرائية للحكم، وإما في ناحية مضمون الحكم:

1-النظام العام والناحية الإجرائية للحكم الأجنبي.
   هناك بعض المبادئ الأساسية في الإجراءات يتعين على القاضي الأجنبي مراعاتها في الحكم الأجنبي الذي أصدره وإلا إعتبر هذا الحكم مخالفا للنظام العام بمعناه الدولي. ومن أهمها، أن يكون المدعى عليه كلف بالحضور تكليفا صحيحا، وانه مثل في الخصومة تمثيلا صحيحا، وأنه مكن من إبداء دفاعه. أما عن عدم تسبيب القاضي الأجنبي للحكم الذي أصدره فان القضاء الفرنسي لم يعتبره عائقا لمنحه الأمر بالتنفيذ.

2-النظام العام ومضمون الحكم.
من حيث مضمون الحكم فان الدفع بالنظام العام لا يكون له سوى أثر مخفف تطبيقا لفكرة التمييز بين إنشاء الحق في دولة القاضي والاعتراف فيها بحق نشأ في الخارج. فالحكم الأجنبي نشأ في الخارج ، يتعين تمتعه بالاعتراف الدولي.
وتطبيقا لهذا الأثر المخفف، قد اعترفت محكمة النقض الفرنسية بحكم أجنبي قضى بالطلاق في الوقت الذي كان الطلاق محظورا في فرنسا.
ولما كانت فكرة النظام العام فكرة متغيرة في الزمان، فان القاضي يقدر مدى مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام وقت رفع دعوى الأمر بالتنفيذ، لا وقت صدور الحكم الأجنبي.[5]

رابعاً: غياب أي غش نحو القانون.

     يوجد في الغالب هذا الشرط في النظام القانوني الذي يمارس رقابته على القانون المطبق على النزاع، إذ يحدث أن يكون القاضي قد طبق قانونا معينا على النزاع، غير انه لولا الغش نحو القانون لكان قانونا آخر هو المختص. ويحدث غالبا هذا الغش بتحايل الأطراف على ضابط الإسناد المعتمد في الدولة الذي اصدر قضاؤها الحكم، كأن يغير زوجان فرنسيان جنسيتهما، أيام أن كان الطلاق محظورا في فرنسا، ويكتسبان جنسية دولة يبيح قانونها الطلاق. فالحكم بالطلاق الذي يحصلان عليه فيها ينطوي في حقيقته على غش نحو القانون الفرنسي، لأنه لولا هذا التغيير، لكان القانون الفرنسي هو المختص باعتباره قانونهما الوطني.
فإذا تأكد القاضي المطلوب منه الأمر بالتنفيذ من وجود غش في القانون رفض منح الحكم الأجنبي الأمر بالتنفيذ. ويلاحظ أن الأمر على خلاف ذلك في تنازع القوانين،فالقاضي الوطني، في تنازع القوانين، إذا اكتشف غشا نحو القانون، فانه لا يرفض الفصل في النزاع، وإنما يستبعد القانون المختص نتيجة للغش، ويطبق عليه بدله القانون المختص حقيقة.
    مع ملاحظة أنه تذهب بعض الدول الإسلامية إلى وضع شروط أخرى منها: عدم مخالفة الحكم أو القرار لأحكام الشريعة الإسلامية،و هو ما نص عليه مثلاً قانون المرافعات اليمني في مادته 284،حيث يمنع تنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعد التحقق من عدم مخالفته للشريعة الإسلامية، و حسب هذا القانون فإن الحكم      أو القرار إذا كان يحلل حراماً أو يحرم حلالاً فإنه لا يجوز تنفيذه.[6]

الفرع الثاني: شروط التنفيذ في القانون الجزائري.

     بعد تعديل قانون الإجراءات المدنية و الإدارية في 2008 نص المشرع صراحة على جملة من الشروط لمهر الأحكام القضائية الأجنبية بالصيغة التنفيذية مستخلصاً إياها من الشروط السابقة،هذه الشروط و التي ورد ذكرها في المادة 605 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية منها ما يتعلق بالقواعد الإجرائية المتبعة في إصدار الحكم،و منها ما يرتبط بمحتوى هذا الحكم،و ما دام أن الأمر يتعلق بمسألة تنفيذ حكم أجنبي يرتبط بمصالح خاصة للأفراد فإن المنطق يقضي بأن يكون لهذا الحكم الصفة الأجنبية،و أن يكون قد فصل في نزاع يحكمه القانون الخاص.

أولاً:ثبوت الصفة الأجنبية للحكم و فصله في علاقة يحكمها القانون الخاص.

   يتفق الفقه على أن العبرة في تحديد الصفة الأجنبية للحكم هي صدور هذا الأخير باسم سيادة دولة أجنبية،و هذا يعني أن الأحكام التي تصدر باسم دولة محمية تعتبر أجنبية بالنسبة للدولة الحامية و العكس صحيح،ذلك أن الحماية تفترض انتقاصاً في السيادة و ليس انعداماً لها.[7]
         و إذا كان صدور حكم باسم سيادة دولة أجنبية شرطاً ضرورياً لإمكانية التكلم عن حكم أجنبي فإن ذلك يبقى غير كافي، إذ يجب أن يقترن ذلك بشرط آخر من أجل إمكانية إخضاع الحكم لأمر بالتنفيذ،    و هو وجوب أن يكون هذا الأخير قد فصل في نزاع يرتبط بمصالح خاصة مدنية أو تجارية و هو ما يتحقق في الحالة التي يكون فيها الحكم متعلقاً بنزاع يحكمه القانون الخاص،و كذلك الأحكام الجنائية لكن متى رتبت آثاراً مدنية إذ هذه الأخيرة فقط هي التي تكون قابلة للتنفيذ و هذا كله يعني أن العبرة هي ليست بطبيعة الجهة القضائية التي أصدرت الحكم و إنما بطبيعة الحكم في حد ذاته،هل هو مرتبط بحقوق خاصة أم لا،فإذا كان كذلك خضع هذا الأخير لنظام الأمر بالتنفيذ.

ثانياً: عدم مخالفة الحكم الأجنبي لقواعد الاختصاص.

   هذا الشرط هو ما يعرف بشرط الرقابة القضائية و الذي عبرت عنه الفقرة 1 من المادة 605 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية[8] بنصها "ألا يتضمن (الحكم الأجنبي) ما يخالف قواعد الاختصاص"،و يترتب على ذلك أن قاضي التنفيذ ملزم بالتأكد من أن الحكم الأجنبي صدر من محاكم مختصة،على أن الملاحظ هنا هو أن هذه المادة لم تحدد القانون الذي يتوجب الرجوع إليه من أجل التأكد من ذلك،هل هو القانون الجزائري بوصفه قانون بلد التنفيذ أم قانون الدولة التي أصدر قضاؤها الحكم.

ثالثاً:وجوب أن يكون الحكم الأجنبي حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه.

    مفاد هذا الشرط هو استلزام أن يكون الحكم الأجنبي المراد تنفيذه نهائياً غير قابل للطعن فيه بالطرق العادية،و هو ما يعني وجوب أن يكون الحكم قابلاً للتنفيذ،و يستنتج هذا من عبارة "الشيء المقضي فيه" المستعملة في الفقرة 2 من المادة 605 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تقتضي إصدار أمر إلى عمال السلطة العامة بتنفيذ الحكم جبراً عند الاقتضاء،و ترجع علة اشتراط قوة الشيء المقضي فيه إلى الحكم الأجنبي إلى فكرة توفير الاستقرار،إذ لو تم الاكتفاء بوجود الحكم فقط دون اشتراط أن يكون نهائياً فإنه ليس هناك ما يمنع من إمكانية إصدار أمر بالتنفيذ بخصوص حكم أجنبي تم إلغاؤه في الدولة التي صدر فيها،     و بخلاف الشرط الأول الخاص برقابة الاختصاص القضائي نجد أن المشرع الجزائري قد حدد هذه المرة القانون الذي يرجع إليه من أجل الوقوف على مدى توفر الحكم الأجنبي لقوة الشيء المقضي فيه،حيث تنص الفقرة 2 من المادة 605 قانون إجراءات مدنية و إدارية صراحة على الرجوع إلى قانون البلد الذي أصدر قضاؤه الحكم.[9]

رابعاً:عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام  و الآداب العامة بالجزائر.

   نصت على ذلك المادة 605 فقرة 4 قانون إجراءات مدنية و إدارية حيث يتم رفض تنفيذ الحكم الأجنبي متى تضمن مخالفة للنظام العام و الآداب العامة،و يقسم الفقه و القضاء في فرنسا النظام العام إلى نوعين:
نظام عام من حيث الموضوع،و نظلم عام من حيث الإجراءات و هو تقسيم لا شيء يمنع من الأخذ به في ظل القانون الجزائري خاصة و أن المادة 605 قانون إجراءات مدنية لم تتكلم عن إلزامية أن يتأكد القاضي من سلامة الإجراءات المتبعة و صحتها كشرط للأمر بالتنفيذ كالقانون التونسي حيث تقضي المادة 11 فقرة 3 قانون دولي خاص التي ترفض التنفيذ إذا ظهر أن الحكم الأجنبي صدر وفق إجراءات لم تحترم حقوق الدفاع.
التعارض مع النظام العام أو الآداب العامة أثره هو رفض تنفيذ الحكم كلياً،على أنه إذا كان هذا هو الأصل فإنه ليس هناك ما يمنع من إمكانية الأمر بالتنفيذ الجزئي بحيث يتم الأمر بتنفيذ فقط الجزئية التي لا تتعارض مع النظام العام و رفض المسائل الأخرى التي تتضمن تعارضها مع هذا الأخير.على أن الفقه و إن كان يسلم بهذا الحل فهو بالمقابل حل يجب أن يستوفي شرطاً أساسياً و هو وجوب أن تكون المسائل التي فصل فيها الحكم قابلة للتجزئة بحيث يمكن الفصل بينها،فإذا لم يتحقق ذلك توجب رفض الحكم كلية.

خامساً: عدم تعارض الحكم الأجنبي مع حكم صادر عن الجهات القضائية الوطنية.

     عبرت عن هذا الشرط الفقرة 3 من المادة 605 [10]قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هذا بنصها "ألا يتعارض الحكم الأجنبي مع أمر أو حكم أو قرار سبق صدوره من جهات قضائية جزائرية و أثير من المدعى عليه"،و يرى الكثير من الشراح أن هذا الشرط و إن تم وضعه في نص تشريعي فإنه يعتبر في حقيقة الأمر بمثابة تطبيق لفكرة النظام العام.
هذه هي مجمل الشروط التي ورد ذكرها في التشريع الجزائري من أجل إمكانية الأمر بتنفيذ حكم أجنبي في الجزائر،و الملاحظ هو أن هناك شروط أخرى يعرفها القضاء و التشريع في الكثير من الدول -و التي سبق    و تعرضنا لها في الفرع السابق- لم يرد ذكرها في القانون الجزائري و التي من بينها شرط الرقابة التشريعية الذي كان معروفاً عند القضاء الفرنسي،حيث كان يتم اشتراط أن يكون القاضي الأجنبي الذي أصدر الحكم قد طبق نفس القانون الذي تشير إليه قاعدة الإسناد الفرنسية و هو موقف لم يكن من الصعب على أحد اكتشاف سلبياته إذ كانت نتيجته هو رفض التنفيذ في كل مرة تختلف فيها قواعد الإسناد الفرنسية مع تلك المقررة في قانون دولة القاضي الذي أصدر الحكم.و هو ما يحدث في أغلب الأحوال،و لقد عدل القضاء الفرنسي في أحكامه الحديثة على هذا الشرط.[11]


الفرع الثالث:شروط تنفيذ أحكام المحكمين و السندات الأجنبية.

أولاً:شروط تنفيذ أحكام المحكمين.

   وضع المشرع الجزائري شروطاً إيجابية عند توافرها يتم الاعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم الدولية،و شروط أخرى سلبية يتم بها رفض منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم الدولي،أوردها المشرع في المادة 1056 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري،و هذه الشروط السلبية هي نفسها الشروط المنصوص عليها في اتفاقية نيويورك،التي صادقت عليها الجزائر:

الشروط الايجابية لتنفيذ حكم التحكيم الدولي.
   وتثيرها المحكمة من تلقاء نفسها،أو يثيرها المحكوم ضده،فتتحقق المحكمة من وجودها،دون أن تطالب المحكوم ضده بإثباتها،حيث يجب توافر هذه الشروط في حكم التحكيم حتى يتم تنفيذه،و قد نصت المادة 1051 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أنه "يتم الاعتراف بأحكام التحكيم الدولي في الجزائر إذا أثبت مت تمسك بها بوجودها و كان هذا الاعتراف غير مخالف للنظام العام الدولي..."،و من المادة يتبين وجود شرطين للاعتراف و تنفيذ القرار التحكيمي الدولي:
1-إثبات وجود القرار التحكيمي.
    و هذا الشرط هو شرط مادي،و يقضي بإثبات وجود القرار التحكيمي من طرف الجهة التي تتمسك به،و يتم ذلك بتقديم أصل القرار مرفقاً باتفاقية التحكيم أو نسخ عنها تستوفي شروط صحتهما.
2-أن لا يكون الاعتراف أو تنفيذ القرار التحكيمي مخالفاً للنظام العام الدولي.
    و قد نصت على هذا الشرط أيضاً اتفاقية نيويورك في مادتها الخامسة الفقرة الثانية،و قد نص المشرع بخصوص النظام العام،أنه يمكن لكل شخص اللجوء إلى التحكيم في الحقوق المالية التي له مطلق التصرف فيها،و يمنع المشرع الجزائري التحكيم في المسائل التي تتعلق بحالة الأشخاص و أهليتهم [12](المادة 1006 قانون إجراءات مدنية و إدارية).
شرط المعاملة بالمثل: هذا الشرط تأخذ به مختلف الدول خاصة في مجال التحكيم الدولي،المشرع لم يشترط هذا المبدأ في تنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية،أما فيما يخص التحكيم فيبدو أن الجزائر أخذت بهذا الشرط من خلال التحفظات التي أبدتها الجزائر أثناء توقيعها على اتفاقية نيويورك.

الشروط السلبية لتنفيذ حكم التحكيم الدولي.

   هذه الشروط تَوَفُرها يؤدي إلى إبطال أمر التنفيذ الخاص بحكم التحكيم الدولي،إذا كان صادراً خارج الجزائر،و إلى إبطال حكم التحكيم الدولي إذا كان صادراً في الجزائر،و بمفهوم المخالفة إن هذه الشروط يجب ألا تتحقق في الحكم التحكيمي الدولي،لامكانية الاعتراف به و تنفيذه،و هي منصوص عليها في المادة 1056 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية،و المادة 05 من اتفاقية نيويورك،و هي ست (6) حالات:
1-عدم صحة اتفاق التحكيم.
تعرف اتفاقية التحكيم بأنها اتفاق المتعاقدين على إخضاع النزاعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم إلى التحكيم،و للاعتراف بحكم التحكيم يجب أن يكون هناك اتفاق تحكيم صحيح و ساري حتى لحظة صدور الحكم،و عليه و لصحة اتفاق التحكيم يجب أن تكون هناك اتفاقية،و يجب ألا تكون باطلة،و أن تكون سارية بمعنى لم تنقض مدتها.
أ-أن تكون هناك اتفاقية: إن عدم وجود اتفاق التحكيم نادر الحصول،غير أنه يمكن تصوره في بعض الحالات،كأن يحتج المنفذ ضده بأنه لا توجد اتفاقية تحكيم لأنه لم يكن طرفاً فيها،أو أنه لم يوقع عليها،أو تم التوقيع من قبل شخص ليس له أهلية التوقيع،و كذلك إذا كانت غير مكتوبة للقاضي أن يراقب مدى توفرها على شروط الانعقاد و الشكل المقرر في القانون المطبق على النزاع.
ب-انقضاء الاتفاقية: إذا انقضت فتعتبر غير صحيحة حيث يكون الحكم باطلاً،و قد يثور الإشكال إذا لم يحدد الأفراد مدة،خاصة و أن المشرع لم يتعرض صراحة للمدة في أحكام التحكيم الدولي،و قد يكون ذلك حسب البعض إما إحالة منه لأحكام التحكيم الداخلي التي تعتبر اتفاقية التحكيم منقضية خلال أربع أشهر من تاريخ تعيين المحكمين،أو رغبة منه في ترك الأمر لحرية المتعاقدين. [13]
ج-اتفاقية تحكيم باطلة: و تكون كذلك كأن تكون غير مكتوبة،فالكتابة شرط صحة و ليست للاثبات،ما نص عليه المشرع في المادة 1040 فقرة 2 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية[14] "...يجب من حيث الشكل،و تحت طائلة البطلان،أن تبرم اتفاقية التحكيم كتابة،أو بأي وسيلة اتصال أخرى تجيز الإثبات بالكتابة...". و تكون باطلة كذلك إذا توافر عيب من عيوب الإرادة،أو كان أحد أطرافها فاقداً لأهلية التصرف،و تثير المسألة أهلية الأشخاص المعنوية،و قد نص المشرع في المادة 975 قانون إجراءات مدنية و إدارية أنه لا يجوز للأشخاص المعنوية العامة الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية،أن تجري تحكيماً عدا في علاقاتها الاقتصادية،أو في إطار الصفقات العمومية،أو الحالات الواردة في اتفاقيات صادقت عليها الجزائر.
2-عدم صحة تشكيل محكمة التحكيم و إجراءاتها.
هذا الشرط مؤداه أن تكون الهيئة التحكيمية مشكلة تشكيلاً صحيحاً طبقاً لاتفاق الخصوم،و هو من بين الأسباب التي تبطل حكم التحكيم.
3-إذا قضت المحكمة بما يخالف المهمة المسندة إليها.
   يجب على المحكم أن يلتزم بما جاء في اتفاق التحكيم،و ألا يتجاوز ما جاء فيها،و إلا كان الحكم الصادر عن هذه المحكمة التحكيمية باطلاً.
4-مراعاة مبدأ الوجاهية.
    و يتمثل في احترام و تأمين حقوق الدفاع و المساواة بين الطرفين،من خلال منح الفرصة لكل طرف لتقديم دفاعه عن طريق اختيار محكميه أو ممثليه،و تبليغه تبليغاً صحيحاً ليتمكن من الحضور،و أن يكون على دراية بادعاءات و مستندات خصمه للسماح له بإمكانية مناقشتها في جلسة المحاكمة.
5-تسبيب الحكم و عدم وجود تناقض في الأسباب.
 و يعد سبباً لإبطال حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر،و لاستئناف الأمر القاضي بالاعتراف و تنفيذ الحكم.
6-عدم مخالفة حكم التحكيم للنظام العام الدولي: و قد سبق التطرق إليه.[15]
   و فيما يخص تنفيذ أحكام المحكمين فقد نصت المادة الأولى من اتفاقية نيويورك على أنه "تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم و تأمر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ"،و قد نصت على هذه الإجراءات المادة 1053 و ما يليها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،   و لا يسع المقام للتعرض لها،و هي لا تختلف في الجملة على تلك القواعد المطبقة في تنفيذ الأحكام القضائية.






ثانياً:شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية.

    هذه الشروط جاء النص عليها في المادة 606 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية[16] و هي في مجملها شروط تتناسب مع طبيعة الوثيقة المطلوب الاعتراف بها أو تنفيذها،إذ الأمر يتعلق هنا بسند رسمي لا بحكم أجنبي،و بالتالي لا شك أن هناك شروطاً قد يتم تطلبها في حالة السند و العقد غير مطلوبة في حالة الحكم الأجنبي و العكس صحيح،أول هذه الشروط هو وجوب أن يكون السند متوفراً على الشروط المطلوبة لرسميته،و هو شيء يتحدد وفق قانون الدولة التي تم فيها تحرير السند،أما الشرط الثاني فهو أن يكون السند قابلا ً للتنفيذ و هو أمر يتقرر أيضاً على ضوء قانون البلد الذي حرر فيه السند،و أخيراً في نقطة التقاء بين الحكم الأجنبي و السند الرسمي يجب ألا يخالف محتوى هذا الأخير القوانين الجزائرية و النظام العام و الآداب العامة في الجزائر.















المطلب الثاني: إجراءات تنفيذ الحكم الأجنبي و آثاره.

     سنتناول في هذا المبحث إجراءات تنفيذ الأحكام الأجنبية ونفس الإجراءات المتبعة تطبق بخصوص تنفيذ السندات و العقود الصادرة عن جهات أجنبية،و هذه الإجراءات نص عليها المشرع الإجرائي الجزائري في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية بعد تعديله في 2008 المادة 607 منه[17].

الفرع الأول: إجراءات تنفيذ الحكم الأجنبي.

    طلب التنفيذ يكون عن طريق رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة،و هو ما يفترض تكوين طالب التنفيذ لملف يشتمل على جميع الوثائق التي من شأنها أن تؤدي إلى قبول طلبه،و هو شيء إذا تم رتب بعض الآثار.
أولاً: الوثائق الخاصة بطلب التنفيذ.

    لا نجد في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري بياناً للوثائق التي يلتزم طالب التنفيذ بتقديمها أمام الجهة القضائية المختصة،لكن بالرجوع إلى طبيعة الدعوى التي تفترض وجود حكم أجنبي و بالنظر للشروط التي تطلبها القانون الجزائري من أجل الأمر بالتنفيذ،و بالاستئناس بالاتفاقيات السارية المفعول في الجزائر،بالرجوع لكل هذا يمكن التكلم عن حدٍ أدنى من الوثائق هي تلك التي تهدف إلى إثبات وجود الحكم الأجنبي المطلوب تنفيذه،و هو ما يعني وجوب تقديم صورة رسمية للحكم طبق الأصل.
كما يجب أيضاً تقديم وثائق يكون الهدف منها التأكد من توافر شروط التنفيذ،و يترتب عن هذا أن طالب التنفيذ ملزم بتقديم نسخة تنفيذية للحكم لإثبات أن هذا الأخير هو قابل للتنفيذ،و يلتزم أيضاً بإثبات أن الإجراءات كانت سليمة و تم فيها احترام حقوق الدفاع و هو ما يتم عن طريق تقديم محضر تبليغ الحكم المطلوب تنفيذه أو أي وثيقة يمكن أن تحل محلها،و التي من شأنها أن تثبت أن المحكوم ضده قد تم تبليغه بالحكم،و أن إجراءات التبليغ تم احترامها،كما أنه يبدو ضرورياً تقديم صورة طبق الأصل لورقة التكليف بالحضور و ذلك متى تم الحكم غيايباً.[18]
و عليه فإن الوثائق المطلوب تقديمها هي:
1-صورة رسمية للحكم تتوفر فيها الشروط اللازمة لإثبات صحتها؛
2-صورة رسمية عن محضر تبليغ الحكم المطلوب تنفيذه؛
3-شهادة بأن الحكم أصبح نهائياً و حائزاً لقوة الأمر المقضي به ما لم يكن ذلك منصوص عليه في الحكم ذاته؛
4-نسخة طبق الأصل من ورقة التكليف بالحضور الموجهة إلى الطرف الذي تخلف عن حضور المرافعة؛
5-يجب أن تكون الوثائق المذكورة مصحوبة بترجمة رسمية إلى اللغة العربية.[19]

    و كما أشرنا من قبل هذه الوثائق تشكل الحد الأدنى لما يجب تقديمه أمام القضاء الجزائري في دعوى الأمر بالتنفيذ مما لا يمنع هذا الأخير من اشتراط أي وثيقة أخرى يعتبرها ضرورية،كما نشير أيضاً إلى ضرورة تقديم نسخ مترجمة للوثائق المبينة أعلاه في كل مرة يكون فيها الحكم صادراً عن قضاء دولة الأحكام فيها غير محررة باللغة الرسمية التي تصدر بها الأحكام بالجزائر.[20]

ثانياً: الجهة المختصة بدعوى التنفيذ و إجراءاتها.

   طبيعة دعوى التنفيذ.
      إن دعوى الأمر بالتنفيذ تهدف إلى منح القوة التنفيذية للحكم الأجنبي لإمكانية تنفيذه،و بذلك فهي تختلف عن الدعوى القضائية التي يهدف صاحبها إلى الحصول على الحماية القضائية بشأن مركز قانوني متنازع فيه،فدعوى الأمر بالتنفيذ ليست لها علاقة بموضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم الأجنبي،و إنما هي متعلقة بالحكم ذاته الأمر الذي يجعل دعوى الأمر بالتنفيذ ذات طبيعة خاصة،و لما كانت دعوى الأمر بالتنفيذ ذات طبيعة خاصة،فإن مسألة الإثبات حتماً لن تتعلق بالوقائع و إنما محلها يكون إثبات توافر الشروط اللازمة لتنفيذ الحكم،و طرح التساؤل حول من يقع عليه عبء الإثبات: الأطراف أم القاضي؟     و تضاربت آراء و حجج الفقه في الإجابة عنه و الراجح منها أنه يقع على عاتق القاضي باعتبار المسألة تتعق بإثبات جانب من شروط التنفيذ و هي من النظام العام و الهدف من وضعها المحافظة على سيادة الدولة و تحقيق المصلحة العامة،ما يجعل التمسك بها من اختصاص القاضي المطلوب منه التنفيذ.[21]

طلب دعوى التنفيذ.
    طلب التنفيذ أو ما يسميه المشرع بطلب منح الصيغة التنفيذية يتم عن طريق رفع دعوى قضائية كأي دعوى متعلقة بالمسائل المدنية،[22]أي عن طريق تكليف بالحضور و مواجهة الأطراف،و يكون الحكم الصادر قابلاً للطعن بكافة الطرق المقررة في القانون الجزائري،الاختصاص المحلي في دعوى منح الصيغة التنفيذية يؤول طبق المادة 607 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية[23] إلى محكمة موطن المنفذ عليه،و ما ذلك في الحقيقية سوى تكريس للقاعدة العامة في هذا المجال،فالمنفذ عليه هنا سيكون بدون شك في مركز المدعى عليه،على أن ذات المادة أضافت معيار اختصاص آخر هو موطن محل التنفيذ،[24]و هو ما يتطابق مع مكان تواجد الأموال،و تجدر الإشارة إلى أن المعيار ين المقررين هنا هما اختياريان لكن مع مراعاة ما قررته المادة 607 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية دائماً التي إضافةً إلى الاختصاص المحلي وضعت أيضاً اختصاصاً مانعاً،إذ أن طلب التنفيذ لا يكون أمام كل محكمة يتحقق فيها المعياران المذكوران أعلاه،و إنما يجب أن يكون ذلك أمام المحكمة المنعقدة في مقر المجلس،الذي يوجد في دائرة اختصاصه موطن المنفذ عليه أو محل التنفيذ،و نشير في النهاية أن نصوص القانون الجزائري لم تحدد القسم المختص داخل المحكمة في النظر بطلب التنفيذ على أن منطق الأمور يفترض في هذه الحالة أن يرجع الاختصاص إلى القسم المماثل الذي أصدر الحكم الأجنبي فإذا لم يتحقق ذلك كان الاختصاص للقسم المدني.
مضمون الحكم.
إن القاضي المعروض أمامه الحكم القضائي الأجنبي لمنحه الصيغة التنفيذية،إما أن يقبل منح الامر بالتنفيذ لهذا الحكم أو أن يرفض.
منح الأمر بالتنفيذ.
حين يتحقق القاضي الجزائري من توافر كل الشروط اللازمة لتنفيذ الحكم الأجنبي حسب ما ورد في القانون،فإنه سيصدر الأمر بتنفيذ هذا الحكم الأجنبي دونما تعديل فيه،و بالتالي يصبح قابلاً للتنفيذ،غير أنه يمكن أن يتصور عدم قابلية هذا الحكم الأجنبي للتنفيذ رغم شموله بالصيغة التنفيذية،كالحالة التي تظهر فيها عوامل في الفترة ما بين صدور الحكم و تنفيذه و مثالها المقاصة و الوفاء بالدين.
و بالنسبة للآثار التي يرتبها الأمر الصادر بالصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي هي نفسها الآثار التي يرتبها القانون الأجنبي،غير أن هذه المسألة ليست على إطلاقها،و هذه ما سنتناوله فيما يلي.[25]

الفرع الثاني: آثار الحكم  بالتنفيذ.

       الأثر الأول للحكم الأجنبي يتمثل في قوة التنفيذ،و هذا الأثر لا يترتب في القانون الجزائري و في غالبية الدول،إلا بعد شموله بالأمر بالتنفيذ،إلى جانب هذا الأثر هناك آثار أخرى تترتب على الحكم الأجنبي،بعضها تترتب عنه باعتباره حكماً قضائيا،و بعضها الآخر يترتب عنه،إما باعتباره واقعة و إما باعتباره سندا يكون له بهذا الوصف قوة في الإثبات.

أولاً: أثر الحكم الأجنبي بوصفه حكما.
    يترتب عن الحكم الأجنبي بوصفه حكماً أثران ،الأول : قوة التنفيذ،الثاني: حجية الأمر المقضي فيه،     و الذي يعني أن الحكم يتضمن قرينة على أن ما قضى به هو عنوان للحقيقة لما جاء فيه و لا تقبل هذه القرينة الدليل العكسي، مما يحول دون إثارة النزاع من جديد.بالنسبة للأثر الأول الذي هو قوة التنفيذ،فهذا الأثر لا يترتب عن الحكم الأجنبي إلا بعد شموله بالأمر بالتنفيذ يكون صادراً عن المحاكم الوطنية.بالنسبة للأثر الثاني و هو حجية الأمر المقضي به، فقد اختلف الفقه و تباينت التشريعات بشأنه هل هو أثر يترتب عن الحكم الأجنبي قبل شموله بالأمر بالتنفيذ،أم أنه أثر لا يترتب عنه إلا بعد الأمر بالتنفيذ.
يذهب القانون الإيطالي إلى أنه لا يترتب هذا الأثر عن الحكم الأجنبي أياً كان نوعه ما لم يصدر الحكم بتقرير نفاذه.
في فرنسا ذهب القضاء أمام عدم معالجة التشريع لهذا الأثر إلى التفرقة ما بين الأحكام الأجنبية الخاصة بالحالة و الأهلية و غيرها من الأحكام.بالأولى تتمتع بحجية الأمر المقضي به قبل صدور الأمر بتنفيذها،بينما الثانية لا تتمتع بهذا الأثر إلا بعد شمولها بالأمر بالتنفيذ.لكن إذا كانت الأحكام الأجنبية الخاصة بالحالة     و الأهلية تتطلب إجراء عمل تنفيذي،كالحكم الصادر بتسليم صغير للحضانة،أو الحكم الصادر بالتطليق    و النفقة،كأثر من آثار هذا التطليق،فإن القضاء الفرنسي يستلزم في هذه الحالات شمولها بالأمر بالتنفيذ،و لابد من التنبيه إلى أن الأحكام الخاصة بالحالة و الأهلية لا تتمتع بالحجية قبل الأمر بالتنفيذ بدون قيد أو شرط،و إنما تخضع لنفس نظام المراقبة الذي تخضع له الأحكام الأخرى لاستصدار الأمر بالتنفيذ.فإذا قدم المدعى عليه الحكم الأجنبي في دعوى مرفوعة عليه في فرنسا،و تتعلق بنفس النزاع الذي فصل فيه،فإن القاضي الفرنسي،قبل الاعتراف له بالحجية في النزاع الذي ينظر فيه،يتحقق أولاً من مدى توافره على الشروط المتطلبة لمنحه الأمر بالتنفيذ،و التي ترتد إلى أربعة شروط بعد أن كانت خمسة.فإذا تحقق من توافر هذه الشروط فيه اعترف بحجيته دون حاجة إلى رفع دعوى مستقلة لاستصدار أمر بالتنفيذ. [26]
و قد انتقد بعض الفقه هذا القضاء الذي يميز بين الأحكام الأجنبية الخاصة بالحالة و الأهلية،و التي تتمتع بالحجية قبل شمولها بالأمر بالتنفيذ،و غيرها من الأحكام،و قال بأن هذا التمييز لا مبرر له،و خالي من أي معنى،إن هو إلا عبارة عن مغالاة في التمسك بالشكليات،و في مصر أمام عدم وجود نصوص تشريعية من الفقه من قال بالتمييز الوارد في القضاء الفرنسي بين الأحكام الخاصة بالأهلية و الحالة،و غيرها من الأحكام،و جعل النوع الأول من الأحكام هو وحده الذي يتمتع بالحجية قبل الأمر بالتنفيذ.لكن يوجد من الفقه من انتقد ذلك و قال برفض هذا التمييز المقام بين الأحكام الأجنبية،و قال بأنه إذا دفع أمام محكمة مصرية بحجية الشيء المقضي به بناءاً على حكم أجنبي،يكفي للاعتراف للحكم الأجنبي بتلك الحجية أن يكون مستوفياً للشروط اللازمة لمنح الأمر بالتنفيذ.
أما اشتراط سبق شمول الحكم الأجنبي بالأمر بالتنفيذ فعلاً فإنه يكون من قبيل المغالاة في التمسك بالشكليات.
   و نشير إلى أن مشروع قواعد القانون الدولي الخاص الفرنسي الذي وضعته لجنة تنقيح القانون المدني لا يقيم أي تفرقة بين الأحكام الأجنبية و يجعلها جميعها،و بالنسبة لكل المواد لا تتمتع بالحجية إلا إذا صدر الأمر بالتنفيذ. و في الجزائر أمام عدم وجود نص تشريعي يتحدث عن هذا الأثر يرى البعض عدم إقامة التفرقة بين الأحكام القضائية الأجنبية و جعلها جميعاً تتمتع بالحجية،لكن بشرط أن يتوفر فيها جميع الشروط المتطلبة في الحكم الأجنبي لمنحه الأمر بالتنفيذ و التي سبق التعرض لها في المبحث الأول،و في ذلك إراحة للمتقاضي من شكليات لا مبرر لها يقول الأستاذ أعراب بلقاسم، فإذا كان الحكم يتطلب إجراءاً تنفيذياً،ففي هذه الحالة لا مناص من استصدار الأمر بالتنفيذ لأنه في هذه الحالة لا يمكن للسلطات العامة أن تتلقى أمراً من السلطات الأجنبية. [27]









ثانياً: أثر الحكم الأجنبي بوصفه واقعة.

     يمكن معاملة الحكم الأجنبي قبل شموله بالأمر بالتنفيذ كواقعة،و تترتب آثار عليه بهذا الوصف،ذلك أن الحكم الأجنبي يوجد وضعية لا يمكن تجاهلها من طرف المحاكم الوطنية أو عدم أخذها بعين الاعتبار.فبذلك فإن الحكم الأجنبي يصلح لأن يكون "سبباً صحيحاً" لاتفاقات و مراكز جديدة لاحقة عليه.فمثلاً الحكم بدين يمكن أن يكون سابقاً لاتفاق لاحق على كيفية تنفيذه،كالاتفاق على تقسيطه على آجال محدد،فهذا الإتفاقي مبني على الحكم الأجنبي بوصفه واقعة.و يعتبر اتفاقاً صحيحاً لا يمكن لأحد أطرافه الاحتجاج ببطلانه على أساس أن الحكم الأجنبي البني عليه الاتفاق لم يكن مشمولاً بالأمر بالتنفيذ.
  و نشير إلى أن "بارتن" يعبر أول من ناد بترتيب آثار على الحكم الأجنبي بوصفه واقعة.و قد استوحى ذلك من أحكام القضاء و من أهمها الحكم الصادر في 8 جوان 1928 .و تتلخص وقائعه في أن عاملاً أجنبياً تحصل على حكم بالتعويض من محكمة أجنبية عن حادث عمل وقع له بفرنسا.و لعدم رضائه بالتعويض المحكوم له به رفع دعوى جديدة أمام إحدى المحاكم الفرنسية.فعند تقرير هذه الأخيرة للتعويض المستحق له استنزلت منه التعويض المحكوم له به في الخارج،فرأى بارتن في هذا الحكم أن المحكمة الفرنسية قد وضعت الحكم الأجنبي موضع اعتبار ورتبت عنه بعض الآثار لا بوصفه حكماً و لكن بوصفه واقعة.

ثالثاً: أثر الحكم الأجنبي بوصفه سنداً.

 يمكن النظر إلى الحكم الأجنبي لا على أنه حكم و إنما على أنه وثيقة محررة من طرف سلطة عامة أجنبية،و هو بهذا الوصف يكون له أمام القاضي الوطني قوة الإثبات التي تكون لكل محرر حرر بالخارج،و يشترط لقبول هذا الأثر المتمثل في قوة الإثبات للحكم الأجنبي ألا يؤدي إلى منح الحكم الأجنبي الذي لم يشمل بالأمر بالتنفيذ حجية الأمر المقضي به.و يراد بقوة الإثبات الذي يتمتع به الحكم الأجنبي "أن يكون دليلاً على ما ثبت فيه من وسائل الإثبات كالإقرار و اليمين و سماع الشهادة و الانتقال للمعاينة و أداء الخبرة،و ما أثبت به من مضمون الأوراق و السندات".و لكن هذه القوة لا تمتد إلى ما استخلصه منها القاضي الذي أصدره،بل إنه يبقى للقاضي الوطني حرية تقدير ما أثبت في الحكم الأجنبي.[28]و الحكم الأجنبي كسند،يصلح لأن يستند إليه لاتخاذ الإجراءات التحفظية،كما يجوز التوقيع به حجز مال للمدين لدى قبل شموله بالأمر التنفيذ،حتى إذا ما رُفعت دعوى صحة الحجز وجب أن يكون الحكم قد استوفى قوته التنفيذية-لأن الحكم بصحة الحجز يتحول الحكم بمقتضاه من تحفظي إلى تنفيذي.
    الآثار المترتبة عن حكم فصل في دعوى التنفيذ ستختلف بحسب ما إذا تم منح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي أو تم رفض ذلك،في الحالة الأولى منح الصيغة التنفيذية يعني تقرير جميع الآثار التي يرتبها الحكم الأجنبي بمقتضى منطوقه دون أي تعديل،بحيث يصير قابلاً للتنفيذ في كل الإقليم الجزائري و يتم من أجل ذلك إتباع طرق التنفيذ المقررة في القانون الجزائري،حتى و إن لم تكن معروفة في القانون الأجنبي،أما في الحالة الثاني حيث يتم رفض طلب التنفيذ فإنه يكون للحكم القاضي بذلك حجية الشيء المقضي فيه بالنسبة للأطراف،و هو ما يمنع رفع دعوى تنفيذ من جديد،غير أن ذلك لا يمنع من إعادة رفع دعوى جديدة أمام القضاء الجزائري بخصوص نفس الموضوع الذي فصل فيه القضاء الأجنبي،فمثلاً يمكن في مجال العقود الدولية أن يرفع طالب التنفيذ الذي رُفض طلبه دعوى جديدة أمام القضاء الجزائري موضوعها هذه المرة الفصل في النزاع الخاص بالعقد على أمل أن يحصل على حكم قد يكون قريباً قدر الإمكان لما يكون قد حكم به القضاء الأجنبي من قبل. [29]



[1] : قضية "منزر" كانت نقطة التحول في تبني نظام المراقبة في سنة 1964 حيث كانت السيدة منزر تحوز على حكمين صادرين من محكمتين أمريكيتين صدر الأول في 1926 و الثاني في 1958،و التي طالبت بتنفيذهما في فرنسا موطن زوجها،و قد كان الحكم الأول يقضي بالتفريق الجسماني بين الزوجين و يفرض نفقة غذائية على زوجها،أما الحكم الثاني الصادر سنة 1958 فيتضمن إلزام السيد منزر بدفع المتأخر من النفقة لمطلقته،فرفع السيد منزر استئنافاً يطلب فيه إعادة النظر في الحكم بسبب أن النفقة المحكوم بها مرتفعة جداُ،فأصدرت محكمة استئناف "أيكس" حكمها بتأكيد الحكم المتعلق بالتفريق الجسماني،و لم تنظر إلى الحكم الخاص بالنفقة،و أسست حكمها على أنه يجب الحصول على الأمر بالتنفيذ،فضلاً عن خضوعه لنظام المراجع.و بعد استئناف هذا الحكم لدى محكمة النقض أصدرت حكماً في 7 جانفي 1964 أكدت فيه على أن القاضي يراقب الحكم و لا يراجعه،و ذلك من خلال خمس شروط تجسد من خلالها سلطة القاضي في فحص الحكم و السماح بتنفيذ.
[2] : أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص58، 59.
[3] :أعراب بلقاسم،مرجع سابق،ص- ص 60-62.
[4] :أعراب بلقاسم،المرجع السابق،ص  64 ،65.
[5] :أعراب بلقاسم،المرجع السابق،ص 66-67.
[6] :سهيل حسين الفتلاوي،مرجع سابق،ص 308، 309.
[7] : بن عصمان جمال،مرجع سابق.
[8] :القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[9] : بن عصمان جمال،مرجع سابق.
[10] : القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[11] : بن عصمان جمال،مرجع سابق.
[12] :عبد النور أحمد،مرجع سابق،ص 128،و ما يليها.
[13] : عبد النور أحمد،مرجع سابق،ص 128،و ما يليها.
[14] : القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[15] :عبد النور أحمد مرجع سابق، ص 130 و ما يليها.
[16] : القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[17] : القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[18] :بن عصمان جمال،محاضرات في القانون الدولي الخاص،السنة الثالثة قانون خاص،جامعة أبي بكر بلقايد،تلمسان،الجزائر،2014، 2015.
[19] :عبد النور أحمد،مرجع سابق،ص 110.
[20] :بن عصمان جمال،مرجع سابق.
[21] :عبد النور أحمد،مرجع سابق، ص 105 و ما يليها.
[22] :و يقدم الطلب وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 13، 14، 15 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية المتعلقة بالشروط الموضوعية و الشكلية لرفع الدعوى.
[23] : القانون رقم 08-09 المؤرخ 25 فبراير 2008 ،يتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
[24] :بن عصمان جمال،مرجع سابق.
[25] :عبد النور أحمد،ص 112.
[26] ،أعراب بلقاسم،مرجع سابق، ص 74.
[27] ،أعراب بلقاسم،مرجع سابق، ص 74.
[28] ،أعراب بلقاسم،مرجع سابق، ص 74.
[29] ،أعراب بلقاسم،مرجع سابق، ص 74.
اللوحة 1
اللوحة 2
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي